اخبار البلد_ كشفت مصادر سياسية أردنية أن الأردن طلب من المملكة العربية السعودية
مساعدات لهذا العام بقيمة ثلاثة مليارات دولار لتجاوز أزمته الاقتصادية
المتفاقمة، في حين تحدث محللون عن أهداف سياسية، إضافة إلى الأهداف
الاقتصادية وراء هذه المساعدات.
وحسب المصادر نفسها فإن الطلب جاء خلال زيارة قام بها العاهل الأردني عبد
الله الثاني للسعودية قبل أسابيع، وأن السعودية لم ترد بالموافقة أو الرفض
حتى الآن.
وزار وزير الخارجية الأردني ناصر جودة السعودية السبت والتقى العاهل
السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وربطت مصادر سياسية بين الزيارة
وانتظار الأردن للمساعدات السعودية لإنقاذ وضعه الاقتصادي.
وتعتبر السعودية الداعم الأول للموازنة الأردنية، ولعبت دورا مركزيا في
إنقاذها من العجز المتفاقم خلال السنوات الماضية، لاسيما العام الماضي الذي
شهد انطلاق الثورات العربية حيث حولت الرياض إلى عمان 1.4 مليار دولار
مساهمة منها في التغلب على عجز الموازنة.
وجاء التوجه الأردني نحو السعودية في وقت تستعد فيه الحكومة لاتخاذ إجراءات
لرفع أسعار سلع وخدمات أساسية وضرائب، وهي الإجراءات التي يحذر اقتصاديون
من أنها ستؤدي إلى موجة غلاء ستؤثر على مختلف قطاعات المواطنين، وربما تضعف
قدرة قطاعات صناعية على الاستمرار.
تقشف وضرائب
واتخذت الحكومة الأردنية السبت قرارات بتخفيض رواتب أعضائها بنسبة 20%، كما
قررت حزمة إجراءات تقشفية تهدف لتوفير نحو 600 مليون دينار (847 مليون
دولار) استباقا لقرارات رفع الأسعار المرتقبة.
وتروج الحكومة لموجة الزيادات الجديدة باعتبارها ضرورية لتجاوز العجز الذي
صرح وزير المالية قبل أيام بأنه قد يصل إلى ثلاثة مليارات دولار، إضافة
للتحذير من أن يقفز الدين العام من 20 مليار دولار حاليا إلى أكثر من 24
مليار دولار لتقترب نسبته من 80% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر،
متجاوزا الحد الآمن المسموح به بعشرين نقطة.
وتواجه سلطات عمّان تحذيرات من تفاقم الأوضاع في الشارع بسبب هذه القرارات،
أبرزها ما جاء في تقارير أمنية وخاصة من جهاز المخابرات العامة، الذي حذر
من أن قرارات رفع الأسعار ستؤدي إلى زيادة في الحراك المعارض في الشارع قد
تصل حد الاضطرابات.
ويتحدث سياسيون واقتصاديون عن صراع بين المنظورين الأمني والاقتصادي، ومنه
المتعلق بكيفية إدارة الأزمة الاقتصادية، حيث يتحدث سياسيون عن أن صناع
القرار مقتنعون بعدم الذهاب بعيدا في الإصلاح السياسي وهو ما يضغط لعدم
اتخاذ قرارات كبرى اقتصاديا.
بين فكي كماشة
الاقتصادي الأردني ورئيس الديوان الملكي الأسبق جواد العناني يرى أن الأزمة
الاقتصادية في الأردن تتفاقم وأنها تضع الحكومة بين فكي كماشة، وهما رفع
الأسعار والتعامل مع الحراك الرافض لها في الشارع الذي يطالب باستعادة
أموال الفاسدين لتكون حلا للأزمة.
وقال العناني في تصريح "للجزيرة نت" في التقرير الذي أعده الزميل محمد
النجار إن "الحكومة تلجأ إلى أسلوب يعالج الأزمة بشكل صحيح اقتصاديا، من
حيث تخفيف الدعم ورفع الأسعار وتقليل النفقات وإيقاف التوظيف وغيرها من
الإجراءات التي تأتي في زمن صعب وقد لا يقبلها الناس الذين يرون أن الحل
سياسي لا اقتصادي".
وفي رأي العناني أن الحل في الأردن يجب أن يمزج بين السياسي والاقتصادي في
الوقت ذاته، وأن الناس يمكن أن تقبل بحلول اقتصادية صعبة إذا شعرت بأنها
تشارك في اتخاذ القرار "لذا فإن إقناع الناس بحزمة الإجراءات يبدأ باتخاذ
قرارات يوافقون عليها في الإصلاح السياسي كمقدمة للحل الاقتصادي".
ضغوط ومحاذير
أما المحلل السياسي محمد أبو رمان فيقول إن الحكومة تعيش تحت ضغط نقص
الموارد بشكل حاد وقرب استقبالها لبعثة من البنك الدولي للاطلاع على قرارات
رفع الأسعار والخدمات وغيرها، بعد أن حذر البنك من أزمة ربما تكون أسوأ من
أزمة انهيار الدينار الأردني عام 1989، التي احتاجت البلاد 20 عاما
لتجاوزها.
وعن توجه الأردن نحو السعودية لإنقاذ الأزمة المتفاقمة يرى أبو رمان أن
"الأردن يعتمد على المساعدات السعودية لإطفاء حرائق أزماته، وهي المساعدات
التي كان لها الدور الكبير في الاستقرار السياسي في المملكة".
ولا يخفي أبو رمان أن هذه المساعدات "تؤكد تماهي الأردن مع الأجندة
السعودية التي تسعى لفرملة المسار نحو الإصلاحات الجذرية في الدول الملكية،
ومنع وصولها لحالة من الديمقراطية الكاملة ووصول عدوى الثورات لهذه
الدول".
والوجه الآخر لهذه المساعدات هو الصراع السعودي الإيراني المنعكس حاليا في
الملف السوري كما يقول أبو رمان، الذي يضيف أن عَمان لم تتعرض حتى الآن
لضغوط سعودية جدية بخصوص الملف السوري "حيث تخشى السعودية من اشتعال الساحة
الأردنية على غرار السخونة التي تشهدها الساحة اللبنانية حاليا بفعل
الأزمة