معركة الأمعاء الخاوية لإسترداد الكرامة
يمضي المعتقلون الفلسطينيون في معركتهم ضد الإحتلال الإسرائيلي عبر إضرابهم عن الطعام منذ أكثر من شهر منتفضين بذلك على ممارسات الإحتلال اللاشرعية واللاإنسانية بحق المعتقلين الأسرى الفلسطينيين والعرب في إعتماده سياسة الإعتقالات الإدارية من دون إتهام أو محاكمة بالإضافة إلى المعاملة التي تخالف كل القوانين وعدم تحسين ظروف الأسر والإعتقال.
معركة الأمعاء الخاوية التي اشعل لهيبها المجاهد عدنان خضر عندما انتصرت أمعائه الفارغة على حواجز السجون وسجّاني أعتى الجيوش في المنطقة مُرسلاً بذلك أهم رسالة للشعب القابع في السجون الضيقة وكل السجون الفسيحة في فلسطين مفادها أننا نجوع في زمن التُخم لكننا نستمتع بلذة الكرامة وتلك أجسامنا الضعيفة والهزيلة أقوى من أولئك الذين يهرولون خلف علم يرفرف هُنا أو هناك, فشتان مابين من يجوع مقابل الكرامة ومن يلهث بالأرض مقابل السلام فلا أرض نال ولا سلام.
مواقف من شرّعوا لأنفسهم بأن يرئسوا ويحكموا الشعب الفلسطيني مخجل ولا يرتقي إلى حجم وقدر القضية –وأنا أقصد هنا السلطة الفلسطينية وعلى رأسهم الرئيس محمود عبّاس- فنحن لم نشاهدهم على شاشات الإعلام العربي والعالمي يحذرون ويثيرون القضية بالقدر الذي إعتدنا أن نشاهدهم يتحدثون عند أبواب الجمعيات والمجالس يشحذون إعترافاً بدولة فلسطين, غير مدركين بعد أكثر من ستين سنة بأن الحق لا يُطلب بل يُفرض في ظل إحتلال, لا بل خرج علينا السيد أبو مازن وكعادته على بعض الصحف متحدثاً عن حلم السلام مع "إسرائيل" والعودة إلى طاولة الحوار – بشروط- في ظل تآكل الأراضي الفلسطينية بأكملها وإنتشار سرطان المستوطنات وإستكمال نهج الإعتقال والتهجير القسري.
كُنّا بحاجة من السيد أبو مازن وجماعته أن يضربوا عن الطعام تضامُناً مع الأسرى المعتقلين والمضربين عن الطعام كأضعف الإيمان كونهم لايمتلكون أي قرارات أو ضغوط على أي طرف ليحرر الأسرى من أيادي الإحتلال الصهيوني. على كل حال نعلم أن حاجتنا منه صعبة التحقيق لكن بالتأكيد أن السلطة الفلسطينية هي من تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى على مايحدث داخل سجون الإحتلال في حال أصاب أي من المجاهدين الأسرى أي ضرر.
حركات المقاومة وعدت بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي وسترد في حال إستشهاد أيّاً من أبناء شعبها المضربين عن الطعام, كذلك المواقف الشعبية والحقوقية كان لها دورها الإيجابي, ولو أنها دون المستوى المطلوب كون المنطقة العربية تمر بحالة علاجية تكمن في إعادة إفراز للكرامة والعروبة والحرية من جديد عن طريق إقتلاع الأنظمة الفاسدة والمتعفنة كراسيها.
قضية الأسرى المعتقلين والمضربين عن الطعام تحتاج لأكثر من مجرد تضامن وإستنكار وشجب, هؤلاء المضربين عن الطعام يموتون جوعاً من أجل أن يحيى الشعب الفلسطيني بعزة وكرامة, يُضحّون بحياتهم من أجل شعب لم يروه لسنوات بل سمعوا عنه وقد لا يروه أبداً. الشعب الفلسطيني بحاجة إلى توحيد صفوفه بعيدا عن أحزابهم وحركاتهم والضغط على حكومتهم وعلى الإحتلال الإسرائيلي حتى لو اضطر الشعب بخوض انتفاضة ثالثة على الإحتلال وأعوانه في الداخل المنسقين معه, فإن ضمائر الشعب لن تستكين ما أن يستشهد معتقل ولن يغفر التاريخ لأي ممن تقاعس عن نصرتهم والله على مانفعل رقيب.