اعتقد أن أول من يدرك ان ثمن الاصلاح سيكون مكلف وباهظ الثمن هم الفاسدين الذين يقفون في وجه طريق الاصلاح. والحقيقة أنهم منظومة، ومنظمة قوية لها ما لها، وعليها ما عليها من الاستمرار، وإدامة الوضع الحالي، كونهم هم المستفيدون من امتصاص دماء وقوت الشعب، ونهب مقدرات الوطن، وهم لا يزالون يرسمون، ويخططون، ويدافعون بجميع قواهم، وأدواتهم، فهم قوة مالية كبيرة ومسيطرة تقريبا على جميع مفاصل ومداخل ومخارج موازنة الدولة، والسوق المحلي بجميع مكوناته. أما أدوات منظومة الفساد فهم بعض المسؤولين الفاسدين الذين هم أصحاب قرار، ويسخروا سلطتهم وهم بالمناصب الرسمية التي استولوا ويستولوا عليها عنوة وغصبة عن إرادة الشعب، والذين أصبحت المناصب محجوزة لهم ولذريتهم، وكما يقول المثل "ماسكينها من الباب الى المحراب". وأحيانا يتم جلب وزير من هنا، ووزير من هناك للتغطية، ويكون هؤلاء المساكين كشاهد الزور، ولم يكتفي الفاسدين وسراق قوت الشعب بالوزارات والمناصب العليا لهم، بل جندوا لهم ولحسابهم بعض الأسماء لخدمتهم من خلال مجلس النواب، ومجلس الاعيان، وبعض دوائر الدولة الهامة، الى أن وصل الامر الى أغلب مفاصل الدولة برمتها، بحيث أصبح في كل وزارة، ودائرة، وشركة، ومصنع، ومؤسسة، وميناء، ومطار، وسلطة، واتصالات، وحتى أراضي الدولة الحرجية. وجميع هذه المكونات لديها قضايا فساد، والدليل القضايا الموجودة لدى القضاء، ولدى مكافحة الفساد، عدا عن فساد أمانة عمان، والبلديات. والمحصلة أصبح الحديث بالأردن أن كل شيء فاسد. ونتيجة لهذا التصرف المجرم من قبل الفاسدين الذين يُعتبروا ويُصنفوا بالخيانة العظمى، وكل من شارك بهذه الجرائم الشنيعة يستحق الاعدام المرئي والعلني لهؤلاء المفسدين بالأرض داخل الدولة. لذلك أصبح أغلب المواطنين يهذولون من شدة الصدمة لما حصل لبلدهم من نهب، وسرقة مقدرات الوطن، والجميع يهلوس بالذي حصل. ويعتبر الشعب أن وضعهم الاقتصادي الردي والصعب سببه الاول هو هؤلاء الفاسدين لا غير. والذي يعتقد أن الحراك سوف يتوقف قبل زج ودخول هؤلاء الفاسدين وراء القضبان فهو واهم، بالرغم من تفاوت الاعداد للحراكات ما بين فترة وأخرى. بل بالعكس فإذا لم يتم الاصلاح بجميع جوانبه فإن القادم من الايام لا يمكن التنبؤ به، ولربما يكون الطوفان لا سمح الله. من هنا فإن مهر الاصلاح سيكون باهظ التكاليف على الفاسدين والمفسدين، ولا بد من دفعه من قبل المتورطين. لذلك من تابع لقاء سيدنا مع النواب حينما قال بالحرف الواحد: "إذا لم يتم إجراء الانتخابات فإن جميع الاصلاحات حكي فاضي". وبالتالي هذه لغة المعارضة الوطنية وجواب على كل من يُشكك بنية سيدنا انه تراجع عن الاصلاحات، بل الذين ترجعوا هم الحاشية، والحكومات المتعاقبة، ومجلس النواب، وليس سيدنا. بل يُلاحظ أن سيدنا سابقا كان يتعامل مع الاصلاحات على اساس ان المسؤولين يريدون الاصلاح، وحينما وصل الى قناعة انه لا يوجد من يريد الاصلاح سوى شخص سيدنا. لذلك جاء لقاء سيد البلاد مع النواب والحاشية ليصدر أوامره بالإصلاح، وإصراره على تنفيذها دون الالتفات لما سواها ولا رجعة عنها. لذا وجب على النواب والحكومة تنفيذ أوامر سيدنا قبل فوات الأوان والندم على ما فات، وأن الاصلاح قادم قادم سواء كان اليوم أو غدا، وسوف يكون مهر الاصلاح غالي.