زمار الحي لا يطرب.


يُقال "زَمّارُ الحيّ لا يُطرِب”… وللأسف، هذا المثل بات ينطبق على معظم مناحي حياتنا في وطننا الحبيب. فمن خبرتي المتواضعة، خصوصًا في المجال التقني، نرى ونسمع ما لا يُطاق. تجد من يصفون أنفسهم "خبراء”، يحملون لغة أجنبية وربما عيونًا زرقاء، يتم استقطابهم لوضع خارطة الطريق لمشاريع كبرى، ويُدفع لهم من الأموال بالعملة الصعبة ما يكفي لبناء فرق وطنية كاملة… في الوقت الذي يقف فيه أبناء الوطن—خبراء حقيقيون، مشهود لهم في المحافل الدولية—خارج دائرة الضوء فقط لأنهم لا يطربون.

نرى المؤتمرات التقنية تُقام، وتُنفق عليها الميزانيات، وتُوجّه الدعوات لأسماء من خارج البلاد، بينما يقف أبناء وبنات الوطن أصحاب الإنجازات الحقيقية على الهامش، دون أن يحصلوا على فرصة عادلة. والأغرب من ذلك، أنك تجد نفس هؤلاء الشباب والشابات يُدعون سنويًا إلى مؤتمرات عالمية، ويكون لهم فيها حضور بارز وأدوار فاعلة، لكن عندما يعقد نفس المؤتمر على أرض الوطن… تتم دعوتهم من الخارج، ويتفاجأ المنظمون—وهم من أبناء جلدتنا—حين يرونهم أمامهم!

إلى متى سنبقى أسرى لفكرة أن القادم من الخارج أعلم، وأن صوت ابن البلد لا يطرب؟ إلى متى نعطي زمام التكنولوجيا لغير أهلها ثم نستغرب تراجع مؤشراتنا الرقمية العالمية حتى تلامس الحضيض؟

لدينا طاقات شبابية هائلة، من الجنسين، قادرة على أن تقود سفينة التكنولوجيا إلى برّ الأمان. كل ما يحتاجونه هو فرصة واحدة فقط. فرصة لإثبات ما أثبتوه أصلاً في الخارج. فرصة لتقديم ما يعرفونه حق المعرفة. فرصة لتحويل الطاقات إلى إنجازات.

أعطوهم تلك الفرصة… وستُذهلون من النتائج، وسريعًا.

المهندس عبدالحميد الرحامنة.
خبير ومستشار تكنولوجيا معلومات.