هل حقاً تفاجأنا من كلام نتنياهو؟!
لا جديد في ما قاله رئيس وزراء العصابة التي تختطف فلسطين وشعبها من 77 عاما، لكننا نحن العرب لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نفهم ولم يلصق في ذاكرتنا إلا بقايا الكلام وفتات المواقف.
كشف بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع قناة "i24” العبرية، عن اعتقاده بأنه يؤدي "مهمة تاريخية وروحية”، مؤكدا ارتباطه بما يُعرف بـ”رؤية إسرائيل الكبرى” التي تشمل -وفق المزاعم الإسرائيلية- فلسطين وأجزاء من الأردن ولبنان وسوريا ومصر.
نتنياهو المنفصل عن الواقع والذي يعيش داخل الأنا المتضخمة جدا، ويغرق حتى أذنيه بالغطرسة والغرور والنرجسية، والفار من وجه العدالة والذي يعتقد بأنه مرسل لأداء رسالة يعتبر نفسه في "مهمة أجيال” نيابة عن الشعب اليهودي”، كما نقل موقع "تايمز أوف إسرائيل” عنه.
وقد برز مصطلح "إسرائيل الكبرى” إلى السطح بشكل علني وفج بعد حرب حزيران عام 1967، بعد احتلال مدينة القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان، ولا يزال ضمن أجندة هذا الكيان المارق والمصاب بالجرب.
وزارة خارجية الاحتلال كانت قد نشرت في كانون الثاني الماضي خريطة مزعومة تزعم وجود "مملكة يهودية” قبل آلاف السنين تضم أجزاء واسعة من فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر، في سياق دعاية سياسية تتماشى مع الرواية التوسعية الاستعمارية التي تستند إلى روايات تاريخية ودينية ملفقة تدخل ضمن باب الأساطير وأضغاث الأحلام .
ولسنا هنا في موضع تقديم دراسة تاريخية لكشف زيف هذا الادعاء، فالصهاينة ومن خلفهم الإنجيلية الصهيونية والمسيانية او المسيحانية تعتبر هذا الوعد أساس قيام دولة الاحتلال، رغم أن رعاة هذه الدولة حين كانت لا تزال فكرة، علمانيين وأصحاب رؤوس أموال، وجزء كبير منهم ملحدون، لكنهم حين يتحدثون عن هذا الكيان يعودون إلى النصوص الدينية، من أجل إقامة كيان توسعي استعماري عنصري إحلالي.
نتنياهو نفسه ليس يهوديا مخلصا، لكنه يلبس عباءة الدين والنصوص المقدسة لتمرير خططه في التخلص من الفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين ومواصلة التوسع الاستعماري.
ولا ينبغي لأي دولة عربية أن تسترخي وهي تستمع إلى رجل منفصل عن الواقع وفي حالة إنكار شديد، فهو يسير بخططه دون أن يلتفت إلى الوراء، وهو أصلا لا يقيم وزنا للعرب، أنظمة وحكومات وشعوبا، بدليل أنه يمنعهم من تقديم أي مساعدة للشعب الفلسطيني المحاصر الذي يعاني من القتل والتجويع والتشريد في قطاع غزة، وهو الآمر الناهي في هذا الملف، و400 مليون عربي، و22 دولة وجيش، مجرد شهود على المذبحة وعلى نتنياهو وهو يحقق "إسرائيل الكبرى”، ليس لشجاعته ولكن بصمتنا وتفرقنا وخوفنا من الرجل البرتقالي الذي بات مكشوفا للشعب الأمريكي.