وزارة المالية السورية تحلّ مجلس إدارة شركة العقيلة للتأمين

أعلنت وزارة المالية السورية وهيئة الإشراف على التأمين، اليوم الأحد، حلّ مجلس إدارة شركة العقيلة للتأمين التكافلي، وإبعاد الإدارة التنفيذية القائمة، وفرض حجز احتياطي على عدد من المديرين والمساهمين، ضمن جهود الحكومة الرامية إلى مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في القطاع التأميني.


وتأسست شركة العقيلة للتأمين عام 2007 كأول شركة تأمين إسلامي (تكافلي) في السوق السورية، وتعد من أكبر شركات التأمين الخاصة في البلاد. وتمتلك الشركة عدة أطراف، أبرزها رجل الأعمال الكويتي عبد الحميد دشتي وعائلته، إلى جانب شركات مرتبطة بها، ما يعكس هيمنة الأسرة على إدارة الشركة واتخاذ قراراتها الاستراتيجية.

وجاءت الإجراءات الأخيرة بعد أن كشفت هيئة الإشراف على التأمين عن مخالفات جسيمة في أعمال شركة العقيلة للتأمين تراكمت على مر السنوات السابقة، ما استدعى تشكيل لجنة وزارية متخصصة لدراسة أعمال الشركة والاطلاع على الشكاوى والملفات المرتبطة بالمخالفات. وكشفت اللجنة عن عدة مخالفات مالية وإدارية، تضمنت سوء إدارة الأموال، وتأخير أو تقصير في تنفيذ الالتزامات والعقود التأمينية الموقعة مع المؤمّنين، بالإضافة إلى ملاحظات تتعلق بعدم الالتزام بمعايير الشفافية والحوكمة الرشيدة، ما أثر على سير العمل وهدد حقوق المساهمين والمستفيدين، واستدعى اتخاذ إجراءات جذرية لإعادة تنظيم الإدارة وضمان حماية الأموال العامة والخاصة.

سوء إدارة في شركة العقيلة للتأمين وقال مصدر مسؤول في وزارة المالية إن رأسمال الشركة يبلغ خمسة مليارات ليرة سورية (الدولار يساوي حوالي 10 آلاف ليرة)، موزعة على عدد من المساهمين، أبرزهم أفراد وشركات مرتبطة بعائلة دشتي التي تسيطر على القرارات الاستراتيجية. وأوضح أن المخالفات تشمل سوء إدارة الأموال، والتقصير في تنفيذ الالتزامات التأمينية، وعدم الالتزام بمعايير الشفافية والحوكمة. وأضاف أن الإجراءات المتخذة تهدف إلى حماية رأس المال وأموال المؤمّنين، وإعادة تنظيم عمل الشركة وفق أعلى المعايير الرقابية والإدارية، مؤكداً أن "جميع العقود التأمينية الموقعة ستظل سارية"، وأن السوق التأميني سيبقى مستقراً.

وأشار المصدر إلى أن الوزارة ستتابع تطبيق توصيات اللجنة، وأن "أي تضرر سابق سيتم إنصافه وفق القوانين والأنظمة النافذة، لتعزيز الثقة في قطاع التأمين أمام المستثمرين والمواطنين". وأكد أيضًا أن هذا القرار "يعد الخطوة الأولى في حملة أوسع لإعادة الانضباط في القطاع"، وأن الإجراءات ستشمل خلال الفترة القادمة عددًا من الشركات المخالفة الأخرى لضمان حماية أموال المساهمين والمستفيدين، وتعزيز الثقة في السوق، مشيراً إلى أن سوق التأمين السوري يضم نحو 30 شركة تعمل في مختلف القطاعات التأمينية.

وأكد وزير المالية ورئيس مجلس إدارة هيئة الإشراف على التأمين، محمد يسر برنية، أن جميع العقود التأمينية الموقعة مع المؤمنين "ستظل سارية، ولن يتأثر أي مؤمن بحقوقه"، مشدداً على التزام الدولة بالحفاظ على استقرار سوق التأمين وحماية حقوق المستثمرين والمساهمين والموظفين. كما أوضح أن اللجنة خاطبت الجهاز المركزي للرقابة المالية لإجراء مراجعة وتدقيق شامل للملفات المتعلقة بالمخالفات.

من جهته، رأى الخبير الاقتصادي السوري شادي غانم أن هذه الخطوة "تعكس حرص الحكومة على إعادة الانضباط إلى المؤسسات المالية، وتعد إشارة مهمة للمستثمرين بأن الدولة جادة في محاربة الفساد وضمان الشفافية في القطاع المالي". وأضاف أن استعادة الثقة في سوق التأمين تساعد على جذب المزيد من الاستثمارات، وتفتح المجال لتطوير منتجات جديدة، بما يسهم في تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني وحماية حقوق المواطنين والمساهمين على حد سواء.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن إصلاح قطاع التأمين "يساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، خصوصاً في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية التي تعتمد على التأمين كأحد الأعمدة الأساسية لممارستها الآمنة"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة "تمثل رسالة قوية للمستثمرين بأن الحكومة ملتزمة بإعادة الانضباط وتعزيز الشفافية في القطاع".