“تل أبيب” تريد قوة سلام على مقاسها لفرض التقسيم ميدانياً
بكل غطرستها وغرورها تريد دولة الاحتلال من العالم التحول إلى أداة وقوة لحمايتها وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه في الحرب الوحشية على قطاع غزة، وعبر مشروع في ظاهره أمريكي لكنه صهيوني في محتواه وأهدافه.
دولة المرتزقة تريد قانوناً على مقاس مصالحها فهي تضغط باتجاه السماح للقوة الدولية المقترح تواجدها في قطاع غزة باستخدام السلاح لحماية المدنيين وفق التعريف الإسرائيلي للتهديدات، وتريد من مجلس الأمن تفويضاً لتل أبيب يحدد الدول المشاركة في القوة، ما يمنحها قدرة غير مباشرة على تشكيل هذه القوة ووجهتها.
ما يطلبه الاحتلال ليس "قوة حفظ سلام” كما يُسوّق بل قوة إنفاذ تقوم فعليا بمهام الاحتلال، تكمل ما عجز عنه جيشه في الميدان لكن هذه المرة وبغطاء دولي.
من الواضح أن الهدف الحقيقي هو إنشاء احتلال متعدد الجنسيات يعمل بوظيفة أمنية خالصة لخدمة المشروع الإسرائيلي داخل غزة.
هذا التحرك يأتي متطابقا مع ما كشفته وثائق صحيفة "الغارديان” البريطانية عن الخطة الأمريكية لتقسيم غزة إلى "منطقة خضراء” قابلة لإعادة الإعمار تحت الرقابة الدولية والإسرائيلية، و”منطقة حمراء” تُترك مدمرة وخاضعة لسيطرة المقاومة.
التفويض الذي تطالب به دولة العصابة الإجرامية عبر البند السابع هو الآلية القانونية والعسكرية لفرض هذا التقسيم ميدانيا، حيث تصبح القوة الدولية مسؤولة عن حماية المناطق شرق الخط الأصفر، أي تثبيت السيطرة، ومنع أي وجود عسكري فلسطيني هناك.
وبهذا الشكل تتحول القوة الدولية إلى أداة لترسيم حدود الأمر الواقع، وتثبيت نموذج غزة المقسّمة: غزة شرقية خاضعة للرقابة الدولية، وغربية محاصرة ومهمّشة.
ما يجري ليس مجرد ترتيبات أمنية بل هو إعادة هندسة جغرافية وسياسية لغزة بقرار دولي وتوقيع إسرائيلي.
هيئة البث الإسرائيلية تقول بأن حكومة بنيامين نتنياهو تقوم بتحركات من أجل أن يكون تفويض مجلس الأمن للقوة المرتقب نشرها في قطاع غزة واسعا، ويسمح لها بالعمل بقوة ضد حركة حماس بهدف نزع سلاحها.
وتأتي التحركات الإسرائيلية قبيل التصويت المتوقع بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي غداً الاثنين.
دولة المرتزقة تطالب بأن يكون التفويض الممنوح لقوة الاستقرار الدولية وفق البند السابع، ويمنح البند السابع القوة الدولية صلاحيات واسعة؛ إذ إن تشكيلها لا يتطلب موافقة كل الأطراف، كما تملك الحق في تطبيق النظام والأمن بالقوة العسكرية، وأن تستخدم السلاح للحفاظ على المدنيين وتجريد المجموعات المسلحة من أسلحتها، فضلا عن التفويض الممنوح لها للقيام بمبادرات على الأرض لمنع أي تصعيد.
وقد أعدت الولايات المتحدة مشروع القرار الخاص بالقوة الدولية والمطروح أمام مجلس الأمن الدولي استنادا إلى خطة ترامب المكونة من 20 بندا لوقف الحرب في قطاع غزة، ويفترض بهذه القوة أن تحل محل جيش الاحتلال الإسرائيلي فور دخولها القطاع.
الحديث يدور حاليا على نشر 20 ألف جندي من دول مختلفة سيعملون لمدة عامين بحد أقضى قبل أن تنتقل إدارة القطاع لمجلس السلام الذي سيترأسه ترامب بنفسه.
ولا يخلو القرار المرتقب من خلافات عربية أميركية، حيث يود القادة العرب والمسلمون النص صراحة على إقامة الدولة الفلسطينية، في حين لا تريد الولايات المتحدة ودولة الاحتلال هذا.
سعي العرب والمسلمين لوقف الإبادة في قطاع غزة، لكن رغبة ترامب في إنقاذ صورة الاحتلال عالميا كان سببا في حالة الضبابية التي سيطرت على المشهد بعد سريان الاتفاق.
ومن المستبعد وضع قرار تحت البند السابع لمجلس الأمن لأنه يعني أن الولايات المتحدة ستكون هي المعنية بردع دولة الاحتلال، لأنه ينص على التدخل العسكري لمواجهة الخروقات في حين أن الدول التي ستشارك في القوة الدولية تسعى بكل الطرق لعدم الاشتباك مع الفلسطينيين.
كما تحاول هذه الدول العمل بعيدا عن البند السابع حتى لا تصبح معنية بنزع سلاح حماس والدخول في مواجهات نيابة عن الدولة المنبوذة،
الفصائل لن تكون عقبة أمام قرار محتمل، وستواصل العمل بجدية مع القوى العربية والإسلامية لإنهاء العدوان، وترتيب إدارة القطاع فلسطينيا، والدفع نحو مسار سياسي حقيقي بإطار زمني وبضمانات لمسار الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو ما ستفشله تل أبيب لاحقا.