قبل الفطور
قبل الفطور
يجلس في سريره دون حركة ، يشعل سيجارة ويحدق في السقف .... يسحب منها نفساً عميقاً ....
- كم أكره يوم الجمعة ، يوم ممل للغاية ، ليس له أول من آخر .
يقول بينه وبين نفسه ....
- ماذا سأفعل ؟؟؟
يتساءل ...
يسحب نفساً عميقاً من سيجارته مرة أخرى ، يتناول بكسل مجلة ملقاة بجانبه ، يتصفحها دون اهتمام ، نفس الصور ، يحدق في بعض المناظر الطبيعية
- لبنان ! ... ما أجملها لبنان !!!!
يقول في صمت
- سأزورها ذات يوم ، وأسبح في شواطئها ، وأصاحب بناتها الشقراوات
يتذكر سعيد صالح ، والمقررات السهلة
يحدق في السقف ويسحب نفساً عميقاً يُسمع معه هسيس احتراق السيجارة ، ينتفض وقد لامست جمرة السيجارة طرف إصبعه ، يفرك اصابعه ويراقب ما تساقط منها على بيجامته ، ينفضها بظاهر يده ويلقي بالمجلة جانباً .
ينظر في ساعته
- لا يزال الوقت مبكراً على الصلاة
يسرح قليلاً ، ثم ينهض كأنه تذكر شيئاً ، يذهب مسرعاً ويحضر حفنة سكر ، ويبدأ في صف حبات السكر على شكل خط مستقيم بجانب أرضية السرير ، ويدور بها حول رِجل السرير ، ويكمل الخط إلى الرجل الأخرى ، ثم يدور مرة أخرى .
ثم يجلس ويراقب ، بعد قليل تأتي إحدى النملات ، تقترب من السكر ثم تعود ، تتوقف لبرهة وقد وجدت نملة أخرى ، تلامسها برأسها ثم تتابع سيرها ، لم تمضِ دقائق حتى بدأت النملات تشكل جيشاً يسير بخط مستقيم تماماً كما خطّه لها بحبات السكر . يبتسم ابتسامة عريضة ، ويراقب باهتمام طريقة عملها وذهابها وإيابها من ثقب في زاوية الجدار .
تمر ساعة كاملة وهو يراقب النملات ، يقطع الخط بمسحه بطرف إصبعه في بعض الأماكن ، فيلاحظ على الفور اضطراب في حركة النمل ، يضحك ويهز رأسه فرحاً .
يحك شعره المنكوش ويعود إلى السرير ، يفكر في مشروع حلاقة ذقنه ، لكنه يفكر في تأجيل المسألة ليوم السبت .
- لا أحد يحلق ذقنه يوم الجمعة .
يمسك دفتر يومياته ، يقرأ بضع صفحات خلت ، ثم يفتح صفحة جديدة ، ويكتب :
" الجمعة ، استيقظت كالعادة ، في البداية شعرت بالكسل ، ثم قمت وحلقت ذقني ، ثم ذهبت إلى المكتبة ، بعدها ذهبت إلى لبنان ، واستلقيت على الشاطيء ، الشمس كانت ساحرة ، ومن حولي الفتيات يتضاحكن ، ويتمايلن بأجسادهن الرهيبة ، غمزتني إحداهن ، فابتسمت لها وأكملت متعتي مع الشمس . ثم زرت حديقة الحيوان ، وشاهدت أسراباً من الزرافات جميلة ، سبحان الله ما أضخمها ! ثم عدت وجلست في سريري ، وشعرت بالجوع " ...
يلقي دفتر مذكراته جانباً وقد تذكّر شيئاً مهماً ...
ينهض ويقف عند باب الزنزانة ، وينادي من وراء القضبان الحديدية الصدئة :
- شو ما في فطور اليوم ؟؟؟؟؟؟؟
تمّت
د. أسامة عبد القادر – الأردن - الإمارات
drosamajamal@hotmail.com
يجلس في سريره دون حركة ، يشعل سيجارة ويحدق في السقف .... يسحب منها نفساً عميقاً ....
- كم أكره يوم الجمعة ، يوم ممل للغاية ، ليس له أول من آخر .
يقول بينه وبين نفسه ....
- ماذا سأفعل ؟؟؟
يتساءل ...
يسحب نفساً عميقاً من سيجارته مرة أخرى ، يتناول بكسل مجلة ملقاة بجانبه ، يتصفحها دون اهتمام ، نفس الصور ، يحدق في بعض المناظر الطبيعية
- لبنان ! ... ما أجملها لبنان !!!!
يقول في صمت
- سأزورها ذات يوم ، وأسبح في شواطئها ، وأصاحب بناتها الشقراوات
يتذكر سعيد صالح ، والمقررات السهلة
يحدق في السقف ويسحب نفساً عميقاً يُسمع معه هسيس احتراق السيجارة ، ينتفض وقد لامست جمرة السيجارة طرف إصبعه ، يفرك اصابعه ويراقب ما تساقط منها على بيجامته ، ينفضها بظاهر يده ويلقي بالمجلة جانباً .
ينظر في ساعته
- لا يزال الوقت مبكراً على الصلاة
يسرح قليلاً ، ثم ينهض كأنه تذكر شيئاً ، يذهب مسرعاً ويحضر حفنة سكر ، ويبدأ في صف حبات السكر على شكل خط مستقيم بجانب أرضية السرير ، ويدور بها حول رِجل السرير ، ويكمل الخط إلى الرجل الأخرى ، ثم يدور مرة أخرى .
ثم يجلس ويراقب ، بعد قليل تأتي إحدى النملات ، تقترب من السكر ثم تعود ، تتوقف لبرهة وقد وجدت نملة أخرى ، تلامسها برأسها ثم تتابع سيرها ، لم تمضِ دقائق حتى بدأت النملات تشكل جيشاً يسير بخط مستقيم تماماً كما خطّه لها بحبات السكر . يبتسم ابتسامة عريضة ، ويراقب باهتمام طريقة عملها وذهابها وإيابها من ثقب في زاوية الجدار .
تمر ساعة كاملة وهو يراقب النملات ، يقطع الخط بمسحه بطرف إصبعه في بعض الأماكن ، فيلاحظ على الفور اضطراب في حركة النمل ، يضحك ويهز رأسه فرحاً .
يحك شعره المنكوش ويعود إلى السرير ، يفكر في مشروع حلاقة ذقنه ، لكنه يفكر في تأجيل المسألة ليوم السبت .
- لا أحد يحلق ذقنه يوم الجمعة .
يمسك دفتر يومياته ، يقرأ بضع صفحات خلت ، ثم يفتح صفحة جديدة ، ويكتب :
" الجمعة ، استيقظت كالعادة ، في البداية شعرت بالكسل ، ثم قمت وحلقت ذقني ، ثم ذهبت إلى المكتبة ، بعدها ذهبت إلى لبنان ، واستلقيت على الشاطيء ، الشمس كانت ساحرة ، ومن حولي الفتيات يتضاحكن ، ويتمايلن بأجسادهن الرهيبة ، غمزتني إحداهن ، فابتسمت لها وأكملت متعتي مع الشمس . ثم زرت حديقة الحيوان ، وشاهدت أسراباً من الزرافات جميلة ، سبحان الله ما أضخمها ! ثم عدت وجلست في سريري ، وشعرت بالجوع " ...
يلقي دفتر مذكراته جانباً وقد تذكّر شيئاً مهماً ...
ينهض ويقف عند باب الزنزانة ، وينادي من وراء القضبان الحديدية الصدئة :
- شو ما في فطور اليوم ؟؟؟؟؟؟؟
تمّت
د. أسامة عبد القادر – الأردن - الإمارات
drosamajamal@hotmail.com