رغم التهديدات... إسرائيل تفاوض فرنسا وبريطانيا لمنع تطوير الاعترافات بفلسطين

في الوقت الذي يُهدد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باتخاذ «إجراءات عقابية» رداً على الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أنه يدير مفاوضات مع كل من فرنسا وبريطانيا وغيرهما، لكي يمنع تطوير هذا الاعتراف إلى علاقات دبلوماسية كاملة بدرجة تبادل السفراء.

 

وقالت المصادر، في تصريحات نقلتها القناة 12 العبرية، الاثنين، إن التهديدات التي أطلقها مقربون من نتنياهو لـ«معاقبة» الدول المعترفة بفلسطين بطرد الدبلوماسيين ومنعهم من دخول رام الله، ما هي إلا «تصريحات للاستهلاك الداخلي يحاول فيها نتنياهو إرضاء حلفائه المتطرفين، لكنه يعرف حدوده في التعامل مع الدول الكبرى».

 

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال إعلان اعتراف حكومة المملكة المتحدة بفلسطين يوم الأحد في لندن (رئاسة الوزراء البريطانية)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال إعلان اعتراف حكومة المملكة المتحدة بفلسطين يوم الأحد في لندن (رئاسة الوزراء البريطانية)

 

وعلى الرغم من الدعم الأميركي الواسع لنتنياهو؛ فإنه «يدرك أن تدهور العلاقات مع هذه الدول سوف يلحق ضرراً فادحاً بالمصالح الإسرائيلية السياسية والاقتصادية والعلمية»، وفق المصادر.

رد بعد رحلة نيويورك

وكان نتنياهو قد أعلن، الأحد، أن رد حكومته على الاعتراف الجارف بالدولة الفلسطينية سيتم بعد عودته من نيويورك، التي سيلتقي فيها مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقد اعتبر مراقبون إسرائيليون أن هذا الإرجاء للرد دليل على أنه «يريد اتخاذ إجراءات توافق عليها واشنطن، والرئيس ترمب بشكل مباشر».

 

 

وأوضح نتنياهو خلال اجتماع تشاوري، الاثنين، بحضور فريق قيادة الحرب، أن «التنسيق مع واشنطن يعد أولوية مطلقة لصد التسونامي السياسي الدولي».

وبحسب مصادر سياسية مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن ترمب يعرف غرض نتنياهو من اللقاء، وبدأ يستعد لبلورة رأي في الموضوع يجعل خطوات نتنياهو «متوازنة»، ما بين حكومته اليمينية المتطرفة التي يطالبونه فيها (وليس فقط بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير بل أيضاً من الليكود) بضم كل الضفة الغربية وبين التهديدات العربية بالرد على كل ضم، مهما كان كبيراً أو صغيراً أو رمزياً، بخطوات حادة تؤثر سلباً على «اتفاقيات إبراهيم للسلام».

رسائل عربية وأوروبية

وذكرت المصادر لـ«القناة 12» الإسرائيلية أنه بعد موقف الإمارات الحاد، ضد الضم، تم توجيه رسائل إلى إسرائيل من عواصم عربية أنه «ستكون لخطوات الضمّ تداعيات كبيرة على جميع المستويات».

كما وجهت دول غربية تحذيراً لإسرائيل بأنها سترد بشكل قاسٍ إذا قررت الرد على اعترافها بالدولة الفلسطينية.

وكانت مصادر سياسية قد سربت أن نتنياهو «ينوي اتخاذ قرارات ترضي اليمين المتطرف في حكومته، مثل: نقل المنطقة (ب) إلى نفس وضع المنطقة (ج) في الضفة الغربية، أي وضع المسؤولية العسكرية والمدنية الإسرائيلية، بدلاً من المسؤولية المدنية الفلسطينية».

 

 

وزعمت المصادر كذلك أن إسرائيل «ستفرض سلسلةً من العقوبات المحتملة ضد الدول التي تعترف بدولة فلسطينية، إذ اعتبرت تل أبيب، إلغاء تأشيرات الدخول إلى رام الله لدبلوماسيي هذه الدول، إلى جانب احتمال إغلاق قنصلياتها (رداً قوياً)».

وبحسب التقرير، فإن الردود المحتملة «تستهدف بشكل رئيسيّ، القنصلية الفرنسية، لأنها تقود، بالتعاون مع السعودية، التحرك نحو الاعتراف الجماعي بالدولة الفلسطينية، عبر إبلاغ دول أوروبا أن إسرائيل ستعرقل بشكل جدي إقامة سفارات لها في رام الله».

واستخدمت إسرائيل، بحسب التقرير، ورقة حرب غزة ومواصلتها، كما هددت بنشر «فرقتين أخريين من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية ليصبح مجموعها 22 فرقة تعمل على فرض السيطرة الأمنية ومنع عمليات ضد إسرائيل».

«تهدئة المستوطنين»

يذكر أن نتنياهو أرسل وزير دفاعه يسرائيل كاتس إلى مستوطنة كريات أربع للقاء قادة المستوطنين وتهدئتهم بأنه يريد الضم ولكنه يريد فعلها بأسلوب دبلوماسي حكيم حتى يكسب شرعية دولية.

ووفق ما نقل الإعلام العبري، فقد رد قادة المستوطنات بأنهم «يقدرون عالياً النيات الطيبة للحكومة ولكنهم يختلفون معها في التقييم، فهذا هو الوقت لضم الضفة الغربية بالكامل لإسرائيل، رداً على قرارات الاعتراف بالدولة الفلسطينية».

وأكدوا، بحسب التقرير، أن «من الخطأ حشر ترمب في الزاوية والتباحث معه في الموضوع. وأن على إسرائيل أن تتخذ قرارها بالضم، وستجد أن ترمب لا يقف عثرة في طريقها».