الاحتلال الحكومي للقضاء ... انتهاك لحقوق الإنسان


أن يعد رئيس الوزراء بالإفراج عن جمال المحتسب ويجري إطلاق سراحه بالكفالة بعد يومين فتلك مسخرة قطعت الشك باليقين من أن السلطة التنفيذية قد استولت تماما على القضاء ،وتجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا كلما فتحت سيرة النزاهة.

وقصة المحتسب لمن لا يعرفها تتلخص بأنه نشر من خلال موقعه الالكتروني (جراسا نيوز )خبرا يتعلق بقضية فساد وضعه في قفص الاتهام ،وقضى بسببه أيام طويلة في السجون ،ونسبت له تهم كثيرة .وقالوا مرارا لا تجوز كفالته بحكم القانون ،ثم تراجعوا حال صدور إشارة الرئيس ،وقالوا تجوز كفالته بحكم القانون ... وأفرجوا عنه على الفور، ولو شاء الرئيس لأسقط عنه التهم ،ولو شاء لزادها وأعاده سجينا من حيث تم الإفراج عنه .

ما عاد بالإمكان بعد الذي حصل الثقة بقرارات القضاء والاطمئنان إلى سلامة الأحكام ،ومن حقنا الآن ان نفسر لماذا سقطنا من أعين مجتمعات العدالة ومنظمات حقوق الإنسان بسبب ممارسة الدولة تمييزا ممنهجا في تنفيذ الأحكام القضائية ،فتنفذ الحكم بحق هذا وتترك ذاك ،وتلاحق فلان بتهم سرقة المال العام وتترك علنتان ،في ظاهرة انتقائية مفتوحة على كل المبررات إلا ما تعلق منها بالعدالة والحق.

يمكننا الاقتناع ونحن مرتاحو الضمير بأن الفساد قد اكتمل وبلغ ذروته ووصل أخيرا إلى القضاء بعد ان اجتاح كل المؤسسات الوطنية ،و بأن ألتهم التي وجهت إلى الرجل ملفقة ،وانه رغم هذا سوف تتم إدانته لا محالة ولو كان بريئا براءة الذئب من دم يوسف ،ويمكننا مرة أخرى أن نشكك بصحة الاستمرار بتوقيف مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي وغيره ممن اتهموا بالفساد ورفض عشرات الطلبات التي قدمت لتكفيلهم.

الحكم قائم على العدالة. وقد سأل المواطنون تشرشل عن وضع البلد في خضم مساوئ الحرب العالمية الثانية والانهيار الاقتصادي وتفشى الفساد في الجهاز الإداري ، فسأل تشرشل الموجودين هل قضائنا بخير ؟ قلوا نعم بخير . فقال -لا تقلقوا على بريطانيا فهي بخير ....فتعافت بريطانيا فعلا وبقيت إلى يومنا هذا بخير .

نحن لسنا إذن بخير ومن حقنا ان نقلق على وضع البلد ما دام قضائنا مريض ونخرته آفات السياسة وأصبح ريش في مهب ريح الفوضى والفسادfayz.shbikat@yahoo.com