روبوت حامل في جنين.. الخدعة التي أصابت الملايين بالصدمة
في وقت يتزايد فيه القلق العالمي من انتشار الأخبار الكاذبة عبر الإنترنت، أثارت قصة مثيرة حول تطوير "روبوت حمل” في الصين ضجة كبيرة قبل أن يتضح أنها مجرد خدعة رقمية، في واقعة تعكس أهمية التحقق من المعلومات وضرورة التمييز بين الحقائق العلمية والروايات الزائفة في عصر الذكاء الاصطناعي.
القصة التي انتشرت على نطاق واسع خلال الأيام الماضية زعمت أن شركة صينية ابتكرت آلة شبيهة بالبشر قادرة على حمل الجنين البشري وإتمام عملية الحمل بالكامل دون الحاجة إلى رحم طبيعي، إلا أن التحقيقات المستقلة التي أجرتها منصات تدقيق الحقائق مثل "سنوبس” كشفت أن الصور المصاحبة للقصة مصممة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأن العالم المزعوم الذي نسب إليه الاختراع، ويدعى "تشانغ تشيفينغ”، لا وجود له في الحقيقة.
ويُرجع خبراء الإعلام سبب الانتشار الواسع للقصة إلى طبيعتها المثيرة وأبعادها المستقبلية التي لامست خيال الجمهور، غير أن افتقارها لأي أدلة علمية أو دراسات موثوقة حوّلها إلى مثال كلاسيكي على كيفية استغلال الإثارة لجذب الانتباه دون سند من الواقع، ما يسلط الضوء على مسؤولية وسائل الإعلام والجمهور في التحقق من صحة المعلومات قبل تداولها.
ورغم زيف القصة، فإنها أعادت طرح نقاش علمي وأخلاقي حول مستقبل تقنيات "الرحم الاصطناعي”، فالعلماء يؤكدون أن الطريق ما زال طويلا قبل الوصول إلى نظام قادر على محاكاة الحمل الطبيعي بالكامل، إذ يواجه الباحثون تحديات هائلة أبرزها تقليد وظائف المشيمة المعقدة التي توفر للجنين الغذاء والأكسجين وتزيل الفضلات وتحميه من العدوى. كما تمثل محاكاة البيئة الأمنيوسية وتوفير مستوى التعقيم الذي يوفره الرحم الطبيعي تحديا آخر لا يزال بعيد المنال.
يذكر أن البيئة الأمنيوسية هي الوسط المحيط بالجنين داخل الرحم، والمكون بشكل رئيسي من السائل الأمنيوسي وكيس الأمنيون، هذا الوسط يشكّل بيئة آمنة وملائمة لنمو الجنين وتطوره.
وتتركز الجهود البحثية الحالية على تحسين فرص بقاء الأطفال الخُدَّج على قيد الحياة. ففي الولايات المتحدة، طوّر مستشفى الأطفال في فيلادلفيا أنظمة تجريبية نجحت في دعم أجنة الحملان المبكرة داخل بيئة سائلة، وهو ما يفتح آفاقا واعدة لتحسين رعاية الأطفال المبتسرين في المستقبل القريب.
ومع ذلك، فإن الانتقال من هذه الأبحاث إلى استنساخ عملية الحمل بالكامل يثير أسئلة أخلاقية عميقة حول دور التكنولوجيا في التكاثر البشري وحدود تدخل العلم في العمليات الطبيعية.
وتؤكد هذه الواقعة أن التكنولوجيا، رغم إمكاناتها الهائلة، يجب أن تُطوَّر وتُستخدم في إطار من المسؤولية والرقابة الأخلاقية. كما تُبرز أهمية التحقق من المعلومات في زمن تنتشر فيه الأخبار الزائفة بسرعة البرق، حتى لا تتحول الأكاذيب الرقمية إلى حقائق راسخة في وعي الجمهور.