"جيدكو" الذراع الحكومي الداعم للمشاريع الاقتصادية والرائد في تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة


شيرين المساعيد

تُعد المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية (JEDCO)، التي تأسست عام 1972، الذراع الحكومي الرئيسي في دعم وتنمية المشاريع الاقتصادية، حيث بدأت مسيرتها بالتركيز على ترويج الصادرات الأردنية عبر المعارض والمراكز التجارية، قبل أن تتوسع مع مرور الوقت لتغطي مجالات أوسع من الدعم والتطوير.

وفي حديث خاص "لاخبار البلد" بين المهندس أسامة مكي، المستشار الفني في المؤسسة، في أن منتصف العقد الأول من الألفية شهد تحولاً نوعياً مع التوجه نحو دعم المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، تماشياً مع الاهتمام العالمي بهذه الشريحة، حيث كانت المملكة من أوائل دول المنطقة التي تبنت هذا المفهوم من خلال برامج لتشخيص مواطن التعثر وإيجاد بوادر النمو لدى الشركات. وأضاف أن قانون تطوير المشاريع الاقتصادية رقم 33 لسنة 2008 رسخ هذا الدور، فيما جاءت التعديلات عبر القانون المعدل رقم 12 لسنة 2016 لتخصيص نطاق العمل بشكل أدق.

وذكر مكي أن المؤسسة اعتمدت استراتيجيات متتابعة، حيث ركزت استراتيجية 2022–2024 على التحول الذكي والتحول الأخضر والتعافي الاقتصادي ما بعد الجائحة، بينما تستند الاستراتيجية الجديدة 2025–2027 إلى دعائم الصناعات عالية القيمة والابتكار، مؤكداً أن الاستراتيجيات تستلهم دائماً الخطط الحكومية الشمولية.

وأشار إلى أن المؤسسة تنفذ حالياً برامج متخصصة لدعم الريادة والمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، منها برنامج "اعمل مشروعك" الذي يستهدف الأردنيين فوق 21 عاماً ممن لديهم أفكار مشاريع مبتكرة، ويوفر دعماً مالياً يصل إلى 50 ألف دينار. كما يضم برنامج "تطوير" الذي يقدم منحاً مالية وفنية بسقف مشابه لدعم المنشآت القائمة وتطوير أنظمتها الإنتاجية والإدارية والتسويقية والجودة. وأضاف أن برنامج "تحديث الصناعة" قدم منذ نهاية 2023 ما يقارب 15 مليون دينار كمنح تطويرية لحوالي 200 شركة صناعية صغيرة ومتوسطة، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق برنامج متخصص لدعم التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي.

وبيّن أن المؤسسة تاريخياً تدعم القطاعات الصناعية والخدمية والزراعية والحرفية، لكنها اليوم تركز على قطاعات فرعية عالية القيمة استناداً إلى السياسة الصناعية الوطنية، وتشمل الصناعات الغذائية والكيماوية والدوائية والهندسية والمحيكات، إضافة إلى قطاعات خدمية وزراعية حديثة مثل الخدمات السحابية والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي. كما أشار إلى اهتمام متزايد بقطاعات السياحة غير التقليدية المرتبطة بالصناعات الإبداعية مثل سياحة المغامرات والسياحة البيئية، مبيناً أن هذه الأولويات منبثقة من رؤية التحديث الاقتصادي.

وأكد مكي أن القطاع الخاص الأردني يواجه تحديات عالمية مثل الاضطرابات السياسية أو الأزمات في سلاسل الإمداد، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على المنشآت الأردنية المرتبطة بالأسواق الخارجية. وأوضح أن هناك أيضاً تحديات داخلية أبرزها بطء النمو وضعف السيولة وقلة الطلب المحلي، إلى جانب شدة المنافسة، وهو ما يجعل المواءمة مع التطورات التكنولوجية السريعة صعبة نسبياً.

وأضاف أن المؤسسة تسعى لتحويل هذه التحديات إلى فرص، خاصة مع الصورة الإيجابية المتنامية للمنتج الأردني إقليمياً وعالمياً. وأكد أن برامج المؤسسة باتت تركز على ترقية الأنظمة الإدارية والتقنية والتسويقية، إلى جانب التدريب وتعزيز الترابطات الوطنية لتقليل الاعتماد على المستورد. كما دعا الشباب الأردني لاقتناص فرص الابتكار والابتعاد عن المشاريع التقليدية، مشيراً إلى أن المؤسسة توفر لهم البيئة الداعمة لذلك.

وأشار إلى أن المؤسسة تنسق مع جهات تمويلية مثل صندوق التنمية والتشغيل والبنوك التجارية والبنك المركزي، كما نفذت خلال السنوات الماضية منتجات إقراضية للشركات الزراعية بقروض تصل إلى 50 ألف دينار.

وأوضح أن أثر برامج المؤسسة يُقاس عبر مؤشرات أداء واضحة تشمل زيادة المبيعات والصادرات وخلق فرص عمل جديدة، مبيناً أن هذه المؤشرات تُرصد بشكل دوري للتأكد من مساهمة المؤسسة في تعزيز الاقتصاد الوطني.

كما لفت إلى أن المؤسسة تواكب التحولات العالمية عبر شراكات إقليمية ودولية، من خلال نحو 16 اتفاقيات فاعلة و4 أخرى قيد التوقيع، إضافة إلى تنفيذها لمشاريع مثل مشروع حماية الملكية الفكرية الذي نقل خبرات من دول متقدمة مثل إيطاليا واليونان، إلى جانب تنظيم فعاليات كقمة الريادة العربية 2022 في عمان ومنتدى الأعمال الصغيرة والمتوسطة في البترا 2024.

وفي ختام حديثه، ثمن المهندس أسامة مكي الدور الوطني للمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية، مؤكداً أنها أصبحت ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسية الشركات الأردنية، بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي والتحولات العالمية، قائلاً: "اليوم نحن أكثر خبرة من البارحة، ونسعى لتصميم برامج أكثر ذكاء بقربها من الاحتياجات الحقيقية للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة".