الاردن يسابق الزمن للخروج من أزمة الاصلاح

اخبار البلد_ يسابق الاردن، الذي يشهد منذ عام ونصف العام تقريبا تظاهرات مطالبة بالاصلاح واكبت اجتياح الربيع العربي للمنطقة، الزمن لاجراء انتخابات نيابية قبل نهاية العام الحالي بما يخرج المملكة من مربع الازمة.

فبعد اسبوع على تشكيل حكومة جديدة اثر استقالة حكومة عون الخصاونة الذي اتهمه الملك عبدالله الثاني بالتباطؤ بالاصلاح، وافق الملك على تشكيل هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات، في تطور رآه البعض اساسيا لضمان نزاهتها.

وفي لقاء مع رئيس مجلس النواب ورؤساء كتل نيابية الاثنين، اعتبر الملك ان "الاردن امام فرصة تاريخية لتحديد مستقبله هذا العام"، وحضهم على العمل مع الحكومة على انجاز قوانين الاحزاب والانتخاب والمحكمة الدستورية.

واضاف ان "كل ما تم انجازه من تعديلات دستورية وغيرها من قوانين بلا معنى ان لم يكن محصلة ذلك اجراء انتخابات نيابية على اسس من الشفافية والنزاهة"، وفقا لبيان للديوان الملكي.

ويصر المسؤولون الاردنيون على ان "الملك مصمم وجاد للغاية" في الاصلاح، لكن آخرين بينهم الحركة الاسلامية اعتبروا ان ما انجز من خطوات اصلاحية حتى الآن "في الهامش".

وقال مسؤول رفيع المستوى في الديوان الملكي لوكالة فرانس برس ان "الملك سيستمر في التدخل عند الضرورة لوضع الأمور على مسارها الصحيح لتطبيق الاصلاح السياسي، فهو الضامن للاصلاح ولن يسمح بأي تأخير".

واضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، ان "المملكة تمر بظروف استثنائية وتحاول الاستفادة من الربيع العربي لتسريع الاصلاح الشامل، لذلك يجب الا يسترح احد حتى تتحقق مطالب الشعب بالاصلاح".

واشار المسؤول الى ان احد تلك المطالب كان تشكيل الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات والتي شكلت برئاسة المبعوث السابق للامم المتحدة الى ليبيا ووزير الخارجية الاردني الاسبق عبد الإله الخطيب.

وقال ان "المملكة ستبذل جهودا مضنية لاجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية عام 2012، لا وقت لدينا لنضيعه".

ومن المقرر ان ينجز البرلمان قانوني الانتخاب والاحزاب خلال دورته العادية، التي مددها الملك حتى 25 حزيران/يونيو المقبل، الى جانب قوانين اخرى مهمة.

وقال سميح المعايطة، وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة لفرانس برس ان "مشروع قانون الانتخاب الآن بين يدي مجلس النواب، وعلى القوى السياسية والنواب الحوار للخروج بتوافق وحل وسط بشانه".

الا انه رأى ان ذلك "لا يعني بأي حال ان جميع مطالب القوى السياسية سيتم تلبيتها، فعلى الطرفان ان يجدا ارضية مشتركة بينهما، والحكومة ستدعم جميع جهود الاصلاح".

والغى مشروع قانون الانتخاب قانون الصوت الواحد المثير للجدل المعمول به بالاردن منذ التسعينات، كما رفع عدد مقاعد مجلس النواب الى 138 بدلا من 120 بينها 15 مقعدا مخصصا للمرأة و15 مقعدا للقائمة الحزبية.

الا انه واجه انتقادات شديدة من الاحزاب والحركة الاسلامية الذين رفضوا تحديده عدد مقاعد القائمة الحزبية.

من جانبه، رأى زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن ان "ما هو مطلوب ليس اجراء انتخابات لاجل الانتخابات".

واوضح لفرانس برس ان "المطلوب هو تغيير قواعد اللعبة السياسية في الاردن، فقد اجريت انتخابات عام 2010 و2007 وانتجت مجالس نواب لا تعبر عن الشعب".

وتساءل بني ارشيد "ما معنى اجراء انتخابات معزولة لا تشارك بها القوى الوطنية الرئيسية؟"، مؤكدا ان "كل ما اتخذ من خطوات نحو الاصلاح حتى الآن هي في الهوامش لا تمس جوهر العملية الديمقراطية او التحول الديمقراطي".

اما النائب والكاتب جميل النمري فرأى ان انشاء الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات هو "انجاز جيد"، لكنه انتقد "المراوغة" في انجاز الاصلاحات.

واضاف لفرانس برس ان "هناك حالة مراوغة للغاية من حيث انجاز اصلاحات حقيقية ام لا، وكأننا نصلح ولا نصلح"، معتبرا ان "الامتحان الأخير هو قانون الانتخاب واجراء الانتخابات".

واكد ان "الملك كان واضحا وسبق الطبقة السياسية في تحديد ملامح الاصلاح لا بل وصل الى تحديد الهدف المنشود وهو حكومات برلمانة منتخبة، لكن على الارض هناك مراوغة شديدة ومعظم التعديلات المنجزة لا تمس الجوهر وفي الغالب شكلية".

وادت حكومة فايز الطراونة الاربعاء الماضي اليمين الدستورية امام العاهل الاردني مكلفة باجراء اصلاحات تضمن تنظيم انتخابات نيابية قبل نهاية 2012، فيما رأت الحركة الاسلامية ومحللون انها "محافظة" وتؤشر الى "تراجع عن الاصلاح".

وجاء تعيين الطراونة (63 عاما) اثر استقالة رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة بعد نحو ستة اشهر من توليه منصبه لتنفيذ اصلاحات في البلاد، والذي اتهمه الملك ب"التباطؤ" بالاصلاح.

ورأى المحلل السياسي حسن ابو هنية ان "الاردن في ازمة، وغالبية الاردنيين غير متفائلين بان هناك جدية في عملية الاصلاح التي بدت بطيئة اكثر من اللزوم".

وقال لفرانس برس "لا شك بان الاصلاحات التي تمت في الهامش وليست في المتن"، مضيفا ان "جميع الحراكات الشعبية والاحزاب وحتى المواطن العادي ينتظرون منذ اكثر من عام مجموعة من الاصلاحات التي اصبحت معروفة كأولويات للاصلاح".

واشار الى ان "المدخل الأساسي للاصلاح هو قانون الانتخاب القادر على تمثيل الاردنيين وبعد ذلك يمكن الدخول الى باقي القضايا".

ويشهد الاردن منذ كانون ثاني/يناير 2011 تظاهرات واحتجاجات تطالب باصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية ومكافحة جدية للفساد.