علي السنيد يكتب : حكومة رفع الاسعار لتفجيرالشارع عن بعد
لو سألت طفلا يافعا، او مبتدءا في السياسية، او كارها للبلد محبا لسقوطها عن الوسيلة الفضلى في تفجير الاوضاع في الاردن لاجابك على الفور ان ذلك مرهون بتحريك الازمة الاقتصادية المزمنة ، والتي ثارت على اثرها المطالبات الشعبية بمحاكمة الفاسدين واستعادة اموال الشعب المنهوبة، وكانت تتخذ مؤشرا على ان الازمة في الاردن متعلقة بمستوى المعيشة، وليس بالاستبداد السياسي، وهو ما حاولت مختلف الجهات تكريسه في فهم الصراع المحتدم على الساحة الاردنية، فكيف اذا جاءت حكومة من اولى مهامها في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الاردن زيادة الاعباء المعيشة على المواطن الاردني المنتفض في الشوارع او المنتفض معنويا والذي لم يلتحق بالشارع بعد.
وخطوة رفع الاسعار هذه التي تتراءى في الاجواء الاردنية لم تقدم عليها دولة عربية واحدة في ظل ما سمي بالربيع العربي، والتي قامت على العكس من ذلك بتقديم المعونات والمنح العاجلة لشعوبها، ولم تصل الجرءاة بحكومة عربية واحدة في ان تخوض غمار رفع الاسعار على شعبها في عز الربيع العربي، وتجعل من بلدها عرضة للهزات، والاضطراب في وقت تسعى فيه الانظمة للتهدئة مع الشعوب، والابتعاد عن عوامل التوتير، والاستفزاز.
والامن الوطني يقتضي عدم مصادمة الناس في قناعاتها، وضرورة تفهم اسباب الغضب الشعبي والتي يأتي في المقدمة منها الظرف الاقتصادي الصعب حيث تكتوي بناره الطبقة الفقيرة منذ سنوات في الاردن، وهي تصطلي بنار الحاجة، وعدم القدرة على تلبية متطلبات الحياة البسيطة. فهل تكون هذه الظروف مناسبة لتسعير الغضب الشعبي برفع الاسعار، وجعل الوطن يقف على حافة الانفجار، وما نوع هذه الحكومة التي تبرر لنفسها المغامرة باستقرار الوطن، وتقدم على خطوة غير محسوبة ، ولا يمكن فهمها سوى انها تشعل صاعق الانفجار الشعبي.
ورفع الاسعار خط احمر يخص ملايين الفقراء الاردنيين، وسيترك اثره على كل بيت اردني وبامكان الدولة ان تتجنب في هذه الظروف الحاق هذا الكم الهائل من البشر الى خانة معارضتها، وقد تدفع هذه الخطوة بقطاعات واسعة من المواطنيين الاردنيين الى الشارع لمواصلة فعاليات الاحتجاج، والتذمر، وقد تكون الكلفة المترتبة على رفع الاسعار تزيد بعشرات المرات عن الفوائد التي قد نجنيها من هذا الرفع، والاولى مراعاة خصوصية الظرف، واحتمالية انفلات الشارع قبل الاقدام على هذه الخطوة غير المحسوبة.
والسياسة الاردنية التي مالت الى التهدئة في مواجهة الاحوال غير المسبوقة التي سادت المنطقة في السنوات الاخيرة ستكون في حال اتخاذ قرارات رفع الاسعار معرضة الى الفشل الذريع، وضياع جهود التهدئة هباء منثورا، وسنجد انفسنا في مواجهة ما كنا نحذره ، ونتخوف من وقوعه ، وقد نلتحق بخانة البلاد المضطربة في الاقليم، ونخسر الانجازات التي تحققت على صعيد حفظ الاستقرار في ظل الظروف الصعبة، والتي اعطت الاردن ميزة اضافية اذا احسن استثمارها في قادم الايام فربما تجعله قبلة لاستقطاب الاستثمارات، وفوائض المال العربي ، وربما تفيد في خلق بيئة استثمارية ، تكون جاذبة لمجتمع رجال الاعمال العرب، وتكريس الاردن كأحدى الدول المستقرة . وهي ميزات قادرة على رفع كفاءة الاقتصاد الاردني، والذي يحتاج الى توفر الية في ضمان الشفافية والنزاهة، ومكافحة الفساد مما يحسن من اداء الهياكل الاقتصادية، وبالتالي زيادة موارد الدولة بدلا من اللجوء الى الخيار الاسهل في الحصول على المال، والمتمثل برفع الاسعار، ووضع المواطن الاردني في مواجهة خيارات التطرف والمغالاة وذلك في التعبير عن متاعبه، والآمه الوطنية.
علي السنيد