بين البندورة والتفاح


عندما ترتفع أسعار البندورة بشكل غير مسبوق ، تلك المادة الغذائية التي لا تستغني عنها البيوت ، وتكون في رأس قائمة المواد التي تطلبها ربات البيوت وتحرص على توافرها الدائم في الوجبات الرئيسة وما بينها . هذا الارتفاع الجنوني جعلني أتذكر الوصف الذي يطلقه عليها الأخوة في مصر ، إذ ينادي عليها البائع قائلا " مجنونة يا قوطة " . ولعل جنونها راجع للتذبذب الحاد في أسعارها أو بسبب لونها وطعمها الذي يخطف الألباب . فبينما يتدنى سعرها إلى درجة تجعل المزارعين يقومون برمي إنتاجهم في الشوارع احتجاجا . يرتفع سعرها الآن إلى الحالة التي تجعل المستهلك يُحجم عن شراءها أو لا يشتري منها إلا كمية قليلة ، وهذه حالة طارئة على الأسر وأربابها .

إنها " محبوبة الجماهير " الفقراء والأغنياء . فهي للفقراء وجبة رئيسية ووسيلة لإشباع جوع العائلة . فقلاية البندورة وجبة مشهورة وشهية يتقنها ويحبها الجميع . فإذا أضيف إليها شيء من اللحم أصبحت ترفا . وهي للأغنياء وجبه هامة للحمية والمحافظة على وزن مثالي . ومن المقبلات ، ولتحسين أداء الجهاز الهضمي لغناها بالألياف .

كذلك فإنها أكثر الخضار شبها بالتفاح من حيث الشكل واللون والحجم . إضافة لتقاربهما في السعر الآن . حتى أن بعض الظرفاء اقترحوا على المواطن عندما يتصور أن يفعل والى جانبه حبات من البندورة أو صندوقا من التفاح ، أو يجعلها خلفية لذلك . وربما يستغرب البعض أنها تُصنّف مع الفواكه في كثير من المراجع العلمية .

وليعذرني الأخوة من مصر الشقيقة والذين شرُفنا بالعمل سويا في أحدى دول الخليج ، فقد لاحظت أنهم يكثرون من شراء التفاح ويأكلونه باستمتاع ، وعندما سألتهم عن سبب شغفهم بالتفاح قالوا بأن التفاح في مصر ثمنه مرتفع جدا لدرجة لا يستطيع معظم الناس شراءه ، فحمدت الله أن التفاح في الأردن متوفر بحيث يمكن لمختلف الطبقات شراءه واستهلاكه . ولكن يبدو أن بركات الخصخصة واقتصاد السوق والاحتكار وصلت إلينا وجعلت التفاح والبندورة وسواها من السلع والخدمات كالفلافل والحمص والفول والتي كانت أكلات شعبية لإفطار الأسر وعشاءهم ، ارتفعت أسعارها فارتقت لتصبح على موائد الأغنياء فقط .

وبمناسبة الارتفاع الكبير في أسعار البندورة وباقي الإنتاج الزراعي ، فلقد كنا نفرح لو أن عوائد هذا الارتفاع تذهب إلى المزارع فيتحسن وضعه ويسدد ديونه والتزاماته ،أنا غير متأكد من ذلك ،فربما لا يصل إلى المزارع من الجمل إلا أذنه .