تنامي تعاون إسرائيليين مع المخابرات الإيرانية يثير قلق الشاباك

كشف الإعلام الإسرائيلي، اليوم الخميس، أن جهاز المخابرات العامة في إسرائيل (الشاباك) توجّه إلى السلطات المحلية في منطقة تل أبيب، مستعينًا بها للمشاركة في توعية السكان في ظل استشراء ظاهرة تعاون إسرائيليين مع المخابرات الإيرانية لأغراض تجسس.

وفي السياق نفسه، قال تقرير نشره موقع القناة العبرية 12 إن جهاز الشاباك يرصد إسرائيليين استجابوا لتوجهات من جهات إيرانية وبدأوا بالتعاون معها عبر تنفيذ مهام تجسسية مقابل المال. وفي الحالات المعروفة للأجهزة الأمنية، تورط في هذه الظاهرة أيضًا عسكريون، وطلاب متفوقون في جامعات مرموقة، ورجال أعمال معروفون.

ويعتقد الشاباك في معظم الحالات أن الإسرائيليين المتورطين لا يعتزمون "التجسس” لصالح الإيرانيين أو مساعدتهم فعليًا، بل يسعون فقط إلى كسب المال عبر محاولة "خداعهم” بتلفيق مهام غير حقيقية والحصول على المال السهل دون الإضرار بأمن الدولة. ووفق التقرير، توجّه الشاباك إلى عدد من السلطات المحلية ليمنح فرصة للمتورطين الذين بدأوا بالتواصل مع جهات معادية، من أجل إنهاء هذه العلاقات وتجنب إجراءات جنائية خطيرة ضدهم.

وعلى خلفية طلب الشاباك، نشر رئيس بلدية بات يام، تسفيكا بروت، بيانًا دعا فيه سكان المدينة قائلاً: "إذا كنتم على اتصال مع جهات معادية أو تعرفون شخصًا يفعل ذلك، فهذا هو الوقت للاعتراف”. وبحسب بروت، فإن الشاباك يعلم بوجود سكان في المدينة متورطين في قضايا تجسس لم تُكشف بعد: "نعلم بوجود سكان من المدينة يعرضون ليس فقط أمن إسرائيل للخطر، بل أيضًا مستقبلهم الشخصي. هذه مخالفات خطيرة جدًا، ومن يُعتقل على يد الشاباك سيتسبب لنفسه بأذى لا يمكن إصلاحه. هدفنا حاليًا هو منعهم من ارتكاب هذا الخطأ”.

ويضيف التقرير أنه منذ نشر بيان رئيس البلدية، تلقت بلدية بات يام توجهات من عدد من المواطنين الذين يعترفون بعلاقات مع جهات أجنبية ويطلبون إنهاء هذه الاتصالات قبل أن تكون لها تبعات.

وقال مصدر أمني للقناة العبرية إن هناك "ارتفاعا كبيرا، وهذا مقلق جدًا”. وأضاف أن أعلى نسب التورط في العلاقات مع الإيرانيين تُسجَّل داخل جهاز التعليم: "في الواقع، الإيرانيون ينشطون كثيرا تجاه طلاب يمكنهم العمل لصالحهم مقابل المال، ويبدو أن هناك زيادة كبيرة في عدد الشباب الذين بدأوا بالتعاون مع تلك الجهات”. وتابع: "الناس لا يفكرون بعمق عندما يلتقطون صورة لمركز تجاري موجودة أصلاً على الإنترنت، ويعتقدون أنهم يخدعون الإيرانيين ويحصلون على المال. لكن ما لا يفهمونه هو أن هذا شكل من أشكال التعاون الخطير جدا، الذي يضر بأمن الدولة، وما يبدأ بطلب صورة يتطور لاحقًا إلى مهام أسوأ بكثير”.

ويشار إلى أنه في الأسبوع الماضي، قالت مجموعة الهاكرز الإيرانية "خندلة” إنها نجحت في اختراق أنظمة مرتبطة بالأبحاث النووية في إسرائيل، وإنها حصلت على بيانات شخصية لعالم نووي إسرائيلي، وأرسلت إلى سيارته باقة زهور مرفقة برسالة شخصية.

وقدّمت النيابة الإسرائيلية العامة، اليوم الخميس، لائحة اتهام إلى محكمة بئر السبع المركزية ضد أمير مالكا (36 عاما)، وهو مواطن يهودي من عسقلان، بعد تواصله مع عميل إيراني وتنفيذه مهام مختلفة له مقابل أجر. وتشير لائحة الاتهام إلى أن مالكا تواصل مع مسؤول استخبارات إيراني ونفّذ سلسلة مهام بناءً على طلبه للحصول على عملات رقمية. وفي إطار هذه الاتصالات، وثّق مالكا الإجراءات التي قام بها وأرسل الوثائق إلى العميل الأجنبي عبر تطبيق تيليغرام.

وحسب لائحة الاتهام، تلقى مالكا في يونيو/حزيران 2025 رسالة على تيليغرام نصّها: "التعاون مع إيران يمكن أن يحقق السلام والأمن في المنطقة… لمزيد من التفاصيل، تواصل مع بوت تيليغرام…”. وبعد النقر على الرابط، تلقى رسالة أخرى: "شكرًا لك على تواصلك مع جهاز المخابرات الإيراني… يُرجى ترك رقم تيليغرام الخاص بك”. بعد ذلك بوقت قصير، تواصل معه عميل أجنبي قدّم نفسه بتفاصيل وهمية وطلب معلومات شخصية. امتثل مالكا، وفتح محفظة رقمية، وأرسل موقعًا.

لاحقا، ووفقا لتعليمات العميل، صوّر مالكا علبة سجائر بداخلها ملاحظة ودفنها في سلة مهملات في مكان محدد. وفي مرة أخرى، طُلب منه شراء زجاجة عرق ووضعها في مكان معين. وفي الحالتين أرسل مالكا للعميل موقعًا غير صحيح.

وفي إحدى المرات، ادعى مالكا أنه يستطيع عبور الحدود إلى مصر. طلب العميل إثباتًا، فأرسل له نقاط طريق مزيفة كما لو كان في الأراضي المصرية، ووثّق موقع بناء كدليل مزعوم على عبوره الحدود. كما أرسل موقعًا آخر يُحاكي التقدم سيرًا على الأقدام داخل مصر. وخلال هذه الفترة، طُلب من مالكا عدة مرات أخذ طرد من مصر ودفنه في إسرائيل، لكنه رفض.

كما فتح مالكا عدة حسابات إضافية على تيليغرام لتمكينه من إعادة الاتصال بالعميل بهويات مختلفة، حتى إنه أعاد توجيه رسالة التجنيد إلى نفسه. وفي أكتوبر الماضي، نقر مالكا على رابط تجنيد من حساب آخر، فتواصل معه عميل أجنبي جديد. قدّم مالكا وصفا ذاتيا زائفا، ورفض إرسال نسخة من هويته أو تنفيذ المهام الإضافية التي طلبها العميل. وفي المجمل، تلقى مالكا 4225 دولارًا مقابل خدماته.

ووُجهت إلى مالكا تهمة التواصل مع عميل أجنبي، وتم التحقيق في القضية من قِبل الوحدة المركزية في منطقة القدس وجهاز الأمن العام (الشاباك).