واشنطن تواصل السقوط اللا أخلاقي في أحضان نتنياهو
الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب وفريقه اليميني المتطرف والعنصري والصهيوني الهوى، أشبه بقط أو فيل أو حيوان هائج في محل لبيع للزجاج أو الفخار، لا شيء بقي على مكانه.
ونتيجة لتورطها وغرقها مع مجرم الحرب بنيامين نتنياهو في حربه الدينية و”الرسالية” في قطاع غزة والضفة الغربية وفي لبنان وسوريا واليمن، تجد هذه الإدارة نفسها تدافع عن جرائم الاحتلال بكل الوسائل الممكنة الإعلامية والسياسية والقانونية وأيضا عبر سلاح العقوبات، فتقمصت شخصية الشيطان، تماما كما في فيلم أل باشنيو وكيانو ريفز الشهير "محامي الشيطان”.
بدأت هذه العقوبات ضد قضاة ومدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، ثم لاحقت موظفة أممية هي فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، بعد إصدار تقريرها المهم والمؤثر حول "اقتصاد الإبادة” وتورط شركات التقنيات والتكنولوجيا الأمريكية في جميع جرائم الاحتلال في قطاع غزة.
والآن امتدت يد الشيطان الرجيم وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو، لتدنس عمل منظمات حقوقية أهلية فلسطينية، فقد لطخت العقوبات الأمريكية ثلاث منظمات مجتمع مدني هي: "مؤسسة الحق”، و”المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان”، و”مركز الميزان لحقوق الإنسان”، على خلفية دعمهم عمل المحكمة الجنائية الدولية بشأن الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، هذه الإجراءات تأتي في أعقاب عقوبات أخرى فرضتها الحكومة الأمريكية على منظمة "الضمير” الفلسطينية المعروفة.
على مدى عقود، استمرت هذه المنظمات غير الحكومية بأداء عمل حيوي في مجال حقوق الإنسان، فيما يتعلق بالمساءلة العقوبات وغيباها سيحدث بالتأكيد أثرا مخيفا لا يقتصر على المجتمع المدني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بل قد يصبح أثرا عالميا.
العقوبات المفروضة على منظمات حقوق الإنسان هذه ستؤدي إلى تعميق سياسة الإفلات من العقاب، وإسكات أصوات الضحايا، وتهيئة المناخ للاستمرار في ارتكاب الانتهاكات والجرائم الدولية.
تقوم هذه المنظمات بعمل حيوي وشجاع، وتوثق بانضباط شديد انتهاكات حقوق الإنسان في ظل أقسى الظروف، بشهادة منظمات محترمة ووازنة مثل منظمة العفو الدولية. وقد واصلت عملها بثبات في مواجهة الحرب والإبادة الجماعية والواقع القمعي لنظام الأبارتهايد الإسرائيلي، إلى جانب المحاولات الكيدية لتشويه مصداقية تقاريرها وتجفيف مصادر تمويلها عبر اتهامات زائفة بالإرهاب.
كما أن هذه العقوبات المشينة والمخزية تهدد المعايير الدولية، وستقود إلى تجميد قطاع حقوق الإنسان بأكمله. ولا يخفى على أحد أن العقوبات تعيق جهود المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم دولة الاحتلال في غزة، في ظل استمرار الانتهاكات وغياب المساءلة.
أمريكيا المنفلتة من عقالها وعقلها تبدو وكأنها تعاند الزمن، فهو لم يعد أمريكيا، وباتت هناك قوى أخرى قادرة على المنافسة وملء المكان بكل سهولة ورشاقة وخفة، وتبدو الإدارة الأمريكية منفصلة عن الواقع فالعالم تغير، وغزة غيرت الكثير وفتحت العيون عن الكثير.
والمنظمات المدنية الفلسطينية وغيرها تُمثل صوت الضحايا الفلسطينيين، وتنقل قصص المعاناة الإنسانية والظلم، ولولاها لبقيت طي الإهمال والنسيان.
ما يقوم به ترامب وإدارته التي تعاني من ضعف في الإدراك سيقوض المؤسسات التي أُنشئت أصلا لضمان حقوق الإنسان وحفظ القانون الدولي، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، ولتطبيق القانون على الجميع دون تمييز أو انتقائية كما يسعى الغرب بمساعدة النتن على الإفلات من العقاب.