السنوات العجاف

اخبار البلد 
سنة بعد سنة يزداد العبئ على رب الأسرة الأردنيّة بدءا من تكاليف الحياة الأساسيّة كالمياه والكهرباء والكاز والسولار وخدمات الصحّة والتعليم والغذاء كحليب الاطفال واللبن واللحوم البيضاء والحمراء والخضار في نفس الوقت الذي ترتفع فيه تكاليف ما كان يُعرف بالكماليات كالسجائر والشوكولاتة والاجهزة الكهربائيّة وأجور حلاقة الشعر وغيرها ممّا انتجته الحياة الحديثة وقس على ذلك الكثير .
ومع إزدياد الاعباء الماليّة على المواطن الأردني فإنّ راتبه وبالرغم من التعديلات الأخيرة على سلّم الرواتب ما زال لا يتناسب مع تكاليف المعيشة وهذا طبعا بإستثناء بعض الرواتب الفلكيّة التي لا تتناسب مع وضع البلد الإقتصادي ولا مع مبدأ التكافل الإجتماعي .
ومع هذه السنين العجاف حيث نقصْ المال والماء والعدالة الإجتماعيّة يتنعّم وزراء البلد ونوّابه وكبار مسؤوليه برغد العيش من ضخامة الرواتب وعديد الحوافز وكثير التسهيلات بحيث أصبحوا محطات حسد من فقراء الوطن وصغار موظّفيه حسب التصنيف السخيف لسلّم الرواتب المعمول به .
نعم وطن ولا احلى وجو ولا ابدع وتراب ولا اكرم ولكن لابدّ من تقليل الفجوة الظالمة بين فقراء الوطن العاملون بإنتماء والصابرون على مضض وبين الأغنياء الذين ينهلون من خيرات الوطن بلا إحساس بالأغلبيّة الفقيرة بعد ان إستطاع الكبار شطب الطبقة الوسطى وتحويل معظمها الى الطبقة الفقيرة بل والمُعدمة احيانا فكيف يستطيع هؤلاء ان يتبغددوا بتلك الأموال ويُطعموا ابناؤهم من اموال متأكّدون أنّ فيها للفقراء نصيب.
وفي نفس الوقت كانت السنوات ظِرافا على النوّاب ممثّلي طبقة الأغنياء على مكاسب لم يحلموا بها وهم تشبّهوا بالوزراء في نهش المكاسب طول العمر مهما طال او قصُر بينما الموظّف البسيط يبقى طول عمره يحلم براحة البال والإكتفاء ولو ليوم واحد دون التفكير بمطالبات البنوك او اصحاب الدين او سداد الإلتزامات ناهيك عن نكد الازواج والابناءمن قلّة المال وفقر ذات اليدْ .
لو انّ الحياة الحزبيّة التعدّدية موجودة وانّ الحكومات منتخبة بشكل نزيه وديموقراطي لما كانت تلك الفجوات في المداخيل بين الناس نعم نحن لسنا ضدّ الابداع والتميّز وهذا له تشجيعه بالمال والدعم الأكيد ولكن سلّم الرواتب يجب ان يخلوا من الظلم والتعسّف مثل تلك الفجوة الموجودة في سلّم الرواتب بين الدرجات العليا وما دونها .
من يُصدّق اننا بقليل من المال عشنا حياة فيها راحة بال وكانت الاشياء متوفرة واسعارها في متناول معظم الناس فما الذي إنقلب حتّى صرنا هكذا .
كيف نزعت البركة من الفلوس عندما نُزعت الرحمة من قلوب العباد وكيف اقترب الفقر والجوع والجهل منّا عندما ابتعدنا عن ربّْ العباد وكيف ساد الفساد عندما تملّكنا الغرور والعناد .فكان غضب الرب كبيرا ورحنا في جريرة الفاسدين والمغرورين فحرمنا الله سُقيا المطر وكانت الامراض في اطفالنا والإنحلال في شبابنا وابتعدت عنّا عوامل النصر فذقنا الهزيمة تلو الهزيمة حتّى استنجدنا بالأجنبي على بعضنا ونهب البلاد زعماؤها ونافق الحكّام علماؤها وطال االنزاع والقتل ابناؤها وهكذا كان .........
وكانت سنوات عجاف بينما ترى الشباب في المقاهي وصالات البلياردو وفي الشارع يتباهون بسيارات جديدة غير آبهين بأحوال أهليهم يعيشون حياة ظاهرها الغنى وداخلها القهر والفقر تلك هي ثقافة الضعفاء .
آلا ليت شعري هل تعود راحة البال وينمحي قهر الرجال وتتلئلأ ضحكات الاطفال ويغور الجاه والمال ونكتفي بالحلال .......
أحمد محمود سعيد
8/5/2012