نواب الأردن «متوترون»: زحام «تساؤلات وإجابات» قبل ساعات حاسمة عشية افتتاح دورة البرلمان



 الاستعدادات تجري على قدم وساق تمهيداً لافتتاح الدورة العادية الجديدة للبرلمان الأردني صباح الأحد المقبل، في ظل ظروف إقليمية غاية في الحساسية وبعد مرحلة صعبة أعاد فيها الاتفاق الذي أعلن بوقف الحرب على قطاع غزة ضبط الإعدادات الداخلية الأردنية وعلى أكثر من صعيد وفي غالبية الاتجاهات.
لا توجد، بعد وحتى مساء الأربعاء، معطيات محددة لها علاقة بالأولويات التي يمكن أن يتضمنها خطاب مؤسسة العرش في افتتاح الدورة، لكن ترتيبات افتتاح البرلمان تمضي قدماً بعد اتخاذ خطوات داخلية لمؤسسة السلطة التشريعية، بصيغة توحي ضمناً بأن تغييرات وتعديلات في البرمجة والأسماء تطهى أو قد تطهى على نار هادئة خلال الساعات القليلة المقبلة، وسط توقعات متناقضة أو متعاكسة أحياناً.
أهم التغييرات المتوقعة هي تلك التي تطال أو ستطال موقع رئاسة مجلس النواب، حيث الانطباع المتراكم بأن شخصية سياسية وأمنية عريقة في طريقها لرئاسة مجلس النواب في الدورة الجديدة.
والحديث هنا عن وزير الداخلية الأسبق والنائب مازن القاضي، المرشح الأقوى حتى عصر الأربعاء، ما لم تحصل مفاجآت في اللحظات الأخيرة لرئاسة مجلس النواب خلفاً للرئيس أحمد الصفدي، فيما الأنظار تتجه لحسم موقع نائب الرئيس للقطب البرلماني خميس عطية.
ينافس القاضي علناً النائب مصطفى الخصاونة. وملامح تلك المنافسة الأساسية تجري عملياً في مساحة سياسية وحزبية واحدة تمثل أحزاب الوسط، الأمر الذي قد يمنح أفضلية لنواب حزب جبهة العمل الإسلامي ولو على صعيد التكتيك والتفاوض خصوصاً على اللجان التشريعية الأساسية، حيث 31 نائباً من التيار الاسلامي خف عنهم الضغط السياسي العام.
ويمكنهم تأسيس قوة تصويت تؤثر في اختيار تركيبة اللجان الأساسية وبعض المواقع في سلطة التشريع، خصوصاً بعدما ظهرت تباينات بين نواب الوسط أنفسهم وتنافسات وتجاذبات حادة بصورة أبعدت نواب الحركة الإسلامية عن بؤرة الإقصاء والاستهداف ولو قليلاً.
حزب جبهة العمل الإسلامي في المناولات والمناورات السياسية والبرلمانية يبدو مرتاحاً أكثر بعدما تقلصت مؤشرات هجوم نواب أحزاب الوسط على التيار الإسلامي، وبعدما برزت ملامح تسوية ما لم تنضج تماماً بعد للأزمة الرسمية مع الحركة الإسلامية، فكرتها عدم وجود مشكلة مع الحزب، وطي صفحة حل الجماعة الإخوانية تماماً، والبقاء في إطار القوانين وما تقرره.
بناء عليه، يُتوقع نشاط منهجي مختلف عشية انعقاد دورة البرلمان، يأمل المراقبون أن يتمأسس عند جبهة الإسلاميين تحديداً على فهمهم الأعمق للبوصلة وللأولويات، وتقييم تجربة الماضي القريب، فيما توحيد جهود الأحزاب الوسطية لا يزال مهمة أصعب وأكثر تعقيداً بسبب ثقل التجاذب الشخصي والفردي أحياناً.
وما يقوله نواب كبار بينهم عطية الآن هو أن الأحزاب السياسية تنضج بالانحياز التام للعمل البرامجي وإقصاء الطموحات الشخصية والفردية.
لكن تلك تبقى مهمة صعبة، وإنجازها يتطلب المزيد زمنياً في الوقت الذي برزت فيه أمس أو قبل 3 أيام، إشكالية ملاسنة نقاشية حادة علنية بين نائبين من حزب «تقدم» الوسطي.
وكشفت تلك الملاسنة النقاب عن مستوى وحجم التوتر في أروقة مجلس النواب مع مرور الوقت نحو يوم الاستحقاق في افتتاح الدورة الرسمي، وهو صباح الأحد المقبل.
خطاب العرش المرتقب والمنتظر سيعيد التركيز على الأولويات، وقد يجدد الثقة بالحكومة الحالية التي يترأسها الدكتور جعفر حسان، فيما الأولويات الوطنية الأمنية تدخل ضمناً في كل الحسابات الافتراضية والعملية. والموقف من تطورات الأحداث الإقليمية وحصراً من تطورات القضية الفلسطينية، قد يكون المحطة الأبرز في مضامين خطاب العرش ودلالاته.
الوضع الاقتصادي والمعيشي في صادرة المشهد رغم كل ما يقال عن نسبة التوثق من إنجاز وإنتاجية الرؤية الاقتصادية التحديثية.
البطالة لا تزل ضاغطة على العصب الرسمي للحكومة، والتصعيد الأمني والعسكري الإقليمي عنصر ينتج التحديات، وحجم المساعدات الخارجية يتراجع، وجذب واستقطاب الاستثمارات لا يزال لغزاً يحتاج إلى التفكيك رغم كل المحاولات التي بذلتها آخر أربع حكومات.
أغلب التقدير أن افتتاح الدورة العادية البرلمانية سيحرص على استمرارية دعم وإسناد خطاب الرؤية الإصلاحية الاقتصادية دون إسقاط الحسابات المرتبطة بمؤشرات الإصلاح الإداري، أو إسقاط احتمالات العودة مجدداً لمربع تعديل القانون والنظام الانتخابي؛ لأن تركيبة قيادة مجلس النواب المقبلة عنصر أساسي في تركيب مسار أعمق في البعد الوقائي والاحتراز السياسي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بثوابت المملكة المعلنة التي تختص بالصراع مع إسرائيل وبمستجدات القضية الفلسطينية.
التساؤلات مزدحمة، ونواب الأردن متوترون عموماً، وافتتاح دورة البرلمان وخطاب العرش هما بصمة سياسية وطنية هندسية لها وظائف محددة، قد يكون أهمها زرع الثقة مجدداً ما بين الشارع والمؤسسات، وتجنب الكثير من الكمائن ذات البعد السياسي، والحفاظ على إصلاحات اقتصادية منضبطة، والتجول بالمتاح من المكاسب وسط ألغام الإقليم واندفاعات المجتمع الدولي.
افتتاح دورة البرلمان الأردني وأدبيات خطاب العرش محطة يترقبها الأردنيون عموماً، وأهم حيثياتها أن الفرصة ستكون متاحة لمراقبة الانحيازات وإعادة برمجة الأولويات بعيداً عن الصمت والغموض.
ثمة تساؤلات ستحظى بالإجابة رغم المزاج المتوتر لنواب البرلمان.