اخبار البلد
ومن الكرك يدفع النّاشطون ثمن ذلك !?
بادرعدد متواضع من محاسبي القطاع الحكومي في التّعبيرعن الظّلم الّذي لحق بخريّجي أو شاغلي الوظائف الحكومية في المحاسبة من حيث العلاوة أو من المواقع التي يتسلّمها هؤلاء مقارنة بزملائهم من المهن الأخرى !? . قد لا يعرف الكثير من أبناء شعبنا أن المحاسبين من حيث العدد ينافسون المهندسين والمعلّمين, أمّا من حيث الدّراسة الجامعيّة فإنّهم العدد الأكبرالذين يجلسون على مقاعدها حتّى تاريخه, أمّا من حيث المهنة فإن مهنة المحاسبة بفروعها المختلفة التي تبدأ بمسك الحسابات وتمرّ بإدارة النقد (الصناديق ), محاسبة التكاليف, المحاسبة الإداريّة والتدقيق الدّاخلي الى التدقيق الخارجي جميعها تخصصّات ذات علاقة بالمحاسبة, أمّا من حيث التأثير والدور المهني فإنّ غياب التنظيم النقابي للمحاسبين ساهم في تعزيز غياب المؤسّسة الحامية لهم من الذين يأمرهم بقيد المعاملات الماليّة أو بالتلاعب بالقيود المحاسبية التي لا تتفق مع القانون والأنظمة والتعليمات ومعايير المحاسبة المعتمدة في الأردن, فوجود النقابة لو وجدت فقد توفر(الحيطة المايلة) التي سيتّكئ عليها المحاسبون من مدراء ماليّين, محاسبين رئيسيّين أو مدققين داخليين لرفض تجاوزات الإدارة التي أوصلت اقتصادنا الى هذا الوضع الذي نعيش, هذا الأمر أخطر كثيراً في القطاع العام !? فانكشاف ظهر المحاسبين لعدم وجود حماية لهم يساهم وما زال في فقدان الملايين من الدّنانير الّتي تعود للخزينة, هذا القول ليس من الخيال إذ ان تقارير ديوان المحاسبة التي ُقدمت لمجلس النواب خلال السنوات الماضية والتي لم تقرأ حتى تاريخه !? مليئة بالتّجاوزات والاعتداءات على المال العام الذي قد يتضاعف بغياب نقابة قد تساعدهم في الوقوف أمام جبابرة الفساد والمفسدين إلإضافة الى أنها قد تدفع الحكومات الى الاعتراف بأن المحاسبين مهنيّين وهم يحتاجون الى مساواتهم بالمهن الأخرى !?
تنادت مجموعة من المحاسبين لمناقشة مشروع إنشاء النقابة العتيدة حيث أطلقت على نفسها اسم اللّجنة التحضيريّة, ونشطت بشكل جيد من خلال (الفيس بوك) بعد إنشاء وضع لها, وكان باكورة عملها على الأرض عقد اجتماع تأسيسي لمحاسبي محافظة الكرك, حيث تحدّث في هذا الاجتماع نقيب المعلّمين الذي أكّد على الحق الدّستوري للمحاسبين في إنشاء نقابتهم مشيراً الى توافق هذا الحق مع الاتفاقيّات الدوليّة التي وقّّعتها الأردن مع المنظّمات العالميّة التي أكّدت على حقِّ الأردنيين في التّنظيم, ولمّا كان المحاسبون يرغبون بنقابة مهنيّة تساهم في تعميق وعيهم المهني إضافة الى معالجة شؤونهم الأخرى, فقد أعلن نقيب المعلمين عن تأييده للجهود التي يبذلها المحاسبون من أجل إنشاء نقابتهم كحق دستوري وأسوةً بزملائهم في المهن الأخرى .
الأستاذ راضي الجعافرة المحاسب العامل في مستشفى الكرك الذي كان مديراً ناجحاً للاجتماع كان من ناشطي محاسبي الكرك, (معازيب) أهل عمّان الذين حضروا وكنت واحداً منهم حيث ساهمنا في إدارة حوار رائع حول أهميّة المحاسبة في القطاعات كافة باعتبار المال الرّكن الهام من أركان منشآتنا سواء كانت ذات صفة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية كاشفين ومتفقين على أهميّة المحاسبة وتفرعاتها في حماية الأردن ووقف الإعتداء عليه معلنين الانطلاق لبناء لجنة مركزية ممثلة لمحافظات المملكة من أجل وضع مشروع قانون لنقابة المحاسبين الأردنيين, فرحة غامرة كان يباركها عدد كبير من الحاضرين أو المناصرين لهذا التحرّك عبر موقع النقابة على (الفيس بوك).
لقد أصبح الحق بإنشاء النّقابات المهنيّة إضافة إلى الأحزاب والجمعيات حقّ دستوري, حيث عدلت المادة (16) منه, بعد أن حُرم الأردنيون عبر السنوات الماضية من عمر الأردن من حقهم بإنشاء النقابات باستثناء من استجابت لهم الحكومات و أو حكومات الظل التي ما زالت تتصدى لعجلة الإصلاح التي انطلقت بعد أن هبّت نسائم التغيير على الأردن ونجحت الحراكات الشعبية في تحقيق بعض المكاسب سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية, مع مراعاة أن استجابة القوى الخفية لبعض إجراءات الإصلاح !? لم تخدع شعبنا حتى تاريخه بهذه الإجراءات الإصلاحية فكلما أمعنت هذه القوى في وضع المزيد من عصيّها في دولاب التغيير, كلّما ارتفع مستوى الخطاب الشعبي في المطالبة في التغيير وفي الكشف عن حقائق جديدة تتعلق بتلكؤ أّولي الأمر منّا بالاستجابة الى طلبات حراكنا الشعبي المتعلّقة بالإصلاح .
كعادتهم قام الرافضون للإصلاح ولحراك المحاسبين باتخاذ إجراءات تعسفيّة بحق بعض الموظّفين العاملين لديها إما بتهديدهم أو بنقلهم الى مواقع أخرى, خاصّة اللذين تحدثوا عن حقوقهم من خلال اعتصام محاسبي وزارة الصّحة أو عن إنشاء النقابة وأو الترحيب بإنشاء نقابة للمحاسبين !? فتم نقل الناشط راضي الجعافرة من مستشفى الكرك الى مستشفى غور الصافي أما زميله أحمد زكارنه فقد تم نقله من مستشفى البشير الى مستشفى الزرقاء الحكومي !?
أين نحن من هذا الاعتداء السّافر على أبنائنا, من هي الجهة التي أصدرت هذا القرار في ظل أزمات متلاحقة تعصف بنا !? أي منطق يحكم هؤلاء الذين لا يحترمون دستوراً أو قانوناً !? كيف لها أن تواجهنا وهي تقرر نقل راضي الجعافرة وأحمد الزّكارنه من دون مبررات قانونيّة !? أي استهتار هذا الذي تمارسه هذه القوى ولمصلحة من يتم هذا في وضح النهار !? .
فانّ مصلحتنا العليا هي التي تدفعني إلى استنكار هذا الفعل الذي يؤكّد على أن هناك جهات ما, ما زالت ترفض التعديلات الدستورية من جهة وتدفع إلى مزيد من الأزمات وتؤيد الأجواء المتوترة أصلاً من جهة أخرى, إنّ الرّد على هذه الجهات يكمن بعزلها وكفّ يدها الطّولى التي عبثت وما زالت تعبث بالأردن وبمستقبله .