اخبار البلد
لم أُُصدّق حتى عصر أمس الأول أن صديقي الفنان جلال الرفاعي قد مات. فقد كان يتمتع بصحة وروح جيدة. وكان حريصا ومنذ سنوات على ممارسة رياضة المشي الصباحي. لكنها إرادة الله.
علاقتي بالفنان الراحل بدأت منذ التحقتُ بـ «اسرة الدستور». وجمعنا الفن والإبداع وحب الحياة والجمال. كنت يوميا أذهب الى «غرفته» وأتأمله وهو يرسم الشخصيات قبل ان يضع عليها التعليقات، وكأنه كان يدينها أو يمتدحها.
وانتقلت علاقتنا الى الشوارع وبيوتنا وكنت أول شخص أزوره في «عيد الفطر وعيد الأضحى» تحديدا. وحتى في مناسبات العزاء، كان كل منا يذكّر صاحبه «بالواجب» ونذهب معا.
جلال الرفاعي، وقبل ان نتزامل في «الدستور» ومن ثم نصبح أصدقاء، كنتُ معجبا برسوماته وفنه وتجربته وكم جمعتنا «صفحات» في «الدستور». فكان يرسم وكنتُ أكتب ساخرا.
كنتُ معجبا بأناقته وكنتُ أُسمّيه «الجنتلمان». وكان قد من أخذ من بلاد الإنجليز حيث عاش ودرس، أجمل ما لديها «دقة المواعيد والأناقة».
كان يحب فن «الكاريكاتير» ويتمنى ان يظهر جيل من رسامي ورسامات هذا الفن الجميل والخطير. وأفرد صفحات أسبوعية واكتشف مبدعين ومبدعات، صاروا
«نجوما» الآن وتتصدر رسوماتهم المجلات والصحف العربية.
أمس الأول ذهبتُ الى بيته ولقيت اخوته وأهله. ولم أمالك نفسي وخذلتني دموعي حين رأيت شقيقاته يبكين. احتضنتُ ابنه وتذكرتُ «صديقي» الذي مات وهو يقرأ
«الدستور» في الساعة التاسعة صباحا.
كان بيننا موعد لم يتم.
فقد أجلنا زيارة أحد الأصدقاء، بسبب سفره الى « تونس»، التي عاد منها منذ اسبوع.
يا الله.. وكأن الله قد أراد ان يموت جلال» في بيته وفي كامل عافيته وهو يمسك بالصحيفة التي أحبّ «الدستور».
قال أخوه: لم يكن يشكو من مرض أو أي عارض صحيّ. مات فجأة بعد قام بمشواره الصباحي قبل ان يعود الى بيته ويطلب «فنجان النسكافيه» المعتاد.
عاش محبا للحياة ومات كذلك.
لك الرحمة ايها «الجنتلمان»
لك الرحمة يا صديقي!.