في مدى قانونية عزل مجلس نقابة المقاولين وإعادة انتخابات المجلس قبل انتهاء المدة القانونية



بقلم: الدكتور عصام عبد الجليل الكساسبة خبير رأي ،عضو الهيئة العامة لنقابة 

تمر نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين في مرحلة دقيقة تتطلب مراجعة قانونية ومؤسسية عميقة، بعد سلسلة من الأزمات والخلافات الداخلية التي ألقت بظلالها على تماسك المجلس، وأثارت تساؤلات جدية حول مدى انسجامه وقدرته على إدارة شؤون النقابة بما يحقق المصلحة العامة للمقاول الأردني.

ورغم مرور نحو سبعة أشهر فقط على انتخاب المجلس الحالي، إلا أن تزايد المؤشرات على وجود مخالفات إدارية ربما تحولت إلى مالية محتملة، وتدهور العلاقة بين بعض أعضاء المجلس، جعل من الضروري طرح السؤال القانوني المشروع:
والسوال هل يمكن عزل المجلس أو إعادة الانتخابات قبل انتهاء المدة القانونية؟

من خلال الإطار القانوني للنقابة
تستمد النقابة شرعيتها من قانون نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين رقم (13) لسنة 1987 وتعديلاته، الذي منح الهيئة العامة ومجلس النقابة والوزارة الوصية أدوارًا متكاملة توازن بين الاستقلالية المهنية والرقابة القانونية.
فمجلس النقابة هو جهاز تنفيذي منتخب، يمارس صلاحياته وفق القانون، ويخضع لرقابة الهيئة العامة ووزارة الأشغال العامة والإسكان بموجب المادة (55) التي تؤكد أن أعمال النقابة تخضع لإشراف الوزارة.
أولًا: غياب العمل الجماعي وتفرد القرار

إن أخطر ما تمر به النقابات المهنية هو تحول العمل الجماعي إلى سلطة فردية.
فالتفرد بالقرارات دون الرجوع للمجلس، أو منع بعض الأعضاء من المشاركة في الجلسات، يشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (33) من قانون النقابة، ويهزّ مبدأ التمثيل الديمقراطي داخل المؤسسة.
وهنا تصبح الرقابة الإدارية وحق الهيئة العامة في المساءلة أدوات مشروعة وضرورية لحماية التوازن النقابي.
ثانيًا: المخالفات المالية والإدارية… مؤشرات الخطر

من الممارسات التي قد تثير شبهات المساءلة القانونية:
1_ صرف مبالغ أو تعيين مستشارين دون سند نظامي واضح.
2_ إجراء مناقلات مالية بين الصناديق دون موافقة الهيئة العامة.
3_ عدم تنفيذ قرارات الهيئة العامة الملزمة منذ أعوام.
هذه التصرفات، إذا ثبتت، لا تُعد مجرد مخالفات إدارية، بل انتهاكًا للنظام العام النقابي وتمس أموال الهيئة العامة، وهو ما يوجب قانونًا التدخل الفوري.
ثالثًا: المخارج القانونية الممكنة
في ضوء النصوص القانونية والفقه النقابي، يمكن للهيئة العامة والوزارة المختصة اللجوء إلى ثلاثة مسارات قانونية واضحة:
1_ الحل الإداري بقرار من مجلس الوزراء (المادة 55)
إذا ثبتت مخالفات جوهرية تمس النظام العام أو المال العام، يحق لوزير الأشغال العامة والإسكان التنسيب إلى مجلس الوزراء بحل مجلس النقابة وتعيين لجنة مؤقتة تتولى الإدارة والدعوة لانتخابات جديدة خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر.
2_ اجتماع استثنائي للهيئة العامة (سحب الثقة)
يجوز لثلث أعضاء الهيئة العامة الدعوة لاجتماع استثنائي لسحب الثقة من النقيب أو المجلس، استنادًا إلى المادة (20) من قانون النقابة، متى ثبت الإخلال بالواجبات أو الإضرار بالمصلحة العامة.
3_الطعن أمام المحكمة الإدارية
كل عضو متضرر يملك الحق في الطعن الإداري ضد قرارات المجلس المخالفة خلال (60 يومًا) من تاريخ العلم بها.
وقد يؤدي حكم قضائي بإلغاء القرارات غير المشروعة إلى سقوط المجلس أو إعادة الانتخابات إذا ثبت الانحراف في استعمال السلطة أو إساءة الإدارة.

رابعًا: بين النظام العام والمصلحة الوطنية

النقابة ليست سلطة، بل أمانة في أعناق من يمثلونها، واستمرار الخلافات والتجاوزات دون تصويب يشكل تهديدًا للنظام العام ولمكانة النقابة أمام الدولة والقطاع الخاص.
إن حماية مهنة المقاولات تتطلب قيادة مسؤولة، ومجالس تحترم القانون لا تتجاوزه.

خامسًا: الخلاصة
إن عزل المجلس أو إعادة الانتخابات قبل انتهاء المدة القانونية أمر ممكن قانونًا، شريطة اتباع القنوات الدستورية والتنظيمية المقررة، عبر:
1_توصية الوزير ومجلس الوزراء.
2_ سحب الثقة من الهيئة العامة.
3_ الطعن القضائي أمام المحكمة الإدارية.

فالنقابة ليست ملكًا لأشخاص، بل مؤسسة وطنية تمثل ضمير المقاول الأردني وعماد قطاع الإنشاءات.
وختاما
إنني، كعضو في الهيئة العامة لنقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين، أؤمن أن الإصلاح النقابي لا يبدأ من الشعارات، بل من احترام القانون وإعلاء صوت المهنة فوق المصالح.
صوت القانون هو صوت الوطن، والنقابة بيتنا جميعًا، ولن نسمح أن تضعف جدرانها بالخلافات أو المصالح الشخصية.فالمقاول الأردني يستحق نقابة قوية، شفافة، تُدار بالقانون لا بالمجاملة وبالحق لا بالخوف