الانهيار الناعم للسلطة في رام الله؟

تسريب صوتي يتحدث عن انهيار ناعم للسلطة الفلسطينية في رام الله يسيطر فيها الاحتلال على كامل الضفة الغربية بدءا من الخليل وبيت لحم، ويهجر عشرات الاف الفلسطينيين من حاملي الوثائق المزدوجة بطريقة ناعمة وهادئة.

التسريب اثار لغطا ممزوج بحالة من الإحباط والعجز امام المخططات الإسرائيلية في الضفة الغربية، خصوصا يعد ان قدم وصفة قاتله لطريقة التعامل مع الحدث، ليبدوا كانهيار ناعم بدون مقاومة، وكتحصيل حاصل لنشاط امتد على مدى سنيين واعوام.

السلطة الفلسطينية سارعت الى اعتقال المسؤولين عما سمي تسريب لمجريات جلسة جمعت وزير فلسطيني باركان وزارته، نافية صحة المعلومات محملة ناشريها المسؤولية عن اثارة الفوضى واللغط في الشارع الفلسطيني بل والاقليم.

من ناحية أخرى اعتبر مراقبين التسريب كنداء استغاثة صادر عن السلطة في رام الله موجه للدول العربية والشارع العربي، واخرون اعتبروها نشاط ممنهج للكيان الإسرائيلي لفرض رؤيته وتهيئة المناخ النفسي المناسب للترانسفير والضم، وثالث بانها مجرد محادثة تعكس مخاوف الناس وهواجسهم اليومية في الضفة الغربية.

بغض النظر عن ماهية التسريب، يمكن القول: ان ما يحدث في الضفة الغربية لم يتجاوز كثيرا التسريبات او المحادثة المزعوم انتسابها لأعضاء من السلطة وحركة فتح، ما نفته السلطة في رام الله، فالكيان الإسرائيلي يحث الخطى نحو الضم محكما الخناق الاقتصادي والأمني على الفلسطينيين في الضفة الغربية، فقد بلغت هجمات المستوطنين في الضفة الغربية في النصف الأول من العام 2025 ثلاث اضعاف مثيلاتها في العام الفائت لتصل الى 1000 هجوم خلال الأشهر الثمانية الفائتة، وهي احصائيات للأمم المتحدة لا تشمل كافة الهجمات التي يتعرض لها الفلسطينيون في مدارسهم وأماكن عملهم.

الأوضاع في الضفة الغربية غير مطمئنة ولم تكن كذلك قبل تسريب المكالمة الإشكالية، ولن تكون افضل حالا بعد اعتقال من سرب التسجيل الصوتي للمكالمة الإشكالية.

في المحصلة النهائية منذ اشهر تعمل الماكينة الإسرائيلية بكامل طاقتها لتنفيذ مخططها عبر اطلاقها حربا نفسية على الضفة الغربية قوامها تصريحات المسؤولون الصهاينة وتحركات المستوطنين وتعميق جراح الغزيين، لتهيئة الأجواء لتهجير ناعم وانهيار اشد نعومة للسلطة واركانها، ويبدوا ان حربها وجدت طريقها للسلطة التي تتحدث عن مقاومة ناعمة تشبهها، كما وجدت طريقها للشارع الفلسطيني والعربي عبر اثارة الهواجس واللغط حول المستقبل ومالاته، ما يعني ان المناعة السياسية والنفسية باتت في اسوء حالتها في المنطقة العربية مهيئة لانهيار ناعم للسلطة على الجانب الإسرائيلي ومدمر فتاك على الجانب الفلسطيني والعربي.