“أسئلة ” تحاكم الضحية بمنطق الربح والخسارة!



في اليومين الأخيرين، راجت أسئلة من النوع الذي يُحب أن يتظاهر بالعمق أسئلة تصنف نفسها وجودية من قبيل: هل انتصرت غزة أم هُزمت؟، هل كان الثمن يستحق؟، هل كان بإمكان حماس أن تتفادى كل هذا؟، وهل زجّت بنفسها وبالآخرين في حرب عبثية؟

هذه الأسئلة تشبه تمامًا أن ترى إنسانًا يتدلّى من حافة جدار، يتشبث بالحياة بأطراف أصابعه، فتأتيه بكل رصانة وتقول: أخي، آسف على المقاطعة، لكنك تمسك الحجر بشكل خاطئ… حاول أن توزّع وزنك بشكل أكثر علمية. أليس الإنقاذ أولى من التنظير؟

ثم، أليس من الغريب أن نطالب المحاصر بأن يكون خبير شطرنج، يحسب كل حركة بعشرة خطوات مسبقًا، بينما الطرف الآخر يحرك مدرعاته كما يشاء؟ أن نطلب ممن يعيش تحت القصف أن يتّبع قواعد الدبلوماسية السويسرية في اتخاذ القرار؟

ثم دعونا لا نكذب على أنفسنا… هذه ليست "أسئلة”، هذه محاكمات متنكرة.

هذه ليست محاولة للفهم، بل لإدانة الضحية لأنها تجرأت على رفع رأسها. محاولة لسحب النقاش من جرائم الإبادة إلى دفتر ملاحظات استراتيجي كُتب على بعد آلاف الكيلومترات من رائحة الدم والدخان.

وإن شئنا الدقة، فهذه الأسئلة ليست فقط قاسية، ولا فقط متعالية، بل هي في جوهرها عبث بإرادة الله، الذي قال: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ).

فمن أنتم لتعيدوا صياغة الحكمة الإلهية بمنطق الربح والخسارة وكأنكم أوصياء على المعنى؟