التوهان في حياتنا


عندما تلتقي مع الأصدقاء والأقرباء تلاحظ من خلال الحوار والنقاش غياب الرؤية الواضحة حول الحياة ومستقبلها، خصوصا عند الشباب، بالإضافة إلى عدم امتلاك منهجية محددة للحياة، وكثيرا ما تكون الأهداف التي نسعى إليها غير محددة المعالم. ونجد كثيرا من الشباب يغيرون مواقفهم من فترة زمنية إلى فترة زمنية أخرى، دليلا على حالة عدم الاستقرار النفسي والفكري، حيث تتبدل مفاهيمه لكثير من القضايا، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، حول كثير من القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية، من خلال تناولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث الأفكار المتناقضة والآراء المختلفة، حيث كل محلل وكل شخص يحلل المسائل المطروحة من زاوية معينة تنسجم مع تفكيره ورؤيته للأمور.

وبالتالي أصبحت الفوضى الفكرية والسلوكية تعم المجتمع، وتصبح الأفكار العشوائية تسود الحوارات والنقاشات، ومنها ما يقود إلى النزاعات والصدمات بسبب التشوش العقلي الذي يتجلى في اضطراب التفكير وعدم وضوح الرؤية. كل ذلك ينعكس على السلوك الفردي والاجتماعي، وبالتالي نجد غياب العمل الجماعي كما عهدناه سابقا.

إن تنظيم الحياة وترشيد الوقت والعمل الجماعي والشعور بالمسؤولية تجاه الواجبات واحترام القانون كلها من أهم أسباب تقدم المجتمعات، ويجب أن تكون الأهداف واضحة المعالم دون توهان في عالم أصبح عبر شاشات صغيرة تجعل من كل شخص ذي جنسية مختلفة يطرح أفكاره المتضاربة بكل يسر وسهولة.

إن الحياة الأخلاقية والروحية تضيء النفس، وعلينا أن نتجنب السلبيات وكل ما من شأنه أن يغير من مفاهيمنا الأخلاقية والفكرية والدينية، وأن نكون محصنين من أي فكر متطرف غايته المساس بالوطن والأمن المجتمعي. ولا شك أن صعوبات الحياة كثيرة، والتي تنخر بمجتمعاتنا لأسباب عديدة، والتي تحاصر الإرادة الفردية وتجعل تنظيم الواقع الاجتماعي شديد الصعوبة، لكن علينا أن نبدأ ونستمر بالعمل في كافة مجتمعاتنا بحس وطني وانتماء للوطن.