بعد فوزه في الانتخابات.. تعرف على "ترامب التشيكي" أندريه بابيش
بعد فوز حزب أندريه بابيش الواسع في الانتخابات التشريعية بالتشيك، تخشى الدوائر الأوروبية أن ينضم هذا الرجل إلى صفوف الشعبويين المعارضين لأوروبا والرافضين لدعم أوكرانيا.
الفوز الكبير لحركة آنو (ANO) بقيادة بابيش في الانتخابات يجعل عودة الملياردير، الملقب بـ"ترامب التشيكي"، الذي شغل منصب رئيس الوزراء بين 2017 و2021، إلى السلطة أمرًا محتملاً. وحتى إذا لم يتقلد رئاسة الحكومة مباشرة، فمن المرجح أن يذهب المنصب إلى أحد المقربين منه.
وحصلت ANO على أكثر من 34٪ من الأصوات، وتنتمي إلى مجموعة "وطنيون من أجل أوروبا" (PfE) في البرلمان الأوروبي، ما يثير تساؤلات في أوساط بروكسل حول موقف الحكومة القادمة في براغ تجاه الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.
هل يكرر نموذج أوربان؟
يتساءل المحللون إن كان الزعيم التشيكي القادم سيعزز موقف الممانعة الذي يتبناه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، المعارض للدعم المالي والعسكري لأوكرانيا وعضويتها في الاتحاد الأوروبي. ويأتي ذلك في وقت تحظى فيه مجاورة أوربان بدعم جزئي من زعيم سلوفاكيا، روبرت فيكو، مع اقتراب الانتخابات التشريعية المجريّة في ربيع 2026.
تهانٍ من أوربان ولوبان
عبّر رئيس الوزراء المجري، يوم السبت، عبر منصة "إكس"، عن سعادته بفوز بابيش، قائلاً: "لقد انتصرت الحقيقة! خطوة كبيرة للجمهورية التشيكية وأخبار جيدة لأوروبا. تهانينا، أندريه".
كما كتبت مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي (المنتمي أيضًا إلى مجموعة PfE)، على المنصة نفسها: "في جميع أنحاء أوروبا، الأحزاب الوطنية مدعوة إلى السلطة من قبل الشعوب الساعية لاستعادة حريتها وازدهارها".
تصريحات بابيش
أكد بابيش، مساء السبت، وضوح ميوله تجاه أوروبا وحلف الناتو، وأوضحت مصادر تشيكية في بروكسل أنه بالنسبة لأوكرانيا، لم يستبعد استمرار دعم كييف، وهو تحول عن موقف حملته الانتخابية، موضحًا استعداده لإجراء مناقشات مع الرئيس الأوكراني.
تحالفات محتملة وقوى داعمة
من النقاط الإيجابية لأوساط بروكسل فشل الشيوعيين المؤيدين لروسيا في عبور عتبة 5٪ اللازمة لدخول البرلمان، ما يشير إلى أن الخطاب المؤيد لروسيا لا يلقى قبولًا في التشيك.
لكن مع حصول ANO على 34.6٪ من الأصوات (نحو 80 من أصل 200 مقعد في البرلمان)، ستحتاج الحركة إلى قوتين داعمتين لتشكيل الحكومة، سواء في إطار ائتلاف رسمي أو حكومة أقلية، وهو ما يثير القلق في بروكسل بسبب مطالب هذه القوى الداعمة.
حزب اليمين المتطرف SPD، الذي حصل على 7.8٪ من الأصوات، يعارض "الميثاق الأخضر" للاتحاد الأوروبي وسياسات الهجرة، ويطالب بتوجيه الأموال أولًا للتشيكيين قبل الأوكرانيين. ووصَف زعيم الحزب الأوكرانيين بـ"النازيين" ودعا إلى "محادثات سلام" بين موسكو وكييف. ينتمي SPD في البرلمان الأوروبي إلى مجموعة "أوروبا للأمم السيادية" (ESN)، الأكثر تطرفًا من الوطنيين، ويضم بجانبه حزب AfD الألماني.
أما حزب "صوت السائقين" المحافظ، الذي حصل على 6.8٪ من الأصوات، فيعارض خطط الاتحاد الأوروبي لحظر محركات الاحتراق الداخلي بحلول 2035 وينتقد "الميثاق الأخضر"، ويطالب بزيادة استقلالية براغ داخل الاتحاد الأوروبي، كما أنه عضو في مجموعة الوطنيين في البرلمان الأوروبي.
وأشارت مصادر في البرلمان الأوروبي إلى أن "القلق الرئيسي يتعلق بالشروط التي سيطرحها هذان الحزبان"، مشيرة إلى أن الرئيس بافل سيؤدي دورًا مهمًا في هذا الصدد.
الرئيس بافل ورقابة مصالح بابيش
سيبدأ الرئيس بيتر بافل، وفق الدستور، المناقشات مع رؤساء الأحزاب المنتخبين اعتبارًا من الأحد. ويُذكر أن بافل، الجنرال السابق لقوات الناتو، مؤيد بشدة لأوروبا، وقد التقى بابيش في بداية الأسبوع لبحث مخاطر تضارب المصالح مع أنشطته التجارية، ومن المتوقع صدور قرار قضائي حول اتهام زعيم ANO بالاحتيال على المنح الأوروبية.
وأوضحت مصادر في بروكسل: "خلال ولايته الأولى، كان أندريه بابيش مفاوضًا منفتحًا في المجلس الأوروبي، يمكن التعامل معه، وكان مستفزًا في بلاده، لكنه نادرًا ما كان كذلك في بروكسل. ومن المؤكد أن السياق الأوروبي قد تغير كثيرًا منذ ذلك الحين، وربما سيكون بابيش الثاني مختلفًا".
وأضافت المصادر: "ما هو مؤكد، أن الخطوات الأولى لرئيس الحكومة الجديد في المجلس الأوروبي ستخضع لمراقبة دقيقة. لن يكون ذلك بالضرورة خلال ثلاثة أسابيع في القمة المقبلة في بروكسل، ولكن ربما في منتصف كانون أول/ ديسمبر".
مَن هو الملياردير المتمرد؟
على الرغم من أن الملياردير يحب أن يصور نفسه باعتباره المتمرد المظلوم الذي يرتدي سترة بقلنسوة والمتحدث باسم الفقراء والمضطهدين، فقد كان جزءاً من مؤسسة البلاد طوال حياته.
ولد في ما يُعرف الآن بسلوفاكيا، ونشأ في عائلة تنتمي إلى النخبة القوية في "الدكتاتورية الشيوعية" في تشيكوسلوفاكيا.
بسبب عمل والده كممثل تجاري، عاش بابيش لبعض الوقت في سويسرا وفرنسا.
وبعد أن أنهى دراسته الثانوية في جنيف، درس الاقتصاد في براتيسلافا وعمل لاحقاً في التجارة الخارجية بنفسه في عدد من الأماكن، بما في ذلك المغرب.
النجاح في التسعينيات
بدأ صعوده الغامض إلى صفوف الأثرياء الفاحشين في جمهورية التشيك في "تسعينيات القرن العشرين"، وهي الفترة التي أعقبت انهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية.
في عام 1995، تولى ملكية شركة أجروفيرت الزراعية والكيميائية، التي كان يديرها سابقاً كمدير.
يروي بابيش عدة روايات مختلفة لقصة امتلاكه شركة أجروفيرت، مع أن العديد من النقاد يعتبرونها غامضة وغير معقولة أحيانًا. تضم أجروفيرت اليوم حوالي 250 شركة حول العالم، وتُقدر ثروة بابيش حالياً بحوالي 3.5 مليار دولار أمريكي (3 مليارات يورو).
ويقول إن ما يسميه الحالة التي تعيشها البلاد والتي لا تطاق، الفساد والبيروقراطية وانعدام الإصلاحات، هي التي دفعته إلى دخول عالم السياسة.
في عام 2011، أسس حركة "آنو"، التي تعني "عمل المواطنين الساخطين"، وهي في الوقت نفسه الكلمة التشيكية التي تعني "نعم".
منذ ذلك الحين، أصبح شعار الحركة الأهم هو "نعم، الأمور سوف تتحسن!" ووعدها بأن بابيش سيعمل على تصحيح الأمور في البلاد.
قضية عش اللقلق
أعطاه الناخبون الفرصة للقيام بذلك: كان بابيش وزيراً للمالية أولاً من عام 2014 إلى عام 2017، ثم رئيساً للوزراء من عام 2017 إلى عام 2021.
لكن فترة ولايته غرقت في جدل لا ينتهي حول تورطه المزعوم في قضايا احتيال وفساد. وكانت قضية "عش اللقلق" إحدى هذه القضايا.