الأردني قبل أن (تضرب فيوزاته)

اخبار البلد

بعيداً عن محاولات الظهور بمظهر المتعلقين بالكهرباء الذين لا يستطيعون الاستغناء عنها, علينا أن لا ننسى أننا نحن الأردنيين في الأصل كنا خصوماً للكهرباء وليس فقط مستغنين عنها, وخاصة منها ما يتعلق بإنارة الشوارع, وهناك تاريخ وتقاليد معقولة على هذا الصعيد يمكن الاستفادة منها في هذه الظروف.
بصفتي من الجيل الذي شهد اول عمليات "مَدّ الكهربا" للمدن والقرى الأردنية, (في بعض الأحيان كنا نقدم حرف الراء على الهاء فنقول "كَرْهبا"), فقد انتشرت بيننا لعبة التصويب بالحجارة نحو لمبات الإنارة في الشوارع, ويفوز في المنافسة مَنْ يكسرها أولاً.
في الواقع كانت أهداف تكسير اللمبات متعددة وتتجاوز مجرد التكسير, فالعشاق كانوا خصوماً معروفين لإنارة الشوارع, لأنها كانت تكشف تحركاتهم المسائية. ورغم أنهم لم يكونوا هم ذاتهم بين قاذفي الحجارة, إلا أنهم كانوا يقفون خلف كثير من عمليات التكسير, ذلك أن وقار العاشق يمنعه من قذف الحجارة بنفسه نحو اللمبة, لا سيما وأن ذلك لا بد أن يكون امام أنظار الجهات المعنية في الطرف الآخر.
إن أعمدة الإنارة في الشوارع كانت بصورة عامة تشكل "مَلَمّاً للهمل" أي مكاناً يجتمع فيه "الهمَل", ولذلك كان يحصل أن تجد رجلاً كبيراً يعمد الى دفع أولاده لتكسير اللمبة الواقعة أمام بيته, وأحياناً قد يجري بنفسه تمارين شكلية على محاولة التكسير, وذلك على سبيل إعطاء الأمان لمن سيفعل ذلك.
أضع هذه الأفكار بين أيدي صانع القرار الكهربائي, وهي مناسبة للدعوة الى التفكير في البدائل دوماً.