وزير لشؤون للمرأة .. ولما لا

اخبار البلد 
حققت المرأة الاردنية انجازات نوعية على كل الصعد يمكن مقارنتها ببعض الجوانب بالدول المتقدمة، وخصوصا في مجالي التعليم والعمل، ويعود الفضل بذلك بالدرجة الاولى للبنية الاجتماعية الاردنية التي وفرت الحاضنة الحقيقية لانطلاق المرأة الاردنية واستفادتها من اجواء ومناخ الحريات العامة الذي وفرته أنماط الحياة المعاصرة، من انتشار التعليم الى فتح سوق العمل خارج قطاع الانتاج الزراعي التقليدي، الى تحقيق مكاسب لا يستهان بها على مستوى التمثيل السياسي والاستقلالية الاقتصادية.
ولكن، وبالرغم من الانجازات الكبيرة التي تحققت، الا أن قطاع المرأة ما زال له مشكلاته الخاصة به، ومن هنا يتأتى تمييزه وايلاؤه اهتماما خاصا، فالفكرة نابعة بالاصل من اختلاف المشكلات وتباين الظروف وليس من مجرد التمييز عن الرجل من حيث المبدأ، هذا من جانب، أما من جانب آخر، فأننا ما زلنا، ورغم انجازاتنا، نتحدث عن تقليص مساحة الفجوة الثقافية والاجتماعية والسياسية بين المرأة والرجل، وهذا لا يمكن تركة لحركة تطور المجتمع التقليدية أو الاعتيادية، بل يحتاج الى قوانين وتشريعات تتقدم حركة المجتمع وتمنح المرأة مساحة عادلة للمنافسة، مثالا بما حققتة الكوتا النسائية بالبرلمان، فلولا الكوتا لما حصلت المرأة الاردنية على نسبة ضئيلة قياسا بما حققته بالكوتا.
ان استحداث وزارة لشؤون المرأة هو خطوة متقدمة لا شك على طريق تحقيق مجتمع المساواة والعدالة، ولكن، وحتى تتحول هذه الخطوة الرائدة الى (حقيقة)، وأن تنتزع مكاسب حقيقة ليس فقط على مستوى التشريعات، بل على المستويين الثقافي والاجتماعي، فثمة الآن فرصة لتحويل وزارة شؤون المرأة الى (اطار) ثقافي وسياسي يتبنى قضايا المرأة ويشرع بمواجهة التيارات الرجعية التي تتبنى موقفا سلبيا ليس فقط فيما يتعلق بحرية المرأة بل بالحريات الفردية والمجتمعية ايضا.
لعل الفكرة من استحداث هكذا موقع وزاري له اسباب منها ما يتعلق بصورة الاردن بالخارج واسباب ثانوية أخرى لا تنتقص من اهمية الخطوة، ولكن جوهر الموضوع هو بتحويل هذه الخطوة الى حالة جدية وتكريسها كتقليد، وهذا يتطلب شيئا من المبادرة والابداع والجرأة ايضا بطرح المشكلات وتحليلها، وانتزاع مساحة للمرأة داخل مجتمع آخذ بالعودة الى الانماط الاجتماعية القديمة التي يكاد ينعدم فيها دور المرأة ووجودها، وهذه فرصة ايضا (للملمة) المؤسسات (ذات التمويل الأجنبي) التي تتبنى الدفاع عن حرية المرأة ولها مرجعيات أو ارتباطات خارجية مشكوك فيها، فلتكن الوزارة هي الاطار والمرجعية الموثوق بها للدفاع عن قضايا المرأة،وهذا لا يتطلب الا جرأة باتخاذ الخطوة ومبادرة لتبني العناوين البراقة التي تتبناها هذه المؤسسات. ان استحداث هذا الموقع هو خطوة هامة وصحيحة لا شك، وتقع على عاتق من يتبوأ هذه الموقع للمرة الاولى مسؤولية (التأسيس) والبرهنة على جدية الخطوة وصوابيتها، واعتقد انه كذلك.