إزالة الدعم عن السلع حاجة أم ترف؟

تشيv المعلومات بأن حكومة فايز الطراونة المكلفة تنوي اتخاذ قرار رفع الدعم عن السلع وتطبيق معادلة السوق الحر بحسب ما تتصوره والذي انطلقت شرارته مع تحرير سوق المشتقات النفطية قبل أكثر من 5 سنوات خلال حكومة رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي.
هذه الحكومة تملك ذلك الترف كونها راحلة خلال شهور قليلة، ولن تحتاج لموجة احتجاجات لا تحمد عقباها في حال لامست قوت الناس وفرضت ضرائب جديدة مع زيادات مرتقبة في فواتير المياه والكهرباء والبنزين، حتى لو أنجزت ما هو مطلوب منها بما يتعلق بقانون الانتخاب.
حكومة رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي عانت صدمة مفاجأة بعد انطلاق احتجاجات في ذيبان بعد الحديث عن برنامج اقتصادي وطني يتضمن بنودا ضريبية ورفع الدعم.
أما حكومة رئيس الوزراء السابق معروف البخيت التي فصلت بين الحكومتين بقيت مترددة حتى أطاحت بها ملفات أخرى سياسية وقضايا فساد طفت على السطح.
حكومة رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة بقيت حيادية تجاه هذه المسألة وحتى قضايا الاقتصاد بشكل عام باستثناء تنفيذ مشروع إعادة هيكلة الرواتب والذي تشوه فيما بعد، وبموضع سؤال كيف ستواجه حكومة جديدة ما بعد الطراونة تداعيات تلك القرارات الصعبة؟
وإن كان لا بد من ضرورة ذكر ضغوط مؤسسات دولية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين باتجاه رفع الدعم، إلا أن شح السيولة وما يعاني منه الاقتصاد بشكل عام من هبوط إيرادات واستثمارات وانخفاض نمو وزيادة عجز موازنة ودين عام لها دور كبير في مثل تلك القرارات المرتقبة.
في المقابل، سؤال آخر يفرض نفسه إن كانت هذه الحكومة استنفذت الخيارات كافة لتسلك طريقا أشبه بالانتحار لن يمسها بقدر ما يمس الحكومة المقبلة؟
الإجابة تكمن في عدة أسئلة أبرزها ماذا ستفعل هذه الحكومة في ترشيد النفقات مع وعود متكررة منها ومن غيرها بينما تزيد في الموازنات المتعاقبة، وماذا ستفعل في موضوع هيكلة المؤسسات المستقلة التي تستنزف مئات الملايين سنويا من موازنة بلد يعتمد على المساعدات والقروض.
السؤال الأهم: لماذا التلكؤ في إصدار تشريعات موازية مع قرار إزالة الدعم مثل قوانين الاحتكار وحماية المستهلك والاستثمار، وأخرى لها علاقة بتنظيم عمل السوق ضمانا لعدم انفلات في الأسعار، حتى لو وجدت آلية ناجعة في توجيه الدعم لمستحقيه نقدا أم سلعا.
يبدو أن معظم الحكومات بما فيها الحالية لا زالت تعمل بنظام الفزعة، رحل الذهبي فجأة بعد قرار تحرير المشتقات النفطية، عينت حكومة الرفاعي لمعالجة وضع مأزوم فرحلت هي الأخرى فجأة مع بقاء الوضع كما هو، حتى عينت حكومة البخيت التي راكمت على السابق وهذه الحكومة سترحل بعد إضافة المزيد.
هل يعي المسؤولون تداعيات تلك القرارات حتى على المدى البعيد وإن كانت المؤشرات السلبية تظهر حاليا من خلال الزخم الذي تتخذه الاحتجاجات، مع ضرورة التذكير بالجوانب الاجتماعية وأهميتها وإمكانية أن تنعكس في وقت قريب على الصحة والتعليم والخدمات بعد أن طالت الأسعار الأخضر واليابس.. آنذاك لا يمكن الحديث عن تشكيل حكومات ولن يكون تشكيلها مخرجا لا من أزمات سابقة ولا أخرى لاحقة، وقتها لن نستطيع طرح السؤال ذاته بأن إزالة الدعم عن السلع حاجة أم ترف؟