أزمة سياسية في البرازيل بسبب «صنادل».. معركة اليسار واليمين تتصاعد

لطالما كانت صنادل «هواياناس» رمزًا محبوبًا للثقافة البرازيلية على مستوى العالم، يرتديها الملايين يوميًا، لكنها الآن عالقة في صراع سياسي

وحتى مع الانقسامات السياسية التي مزّقت أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، كان حب البرازيليين لصنادل «هواياناس» أمرًا يتفق عليه معظمهم، فشعار الشركة يقول: «الجميع يرتديها.. الجميع يحبها»، لكن ذلك تغير فجأة حين وجدت الصنادل المفضلة نفسها في قلب عاصفة سياسية.

بدأت المشكلة مع حملة إعلانية جديدة لشركة «هواياناس» هذا الأسبوع، بمشاركة الممثلة البرازيلية الشهيرة فرناندا توريس. في الإعلان، دعت توريس البرازيليين بطريقة مرحة إلى عدم بدء العام الجديد «بالقدم اليمنى»، مستعيرة تعبيرًا شعبيًا للتوفيق، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».

وقالت توريس، البالغة من العمر 60 عامًا، والتي لمع نجمها عالميًا العام الماضي بأدائها في فيلم «أنا ما زلت هنا» عن الدكتاتورية العسكرية البرازيلية: «ابدأ السنة الجديدة بكلا القدمين — كلا القدمين في الباب، كلا القدمين على الطريق، كلا القدمين في اللعبة».

رد فعل المحافظين
كان رد الفعل من المحافظين البرازيليين سريعًا، فأصوات بارزة في اليمين، بمن فيهم أبناء الرئيس السابق جاير بولسونارو، اعتبروا أن الإعلان رسالة سياسية موجهة لحركتهم قبل انتخابات رئاسية مرتقبة.
وفي فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، دعا إدواردو بولسونارو، أحد أبناء الرئيس السابق، إلى مقاطعة الصنادل. وقال وهو يحمل زوجًا من صنادل «هواياناس» السوداء المزينة بعلم البرازيل الصغير: «كنت أظن أن هذه رمز وطني.. لكنني كنت مخطئًا»، وألقى بالصنادل في سلة المهملات.
وتعهد بعض حلفائه بالتحول إلى صنادل من شركات منافسة، أو حتى التخلي عن الصنادل البرازيلية التقليدية لصالح «كروكس».

ولم ترد «هواياناس» على أسئلة حول الانتقادات الموجهة لحملتها الإعلانية، ورفضت متحدثة باسم فرناندا توريس التعليق. وخلال جولاتها الترويجية للفيلم، أوضحت توريس موقفها المعارض لجاير بولسونارو.

تصاعد الجدل السياسي
وأشعل الجدل على الإنترنت الانقسامات السياسية المتأججة في البرازيل، والتي تصاعدت هذا العام بعد أن حكمت المحكمة العليا على بولسونارو بالسجن 27 عامًا بتهمة التآمر للانقلاب بعد خسارته الانتخابات الرئاسية السابقة. وقد قسمت محاكمته البلاد وأشعلت احتجاجات في اليسار واليمين.
ومنذ إدانته، يبحث نواب موالون لبولسونارو طرقًا لمنحه عفوًا أو تخفيف حكمه، مما أثار غضب العديد من البرازيليين الذين يرون أن هذه المحاولات تطيل من تاريخ الإفلات من العقاب في البلاد.

متظاهرون يحملون لافتة ضخمة تُصوّر الرئيس السابق جاير بولسونارو
ورغم إدانته، يبقى بولسونارو قوة سياسية بارزة في اليمين، ومن المتوقع أن يتحدى أحد أبنائه الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في انتخابات 2026. وأظهر استطلاع حديث أن نحو 40% من البرازيليين سيصوتون لـ«لولا»، بينما يعتزم ربع الناخبين التصويت لفلافيو بولسونارو، ابن الرئيس السابق.

الحملة الإعلانية وصنادل «هواياناس»
عرض الإعلان أول أيام الصيف في نصف الكرة الجنوبي، وقبل عيد الميلاد بأيام قليلة، وأثار حفيظة المحافظين البرازيليين الذين رأوا فيه محاولة مبطنة لدفع المواطنين لعدم التصويت لمرشحين من اليمين.
تم ابتكار صنادل «هواياناس» في البرازيل عام 1962 مستوحاة من صنادل الزوري اليابانية المصنوعة من قش الأرز. وبفضل رخص ثمنها ومتانتها، أصبحت شائعة بسرعة وتغلغلت في الحياة اليومية البرازيلية.

وتُباع اليوم حوالي 250 مليون زوج سنويًا في أكثر من 100 دولة، ويُطلق على الصنادل في البرازيل ببساطة اسم «هواياناس»، وتُملأ بها جوارب عيد الميلاد. وخارج البرازيل، أصبحت الصنادل عنصرًا مرغوبًا في الموضة، تظهر على أقدام عارضات الأزياء حول العالم.
وفي متجر «هواياناس» في ريو دي جانيرو هذا الأسبوع، تهافت المتسوقون أمام صفوف الصنادل الملونة، بعضها بسيط وصلب، وأخرى مزينة بأزهار أو طيور غريبة، وصنادل للأطفال عليها شخصيات مثل ميكي ماوس وكابتن أمريكا.

وفي الخارج، سخرت الدكتورة كريستينا جالفاو، البالغة 73 عامًا، وقالت: «الجميع يرتديها — لكن لن يفعلوا بعد الآن. نقاطعها لنظهر أن هذا الإعلان سخيف. إنها دعاية يسارية مخزية».
بينما قالت روسيليا موريرا، البالغة 49 عامًا، إنها لا ترى أي بعد سياسي للإعلان: «فجّرت الأمور من لا شيء. ارتداء الصنادل والاستمتاع بالشاطئ، هذه هي البرازيل».