أوضاع مجالس إدارة الشركات !

اخبار البلد 
جاءت التصريحات المقتضبة لرئيس الوزراء فايز الطراونة حول دراسة أوضاع مجالس إدارة الشركات , على خلفية تصاعد الإحتجاجات العمالية في شركات كبرى في مقدمتها البوتاس , ما يستوجب إبداء ملاحظات عدة حول التدخل الحكومي المفترض وهو ما له أوجه عدة كما أن له محاذير عدة كذلك .
يجدر بالملاحظة أن الإعتصامات , إندلعت في شركات رابحة , يتمتع الموظفون فيها بإمتيازات لافتة على مدى السنوات الأخيرة , خصوصا بعد أن إنتقلت الإدارة فيها من حكومية صرفة الى يد القطاع الخاص , بعد خصخصة جزء من أسهمها , ما يطرح تساؤلات حول مشروعية هذه الإعتصامات من عدمها , وما إذا كانت عمالية صرفة أم أن لها أبعادا سياسية , تغذت من الحملة المضادة التي شنها سياسيون على برنامج الخصخصة .
لن نستبق الحكم على شكل التدخل الحكومي المرتقب , لكنّ مثلا صارخا , يجري اليوم على وقع التطورات المثيرة في شركة الفوسفات , بعد أقل من شهر على تغيير رئاسة إدارتها بعد إستقالة الرئيس السابق لمجلس إدارتها , وتولي رئيس معين من قبل الحكومة , فالإحتجاجات ضد الإدارة الجديدة إستؤنفت رغم أنها أي الإدارة سعت الى بشكل أو بآخر الى التناغم مع موجة حقوق العمال والمواطن والمساهم , فهل يعني ذلك أن لمثل هذه الإحتجاجات اسبابا ودوافع تتجاوز شعارات المطالبة بالحقوق التي ترفعها وأنها لا تحفل بشكل الإدارة ؟.
مثل ذلك كان قد حدث عندما إستيقظ قدامى المتقاعدين في شركة الإسمنت الأردنية فجأة , لإستدراك حقوق بأثر رجعي زعموا أنها فاتتهم وقد كانوا قبل عشر سنوات حصلوا عليها وقبلوا بها , لكن الإسمنت اليوم هادئة على صعيد الإحتجاجات لكنها ليست متعافية على صعيد الأداء المالي , وإن كانت خيوط تلك الإحتجاجات كانت متداخلة بين ما هو بيئي , وما يتعلق بمطالب ترحيل المصنع , للبدء بتقاسم الأراضي وللأخيرة قصة واسباب مختلفة .
نراقب سلوك الموظفين في شركة البوتاس وقد تمدد على وقع شعار لي الذراع في ظل الإستقواء الذي تنامى في غفلة من الحسم الحكومي بحجة عدم الإشتباك مع المحتجين المحقين منهم وغير المحقين في ظل الربيع العربي الذي مازال منتشيا فتقليد الربيع العربي في قضايا ليست محقة فيه إسقاط يبدو فارغا إذا ما تعلق بمطالب غير قانونية , فهل إزالة مظلمة يعني تغييب القانون وإستبدال القنوات القانونية بسد الطرق وربط بوابات الشركات والدوائر بالجنازير والإعتداء على المدراء واخراجهم من مكاتبهم , لتحل « القناوي والعصي « كلغة إبتزاز سائدة . 
تغيير إدارات الشركات , لا يتم في الشارع ولا يخضع لأمزجة حفنة من الموظفين , بل له أدوات , أهمها القوانين وسيطرة حصص الملكية , وقبل ذلك معايير الكفاءة والخبرة والتخصص , بعيدا عن تسييس المناصب , على قاعدة الإسترضاء وجوائز الترضية , وكسب الولاءات .
أخيرا , لا ننكر على العاملين أو المتقاعدين في الشركات حقهم في تحسين أوضاعهم بالنظر الى تحسن أداء هذه الشركات لكن لتحقيق ذلك ثمة وسائل , أهمها القنوات النقابية وهي غائبة حتى الآن , فما يجري لم يكن ليتمتع بمثل هذا الإستقواء لو لم يجد تغذية من تيار وجد غطاء رسميا لتجريمها في سياق نقد برنامج الخصخصة على وقع شعارات إستعادة الثروات الوطنية !!.