لماذا كانت الملكة رانيا حزينة؟!

اخبار البلد_ ماهر ابو طير_ قصة المعاقين في البلد،فجرّت الشجاعة في الساكتين،والكل يروي مالديه من معلومات هذه الايام حول مراكز الايتام،ومراكز المسنين،ومراكز الاحداث ايضاً،والمهم أن تؤسس الحكومة شبكة اتصال آمنة للمواطنين لتقديم شهاداتهم،بعيداً عن الهّبة الموسمية. البلد ليست كلها خاربة،حتى لانلطم وجوهنا بأيدينا،وحتى لانغرق في مبالغات،فما زالت هناك سماوات مضيئة على مستويات عدة.

قبل أيام سألت الملكة عما تشعر به ازاء مابثته قناة «البي بي سي» حول مراكز المعاقين،فقالت يومها انه أمر مؤسف جداً هذا الذي يحدث،وان الحقائق لابد ان تنكشف خلال ايام،مشيرة الى تدخل الملك في الملف وزيارته لبعض المراكز،وتأثره الشديد بالقصة. الحزن كان مرتسماً على محياها خلال ردها على السؤال،هذا على الرغم من جولتنا على مبادرات عدة ناجحة مرتبطة باهتمامات الملكة،من صندوق الامان للايتام،مدرسة في ماحص تستفيد من مبادرة مدرستي،وجائزة الملكة رانيا،ومركز تدريب المعلمين.

مبادرة مثل مدرستي مهمة جداً،اذ تخضع مئة مدرسة سنوياً لتحسينات على مستويات عدة،وبفضل أموال المتبرعين يتم احياء هذه المدارس وتحسين ظروفها على مستوى الطلبة ايضاً.

احدى الطالبات وتسكن منطقة شعبية حدثتنا بجرأة نادرة عما استفادته من هذه البرامج،وجهاز «اللاب توب» الذي تحمله،وّفر لها قيمة ذهنية اضافية،وهي ذات القيمة المعنوية التي حازها لاعب آخر على مستوى الجوائز الرياضية،وعلى مستوى اللياقة ايضاً. هذا يثبت ان الانسان عطش للتحسين والمعرفة،ومارأيناه على مستوى الطالب،رأيناه على مستوى المعلمين والمعلمات والمدراء فيما يخصهم من معايير وترفيعات وجوائز،على اساس تدريب علمي رفيع المستوى يؤهل هؤلاء للتعامل مع الطلبة.

المبادرة اللافتة للانتباه ايضا،صندوق الامان للايتام،اذ يوفر فرصا لتعليم الايتام من خريجي دور الرعاية،ومن الايتام ممن يعيشون في بيوتهم،وهذا مشروع بارز للغاية،يصب مع اشقائه في المشاريع الاخرىباتجاه الحرب على الجهل والضياع والتراجع.

«احمد» يتيم روى بمرارة سرقت وجدان المستمعين كيف اشتغل في عشرات المهن،دون ان يتعلم،وكيف عانى من نظرة الناس الى يتمه،حتى انتشله صندوق الامان،وهواليوم في سنته الثالثة في الجامعة.

هذه المشاريع لاتحظى بمتابعة تحفيزية كما يجب في الاعلام،بغير الخبر العادي،على الرغم من منجزها،لان بعضنا يعتقد ان التركيزعلى المبادرة سيأخذنا بالضرورة للتركيز على صاحب المبادرة،وهو امر قد لاتريده ذات الملكة بالطريقة العربية المعتادة.

ماهو أهم ان نعتاد جميعاً على امرين،الاول تقدمة المشاريع باعتبارها ذات روح عامة،قبل ان تكون رمزية تمنح صاحبها حضوراً خاصاً،قد لايكون بحاجة اليه اساساً،والثاني ان تستديم هذه المشاريع بآلية داخلية دون حاجتها كل فترة الى المتابعة الشخصية. هذان العنصران سيوفران فرصة كبيرة لخلق مشاريع جديدة،بدلا من البقاء عند مدارات محددة بسقوف محددة سلفاً طوال العمر.

ماتراه على الارض يثبت ان اولوية الناس تتلخص بالاصلاح الاجتماعي والتربوي قبل السياسي،وهذا امر واضح كالشمس،والاستقصاء المباشر،لعينات مختلفة من المستفيدين من هذه البرامج يثبت ان مايهم الناس اصلاح حياتهم قبل الترف السياسي.

سبب هذا الكلام ان عطش الناس للتعليم والتطوير،يفوق بكثير كل الشعارات السياسية المباعة في شوارع عمان وغيرها،والوقت الذي يهدره البلد على قصص كثيرة كان الاولى ان يتم تخصيصه حيث يجب ان يكون.

حزن الملكة كان منبعه الاول حزن الملك،على الاطفال المعاقين،ولان الفاجعة في قصة المراكز غطت على كل شيء،فقد ارادت الملكة ان تروي للناس وجهاً مضيئاً من وجوه حياتنا،لان لدينا ادلة كثيرة على نجاحات تستحق ان ُتحكى.

مااسهل لعن الظلام ومااصعب اشعال الشموع!.