شهداء ومصابون في خرق جديد للتهدئة والمقاومة تبادل جثامين الشهداء بجثث ضباط إسرائيليين

لم تهدأ أصوات الانفجارات الضخمة التي تهز قطاع غزة، ولا أصوات الرصاص الذي تطلقه قوات الاحتلال على طول مناطق سيطرتها قرب الحدود الشرقية للقطاع، واستشهد 3 مواطنين برصاص وقذائف الاحتلال الإسرائيلي في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار، في وقت استمرت فيه عمليات تبادل جثامين الجنود الإسرائيلي القتلى في غزة، بجثامين عشرات الشهداء الفلسطينيين التي وصلت إلى القطاع بدون معالم واضحة.

ضحايا التهدئة

وأعلنت مصادر طبية عن استشهاد مواطنين، بنيران جيش الاحتلال، جراء استهدافهم قرب منطقة "البركسات” شمال غرب مدينة رفح جنوب القطاع.
وفي مدينة غزة، أصيب مواطنان في منطقة الشعف في حي الشجاعية شرقا، كما سمع دوي انفجارات عالية ناجمة عن عمليات نسف جديدة نفذها جيش الاحتلال، وطالت عدة مناطق تقع على أطراف الحي، كما سمعت أصوات إطلاق نار كثيف من رشاشات ثقيلة على تلك الأماكن، التي لا يزال السكان يحرمون من الوصول إليها.
وقامت الزوارق الحربية الإسرائيلية بمهاجمة شاطئ المدينة، رغم وجود عدد كبير من النازحين يقطنون المنطقة القريبة من الساحل، بعد أن دمرت منازلهم سابقا في مناطق التوغل، أو لوقوع مناطق سكنهم شرق المدينة ضمن منطقة "الخط الأصفر” الخاضع للسيطرة الإسرائيلية.
وكان الأمر مشابها لما شهدته الحدود الشرقية لوسط قطاع غزة، حيث قامت قوات الاحتلال بتنفيذ عمليات قصف بالمدفعية طالت عدة مناطق تقع شرق مدينة دير البلح، كذلك قامت الزوارق الحربية باستهداف شاطئ مخيم النصيرات بعد قذائف صاروخية، وأصيب عدد من المواطنين شرق مخيم البريج، جراء إلقاء طائرة مسيرة قنبلة عليهم.
أما في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، فقد أصيب عدد من المواطنين بجراح، جراء إلقاء طائرة مسيرة إسرائيلية قنبلة على تجمع للأهالي جنوب بلدة بني سهيلا شرقي المدينة، كما أصيب مواطن برصاص جيش الاحتلال في مواصي المدينة غربا.
وسبق ذلك عمليات نسف وتفجير سمع دويها من مناطق وسط وغرب المدينة، وكذلك إطلاق الدبابات الإسرائيلية عدة قذائف مدفعية ورشقات من الرصاص الثقيل على محيط مناطق التوغل، كان من بينها استهداف مدرسة الخنساء ومحيطها في بلدة عبسان الكبيرة.
وقد واصلت قوات الاحتلال وضع كتل خرسانية صفراء، في أعلاها لافتات تبين حدود "الخط الأصفر” الجديد الذي تستولي بموجبه على مساحة 53 في المئة من قطاع غزة.
وجاء ذلك في ظل مواصلة جيش الاحتلال خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث استشهد منذ ذلك التاريخ 238 مواطنا وجرح ما يزيد عن 600 آخرين.
وفي إطار عمليات البحث عن ضحايا الحرب من تحت الركام، وإزالة مخاطر عدة من الطرقات، أعلن جهاز الدفاع المدني أمس أنه نفذ 38 مهمة مختلفة خلال 24 ساعة الماضية.

تبادل الجثامين

وأكد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، أن عمليات النسف والتدمير المستمرة للمنازل والأحياء السكنية في قطاع غزة خاصة في شرقها التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي، تمثل "انتهاكا واضحا لاتفاق وقف الحرب على قطاع غزة”، ودعا الوسطاء إلى الضغط على الاحتلال لوقف هذه الخروقات المتمثلة بالقتل اليومي واستمرار الحصار وتقييد المساعدات وعدم فتح معبر رفح.
وفي سياق العمل باتفاق التهدئة، سلمت سلطات الاحتلال جثامين عشرات الشهداء الفلسطينيين، الذين كانوا محتجزين في إسرائيل على مدار الأشهر الماضية، حيث تم التسليم من خلال معبر "كيسوفيم” الواقع شرق مدينة دير البلح، وجرى نقلهم إلى مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس عبر طواقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقالت وزارة الصحة إنها تسلمت 45 جثماناً لشهداء تم الإفراج عنهم، ليرتفع بذلك إجمالي عدد جثامين الشهداء المستلمة إلى 270 جثماناً، لافتة إلى أنه تم التعرف حتى الان على هوية 78 جثمانا من أصل 270 جثمانا، من الجثامين المفرج عنها والتي تم استلامها من الاحتلال.
وكالعادة لم تكن الجثامين تحمل أي تعريف للشهداء، وكباقي الجثامين التي سلمتها سلطات الاحتلال من قبل، ظهر على أصحابها آثار التعذيب والتشويه، خاصة وأن الطواقم الطبية أثبتت بعد الفحوصات السابقة أن الكثير من جثامين الشهداء أطلق عليها الرصاص عن قرب، فيما وجدت حبال حول رقاب بعضهم، وآخرون استهدفوا بالرصاص بعد تكبيلهم، ما يؤكد تعرضهم لإعدامات ميدانية لحظة اعتقالهم، ولعدم تعرف الأهالي على غالبية الجثامين، يجري دفنها في مقابر جماعية.

أرفع ضابط

وجاءت عملية التسليم، بعد أن قام الجناح العسكري لحركة حماس كتائب القسام، بتسليم جثامين ثلاثة إسرائيليين بينهم ضابط كبير إلى الجانب الإسرائيلي عبر الصليب الأحمر مساء الأحد.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أمس الاثنين، التعرف على أصحاب الجثامين التي جرى تسليمها، بعد استكمال عملية التشخيص من قبل المعهد الوطني للطب الشرعي، وهم العقيد أساف حمامي، والنقيب عومر ماكسيم ناؤترا، والرقيب أول عوز دانيئيل.
والعقيد أساف حمامي هو أرفع ضابط تأسره المقاومة، وكان قائدا للواء الجنوبي في فرقة غزة، وقتل في كيبوتس "نيريم” صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وقد اختُطفت جثته من قبل مقاتلي حماس.
ولا تزال طواقم من القسام ترافقها آليات هندسية تواصل عمليات البحث عن جثامين الإسرائيليين المتبقية في غزة، وبين الحين والآخر يجري التنسيق لدخول تلك الطواقم برفقة الصليب الأحمر، للبحث داخل مناطق "الخط الأصفر”، حيث واصلت تلك الفرق التابعة لحماس، بوجود الصليب الأحمر عمليات البحث عن جثث جنود الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وقال قاسم إن تسليم القسام ثلاثة جثامين لجنود الاحتلال "يأتي في سياق التزام الحركة الثابت بإكمال مسار التبادل، وبذل كل الجهد لتسليم كل الجثامين في أسرع وقت”، وطالب في نفس الوقت من الوسطاء الضغط على الاحتلال لـ "تطبيق استحقاق اتفاق وقف الحرب على قطاع غزة”.

الأزمة الإنسانية

إلى ذلك استمرت أزمات السكان الذين لا زالوا يعانون من ويلات وآثار العدوان المدمر، وطالب رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة أمجد الشوا، في منشور على موقع "فيسبوك”، بإعفاء السكان من الضرائب والجمارك والرسوم، بما يخفف من معاناتهم ويعزز صمودهم، باعتبار قطاع غزة "منطقة منكوبة”.
وكان الشوا، أكد أنه لم تدخل حتى اللحظة أي مواد لإعادة تأهيل شبكات المياه في قطاع غزة.
ويعاني سكان قطاع غزة من نقص حاد في إمدادات المياه، بسبب تدمير الاحتلال أغلب الخطوط الناقلة وآبار المياه، وقد أدى ذلك إلى نقص مياه الشرب، وإلى انتشار الأمراض.