الطريق المدفوع… نحو الخصخصة المجانية!
هل تصدق يا صديقي أننا اليوم نحتفل بفكرة "الطرق المدفوعة”؟
فكرة أن تدفع لتصل إلى بيتك بسرعة، بينما تتفرج على الطريق المجاني وهو يحتضر ببطء تحت عجلات الإهمال
أنا لست ضد التطوير، ولا أعارض أن تُبنى جسور جديدة أو أن تُرصف طرق ذكية
لكن خوفي أن نعيد المشهد ذاته الذي حفظناه عن ظهر قلب: خصخصة التعليم، خصخصة الصحة، وخصخصة الحياة نفسها.
أتذكرون حين قالت الدولة إن ترخيص المدارس والجامعات والمستشفيات الخاصة هو "تطوير”؟
استيقظنا ذات صباح فوجدنا المستشفيات الحكومية بلا أجهزة، والمدارس بلا مرافق، والجامعات الرسمية بلا تمويل.
وأصبح المواطن الذي ينتظر صورة طبقية في مستشفى حكومي ستة أشهر، يبيع ذهب زوجته ليُعالج ابنه في القطاع الخاص،
ويستدين ليدفع قسط المدرسة لأن "المدرسة الحكومية مش مثل زمان”
واليوم، يعاد المشهد… ولكن هذه المرة على الطريق العام.
نُبهر بلمعان الطريق المدفوع، بانسيابه ونظافته، ثم نكتشف بعد عامين أن الطريق المجاني صار مليئًا بالحفر،
وأن الصيانة توقفت لأن "الطريق البديل جاهز لمن يدفع”.
وسمعنا قبل أسابيع تصريحًا لا يُنسى:
الوزير يقول "يتم بيع الهواء للمواطن”
وكأنها النكتة التي تحولت إلى سياسة عامة!
فقد خُصخصت الكهرباء والمياه، ورفعت الحكومة يدها عنهما،
وبات المواطن يدفع فواتيره وهو يتنفس على أقساط.
وهكذا ندخل فصلًا جديدًا من مسلسل "من لم يدفع… لا يحق له أن يعيش براحة”.
نعم، نحن شعب لا يرفض التطوير،
لكنه يرفض أن يتحول الوطن إلى شركة مساهمة عامة،
أسهمها موزعة بين من يملك… ومن ينتظر دوره في الطابور.
فيا دولة الخدمات المدفوعة…
نخشى أن نصحو ذات صباح، فنجد حتى الأوكسجين بحاجة إلى بطاقة شحن!