مستقبل اتفاق غزة والمرحلة الثانية: بين التحديات وآفاق الاستقرار الإقليمي


اتفاق غزة، لا سيما المرحلة الثانية منه، تجاوز كونه تفاهمًا مرحليًا أو إنسانيًا ليصبح اختبارًا استراتيجيًا للمنطقة بأسرها. فالنجاح في تنفيذ هذه المرحلة لا يعيد التوازن إلى القطاع فحسب، بل يشكل مفتاحًا لاستقرار الشرق الأوسط ومرجعية لإعادة رسم خارطة الثقة بين الأطراف الإقليمية والدولية. في المقابل، أي تأخير أو تعطيل قد يفتح الباب أمام تصعيد شامل يعيد إنتاج الصراع بأشكال أكثر تعقيدًا، ويضع الولايات المتحدة في موقف صعب أمام التزاماتها الاستراتيجية في المنطقة.
المرحلة الثانية: صمام الأمان للتهدئة
تعتبر المرحلة الثانية حجر الزاوية في تثبيت التهدئة وتهيئة الظروف لحل سياسي أوسع. وتشمل أهدافها الاستراتيجية:
تثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي تصعيد عسكري، لضمان استقرار القطاع والمناطق المحيطة.
ضمان وصول المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية بشكل مستدام إلى السكان، وهو أمر ضروري لمنع انفجار اجتماعي وسياسي.
وضع إطار سياسي وأمني واضح يمهد لخطوات مستقبلية نحو حل شامل للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
هذه المرحلة ليست منفصلة عن الاتفاقات السابقة، بل تمثل الركيزة الأساسية لاستدامة التهدئة. أي تأخر في التنفيذ قد يعيد إنتاج الصراع ويهدد المكاسب الإنسانية والسياسية السابقة.
التحديات الداخلية والتنفيذية التي تتهدد المرحلة الثانية وتواجه سلسلة من التحديات المعقدة:
ومنها التوازن بين القوى الإسرائيلية والفلسطينية، والتقلبات السياسية المحلية، مما قد تعرقل الالتزام الكامل بالاتفاق، ما يزيد من احتمالات التصعيد. مما يتطلب التنفيذ تنسيقًا دقيقًا بين جميع الأطراف لضمان الالتزام، مع مراقبة دقيقة لتجنب أي خروقات قد تضر بالاستقرار الإقليمي.
الآفاق الإقليمية والدولية
المجتمع الدولي، وخصوصًا الولايات المتحدة والدول الضامنة، يلعب دورًا حاسمًا في دعم تنفيذ المرحلة الثانية. تقديم الدعم اللوجستي والسياسي والإنساني يعزز الثقة بين الأطراف، ويحول دون انزلاق التوترات المحلية إلى صراعات إقليمية أوسع.
الانعكاسات الاستراتيجية على المنطقة
نجاح المرحلة الثانية سيترك أثرًا بعيد المدى: ، وتتمثل  في تعزيز فرص التهدئة وتقليل مخاطر التصعيد العسكري على المستوى الإقليمي ، ودعم مسارات الحوار السياسي طويلة الأمد، لمنع تحول النزاعات المحلية إلى أزمات إقليمية. ويساهم في بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتمهيد الطريق لتعاون إقليمي شامل.
أما أي فشل أو تأخير، فقد يؤدي إلى:
زيادة التوتر في غزة والمناطق المحيطة، مع احتمالات امتدادها إلى دول مجاورة. ويساهم في تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية، وإضعاف فرص الحل السياسي. مما يترك انعكاسات سلبية على صورة ومكانة الولايات المتحدة كلاعب أساسي في إدارة الصراعات بالمنطقة.
الرؤية المستقبلية
المرحلة الثانية ليست مجرد تنفيذ شكلي، بل محطة استراتيجية تحدد مسار المنطقة في السنوات المقبلة. الالتزام الكامل بها يخلق فرصة لتثبيت الاستقرار في غزة، وفتح أفق للحوار السياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويحد من خطر انزلاق الصراع إلى مواجهة أوسع تهدد الأمن الإقليمي.
ولا شك أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة تمثل اختبارًا حقيقيًا لإرادة جميع الأطراف في الالتزام بما تم الاتفاق عليه. النجاح فيها يتطلب تنفيذًا حازمًا، وتنسيقًا سياسيًا وأمنيًا مستمرًا، وفتح آفاق للحوار البناء. أي تعطيل أو تأجيل يشكل تهديدًا مباشرًا لمسار الاستقرار الإقليمي، ويضع مصداقية الولايات المتحدة كلاعب محوري على المحك. بالتالي، تعتبر المرحلة الثانية أساسًا لإعادة بناء الثقة، وتحقيق التهدئة المستدامة، وفتح أفق سياسي طويل الأمد يضمن أمن الشرق الأوسط واستقراره.