من هو رئيس أركان الجيش الليبي محمد الحداد؟
عن عمر ناهز 59 عامًا، لقي أحد أبرز الشخصيات العسكرية الليبية الساعية لتوحيد المؤسسة العسكرية مصرعه و4 مرافقين، إثرتحطم طائرتهم أثناء عودتهم من أنقرة إلى بلادهم.
والثلاثاء، أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا الوصول إلى حطام الطائرة التي كانت تقل رئيس الأركان العامة الليبية و4 أشخاص آخرين.
وأوضح يرلي قايا في تدوينة على منصة "إن سوسيال” التركية أن عناصر الدرك تمكنوا من الوصول إلى حطام الطائرة على بعد 2 كم من قرية "كسيك كاواك” التابعة لقضاء هايمانا قرب أنقرة، إثر سقوطها بعد إقلاعها مساء الثلاثاء من مطار "أسن بوغا” في أنقرة نحو العاصمة الليبية طرابلس.
ومحمد الحداد المنحدر من مدينة مصراته غرب ليبيا وُلد عام 1966، والتحق بالكلية العسكرية في العاصمة طرابلس عام 1985 وتخرج منها.
وفي 2020، قام القائد الأعلى للجيش الليبي، رئيس المجلس الرئاسي السابق فائز السراج، بتنصيب الحداد رئيسًا للأركان العامة، وذلك وفق مراسم عسكرية أقيمت بمقر المجلس الرئاسي في طرابلس.
وكان ذلك بعد قرار أصدره السراج بصفته القائد الأعلى بترقية اللواء الحداد إلى رتبة فريق أول ركن، وخلف في هذا المنصب الفريق ركن محمد المهدي الشريف.
وقبل تعيينه رئيسًا للأركان، كان الحداد قائد المنطقة العسكرية الوسطى، وشغل أيضًا منصب قائد "لواء الحلبوص” أكبر الكتائب العسكرية في المدينة.
دور بارز
ومنذ تولي الحداد رئاسة الأركان إلى إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة مصرعه الثلاثاء، كان الراحل أحد الداعمين البارزين لتوحيد المؤسسة العسكرية.
واتضح هذا جليًا بعد 3 أشهر من توليه منصبه، حيث التقى الحداد قائد أركان قوات الشرق عبد الرازق الناظوري بمدينة سرت (شمال)، في خطوة فُسرت بأنها لإنهاء الانقسام بين قوات الغرب والشرق.
وداخليًا، شارك الحداد بفاعلية في أعمال اللجنة العسكرية المشتركة "5+5” التي تتألف من 5 أعضاء يمثلون المؤسسة العسكرية في غرب ليبيا التابعين لرئاسة أركان حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، و5 من قوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر.
وتجري هذه اللجنة منذ أعوام حوارًا لتوحيد المؤسسة العسكرية تحت رعاية الأمم المتحدة، في إطار متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بجنيف في أكتوبر/تشرين الأول 2020، والذي جرى التأكيد على استمراره في اجتماعات سابقة للجنة كان آخرها بمدينة سرت قبل عام.
ورغم انقسام المؤسسة العسكرية في ليبيا، إلا أنه لم يُسجل للحداد أي تصريح ضد الواقفين في الصف الآخر، وفق رصد لمراسل الأناضول.
وحرص الحداد على تقوية جيش ليبيا عبر علاقات عسكرية واسعة، لا سيما مع تركيا، حيث أجرى عدة زيارات رسمية، من بينها زيارة في أغسطس/آب 2021 شملت زيارة فرقاطة تركية قبالة السواحل الليبية، في إطار مهام بحرية تركية وبروتوكولية عسكرية.
وعام 2023 شارك الحداد في إرساء اتفاق عسكري مع إيطاليا لتدريب القوات الخاصة الليبية، والتقى في يوليو/تموز 2024 قيادات من القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكيوم”، باحثًا دعم توحيد المؤسسة العسكرية لبلاده وتعزيز أمن الحدود.
وبرز اسم الحداد خلال التصدي للهجوم على طرابلس عام 2019، إضافة إلى مشاركته في احتواء عدد من الصراعات العسكرية التي شهدتها العاصمة ومناطق في غرب ليبيا، ما جعله من الشخصيات المؤثرة في المشهدين العسكري والسياسي داخل حكومة الوحدة الوطنية.
محطة أخيرة
ذلك التوهج الذي كان يعيشه الحداد انطفأ مع مصرعه مع 4 مرافقين له إثر حادث أليم أثناء عودتهم من أنقرة.
وقال الدبيبة في تدوينة عبر حسابه بمنصة "فيسبوك”: "ببالغ الحزن والأسى، تلقّينا نبأ وفاة رئيس أركان الجيش الفريق أول ركن محمد الحداد ومرافقيه، رئيس أركان القوات البرية الفريق ركن الفيتوري غريبيل، ومدير جهاز التصنيع العسكري العميد محمود القطيوي، ومستشار رئيس أركان الجيش محمد العصاوي دياب، والمصور بمكتب إعلام رئيس الأركان محمد محجوب”.
وأوضح أنهم لقوا مصرعهم "إثر فاجعة وحادث أليم أثناء عودتهم من رحلة رسمية من مدينة أنقرة التركية”.
وأشار الدبيبة إلى أن "هذا المصاب الجلل خسارة كبيرة للوطن وللمؤسسة العسكرية ولجميع أبناء الشعب، إذ فقدنا رجالًا خدموا بلادهم بإخلاص وتفانٍ وكانوا مثالًا في الانضباط والمسؤولية والالتزام الوطني”.
وتقدم بـ”أحر التعازي وصادق المواساة” إلى أسر الضحايا وإلى رفاقهم في القوات المسلحة، سائلًا "العليّ القدير أن يتغمّدهم بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يلهم ذويهم ومحبيهم الصبر والسلوان”.
كما أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الحداد الرسمي في عموم البلاد لمدة 3 أيام، وقالت إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة وجّه وزارة الدفاع بإيفاد وفد رسمي إلى أنقرة للوقوف على ملابسات الحادثة.