الحطاب: وعي الصحة النفسية في الأردن يشهد تحولًا لافتًا.. والوصمة تتراجع تدريجيًا
محرر الشؤون المحلية - شهد الأردن خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في الوعي المجتمعي بالصحة النفسية، وفق ما أكدته د. أمينة الحطاب، المتخصصة في الإرشاد النفسي والتربوي، مشيرة إلى أن الحديث عن المشاعر والاضطرابات لم يعد "تابو” كما كان قبل عقد من الزمن، خاصة بين فئة الشباب.
وقالت الحطاب في مقابلة لـ"أخبار البلد" إن هذا التحول يعود إلى عوامل متعددة، من أبرزها الحملات الإعلامية، وانتشار المحتوى النفسي عبر المنصات الرقمية، إضافة إلى ازدياد عدد الأخصائيين في المدارس والجامعات، مما خلق بيئة أكثر دعمًا وفهمًا لقضايا الصحة النفسية.
ورغم هذا التقدم، شددت على ضرورة الانتقال من "الوعي العلاجي” إلى "الوعي الوقائي”، عبر تعزيز مهارات المرونة النفسية لدى الأفراد، وتدريب الأطفال على التعبير الانفعالي منذ الصغر.
اضطرابات أكثر انتشارًا بين الشباب
وفيما يتعلق بأبرز الحالات النفسية المنتشرة حاليًا، أوضحت الحطاب أن القلق العام، اضطرابات النوم، الاكتئاب، والاحتراق الدراسي أو المهني تتصدر المشهد، مرجعة ذلك إلى أنماط التفكير السلبية والمقارنات المستمرة، التي تفضي إلى "فراغ وجودي” وفقدان المعنى لدى الكثير من الشباب.
الأسرة.. العامل الأكثر تأثيرًا
وأكدت أن الأسرة ما تزال الركيزة الأساسية في الوقاية من الاضطرابات النفسية أو التسبب في تفاقمها، مشيرة إلى أن النقد الزائد أو التسلط أو الصمت داخل المنزل يترك آثارًا طويلة المدى على الأبناء، في حين تسهم الحوارات الآمنة والداعمة في بناء شخصية متوازنة قادرة على مواجهة الضغوط.
وصمة العلاج النفسي تتراجع
وحول النظرة المجتمعية لمراجعة الطبيب النفسي، قالت الحطاب إن الوصمة "تراجعت لكنها لم تختفِ”، مؤكدة أن تغيير الصورة النمطية يبدأ بإعادة صياغة المفهوم المجتمعي للعلاج النفسي باعتباره خطوة واعية لا دليلًا على الضعف، إضافة إلى دور النماذج المؤثرة التي تشجع على طلب المساعدة.
أخطاء شائعة في التعامل مع التوتر
وأشارت إلى ثلاثة أخطاء بارزة يقع فيها كثيرون عند مواجهة التوتر: الكبت الانفعالي، الهروب عبر المشتتات الرقمية، والاعتماد المفرط على الذات ورفض الدعم الاجتماعي، مؤكدة أهمية تبني استراتيجيات تنظيم الانفعال مثل التنفس الواعي وإعادة التقييم الذهني للمواقف الضاغطة.
تأثير السوشال ميديا على المراهقين
ولفتت الحطاب إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ضاعفت المقارنات الاجتماعية لدى المراهقين، وخلقت ضغوطًا تتعلق بصورة الجسد وتقدير الذات، لكنها أكدت في الوقت ذاته وجود جوانب إيجابية لهذه الوسائل، مثل توفير منصات للدعم النفسي والتعبير عن الذات.
رسالة أخيرة لمن يشعرون بالإنهاك
وختمت الحطاب حديثها بالتأكيد على ضرورة عدم تجاهل الإشارات النفسية التي يرسلها الجسد والعقل، داعية كل من يشعر بأنه "على حافة الانهيار” إلى الاعتراف بمشاعره وطلب المساعدة من مختصين، مشددة على أن العلاج النفسي "بداية رحلة جديدة نحو التوازن والوعي”.