لو كنت مهدي الملك

منذ أكثر من عام مضى، وجلالة الملك يجري زيارات شملت كل العشائر والمدن والمخيمات في المملكة، ورغم أن هذه الزيارات الملكية يجب أن تُحمل على أنها روتينية وعادية، تهدف إلى تفقد أحوال الناس، وإيصال رسالة مفادها أن الشعب تحت الرعاية الملكية، وان الملك ليس بعيدا عن شعبه. 

وأصبحنا أيضا نلحظ خلال الزيارات الملكية التي تتم مؤخرا، قيام الوجهاء بتقديم الهدايا للملك، ويتم تسليط عدسات الكمرات على صور هذه الهدايا، التي في اغلبها تكون إما السيف أو المصحف، والتي قد تحمل إشارة أن مقدم الهدية يجود بأعز ما يملك، وان وقفته إلى صف الموالاة الحقيقية للقائد، مدعومة بالقوة والإيمان والعزيمة، ولو كنت مهدي للملك لأهديته كتاب مقدمة ابن خلدون.
وأنا هنا لا استكثر على القائد حب شعبه، ولا استكثر على الشعب حب القائد، فهذه المشاعر المتبادلة سجية في النفس لا تحيد عنها، إلا إذا اكتشف أي الحبيبين أن قبيله ينافقه، وهذا النفاق أيضا موجود قديما قدم الأيام، وباقي ما بقي على الأرض إنسان، فقد مات القذافي وبعض مواليه يتغنون بمجده، ورحل مبارك و مواليه يتغنون بعظيم صنائعه، وبشار اليوم يسلط جيشه على شعبه ويقتلهم، وهناك من يتغنى بالقائد الحامي، والأسد المغوار. 

ونحن في الأردن لن نقول إننا لسنا كمثل مصر، أو ليبيا، أو سوريا، بل نحن كمثلهم، ولا فرق لنا عنهم، إلا بشيء واحد، وهو إننا في الأردن إذا اشتد الوطيس لا نخرج من بلادنا، نموت فيها أو نبقى، نعم نموت أو نبقى، فبلادنا استشرى فيها الفساد وعم، ولن ينجوا من عاقبة هذا الفساد احد، والكل سيدفع الثمن، ومن يسكت عن الفساد سيكون عون له تعمد ذلك أم لم يتعمده. 

فتراكمات الماضي كثيرة، وتبعاته ثقيلة، والمسئول عن الماضي هو من سيقود مركب اليوم، ومن يخطط للمستقبل، ومن يعمل جاهدا للقضاء على الفساد وأهله، لأنه سرطان تفشى، ولا بد له من علاج ناجع، والعلاج المر يمكن تحمله ساعة للخلاص من علة رافقتنا طويلاً، آن الأوان لعلاجها والخلاص منها. 

فالملك بحاجة إلى مستشار أمين، ومواطن أمين، ومسئول أمين، لتصلح حال البلاد، وإلا فالكل سيكون راكب في سفينة، مصيرها كمصير السلام 98.

kayedrkibat@gmail.com