كيف تحوّل شاب مفلس إلى صاحب مشروع يحقق 6.5 مليون دولار سنوياً من إعادة بيع الملابس؟
وسط ظروف اقتصادية خانقة، وبحث يومي عن مصدر رزق يضمن حياة كريمة لابنه الصغير، وجد ريك سينكو نفسه في العام 2008 أمام خيار واحد؛ أن يبدأ من الصفر.
كان مفلساً للتو، بعد أن فقد وظيفته، ويحاول تدبير احتياجات طفله البالغ خمس سنوات آنذاك. وفي غمرة تلك الصعوبات، اكتشف باباً جديداً للرزق حين اشترى هاتفاً مستعملاً من موقع "كريغزلست" مقابل 35 دولاراً، وباعه لاحقاً على "إيباي" بـ 75 دولاراً.
بالنسبة له، بدا الأمر أشبه باكتشاف "ثغرة"، ذلك أن هذا الاكتشاف البسيط مثّل نقطة تحول جذريّة في حياته.
سينكو، الذي يبلغ اليوم 41 عاماً ويعيش في فورت لودرديل بولاية فلوريدا، أدرك سريعاً أن الإنترنت يمكن أن يكون منصة واعدة لبناء مستقبل جديد. فقرر التعمّق في عالم إعادة بيع السلع المستعملة، متحدّياً ظروفه الصعبة.
يقول إنه كان يعمل ما يصل إلى 20 ساعة يومياً؛ ينتقل من سوق للسلع المستعملة إلى متجر خيري، يبني علاقات مع الباعة، يدرس العلامات التجارية واتجاهات السوق، ويتعلم أسرار المهنة خطوة بخطوة.
ووفق CNBC Make It، فإن هذا الإصرار سرعان ما تحوّل إلى مشروع متكامل يحقق ملايين الدولارات.
بمرور الوقت، لم يكن هدفه تأمين دخل أسبوعي فقط، إنما بناء نشاط تجاري حقيقي. وفي العام 2023، أطلق سينكو شركة Technsports المتخصّصة في بيع الملابس المستعملة بالجملة، وتبيع اليوم ما يصل إلى 5 آلاف قطعة يومياً لبائعي إعادة البيع المحترفين.
تظهر وثائق اطّلعت عليها CNBC Make It أن الشركة حققت إيرادات تتجاوز 6.5 مليون دولار في عام 2024، مع هوامش ربح تقدَّر بنحو 50% لكل قطعة.
ويصرّح سينكو: "أنا مدرك تماماً لحجم الحظ الذي حالفني. لكن النجاح تطلّب جهداً هائلاً والتزاماً عميقاً وتضحيات كثيرة".
من ضربة قاسية إلى فرصة للتغيير
قبل نجاحه، واجه سينكو سلسلة من التحديات. فقد أصبح أباً في سن 18 عاماً، واضطر للعمل في مختبر تصوير لشركة CVS لخمس سنوات حتى يؤمّن احتياجاته واحتياجات ابنه. لاحقاً، حصل على شهادة في صيانة الحواسيب قادته إلى وظيفة أفضل في "سيركيت سيتي". لكن بعد أسبوعين فقط تقدمت الشركة بطلب حماية من الإفلاس وفق الفصل 11، ليعود سينكو لنقطة الصفر في قلب الأزمة المالية العالمية.
حين تعطل هاتفه ولم يكن يملك المال لإصلاحه أو شراء بديل جديد، توجّه إلى مواقع السلع المستعملة بحثاً عن حل اقتصادي. وهناك لاحظ الفارق السعري الكبير بين المنصات، فبدأ بشراء الأجهزة وإعادة بيعها بدافع الحاجة أولاً، وبطموح متزايد لاحقاً. يقول: "لا تحتاج إلى الكثير من المال لتبدأ. ولا تحتاج حتى إلى معرفة واسعة. يكفي أن تبدأ".
وبحلول عام 2010، كان دخله السنوي قد تجاوز 100 ألف دولار بفضل إعادة بيع الهواتف والأجهزة الإلكترونية ذات الطلب المرتفع.
إلا أنه لاحظ لاحقاً أن قطاع الملابس المستعملة أكثر استقراراً وأقل مخاطر. فالقميص - كما يقول- "لن يتعطل أثناء الشحن". إضافة إلى أن كثيراً من الناس لا يقدّرون قيمة الملابس ذات العلامات الراقية في أسواق السلع المستعملة، ما يجعلها فرصاً ذهبية لمن يعرف كيف ينتقي.
النمو عبر التحوّل الذكي في نموذج العمل
توسعت أعمال سينكو تدريجياً، وبات يعرض 250 سلعة يومياً على "إيباي"، مستعيناً بفريق من مساعدي التصوير والإدراج والتغليف.
وفي العام 2023، تخطت مبيعاته عبر المنصة 2.5 مليون دولار، ارتفاعاً من 500 ألف دولار في 2017. لكن رغم ذلك، شعر بأنه بلغ أقصى قدرة على البيع بالتجزئة، فاتّجه إلى البيع بالجملة لتحسين الكفاءة وزيادة حجم الأعمال.
ويقول : "المخزون أصبح أهم أصولي. وأنا أكثر ربحية عندما أبيع كمية أكبر بهوامش أقل".
ثمرة الجهد ورحلة لا تتوقف
التقى سينكو زوجته خلال عمله القصير في "سيركيت سيتي"، وتعهدا معاً بأن يواصلا العمل بلا كلل حتى يتخرج ابنه من المدرسة الثانوية، ثم يستمتعا بحياة أكثر راحة. وعندما تحقق ذلك، سافرا العام الماضي إلى نيويورك وكاليفورنيا ولاس فيغاس: "بدأنا نعيش ثمار ما أنجزناه"، كما يقول.
ورغم ذلك، لا يبدو سينكو مستعداً للراحة أو التقاعد: "حين تكتشف قدرتك على مضاعفة المال - تضع 5 دولارات وتحصل على 25 - كيف يمكنك التوقف؟".
ويختصر فلسفته قائلاً: "هل عملت كثيراً؟ بالتأكيد لكن كان عليّ أن أنمّي العمل. وفي النهاية كان عليّ أن أكون الأفضل".