الإرهابي البلطجي بن غفير يطارد عز الدين القسام في قبره!
بن غفير، بلطجي تل أبيب، والأزعر الجبان الذي تهرب من الخدمة في جيش الاحتلال، ويهرب مثل فأر مذعور من مواجهة المقاومة، يخاف من الشهيد عز الدين القسام حتى وهو ميت، لذلك أصدر أوامره بهدم قبر القسام، وقال لرئيس بلدية نيشر في جلسة استماع في لجنة الداخلية: "أصدر أمر هدم لقبر عز الدين القسام، وستتولى الشرطة تنفيذ الهدم وتأمينه. لا يمكن للإرهابيين أن يرتاحوا حتى في الموت”.
المقترح يُنسب لرئيس لجنة الداخلية في "الكنيست” الإرهابي يتسحاق كرويزر، عن حزب "القوة اليهودية الذي اقترح نقل قبر الشيخ عز الدين القسام من مقبرته التاريخية في قرية الشيخ قضاء حيفا المحتلة عام 1948.
كرويزر يرى في نقل القبر "ورقة تفاوض” لاستعادة الأسرى الإسرائيليين أو دفنه في مقبرة مخصصة للمقاومين.
جلسة خاصة شارك فيها النائب المتطرف كرويزر ومسؤولين من الشاباك وشرطة الاحتلال لمناقشة هذا المقترح، ضمن سلسلة محاولات تستهدف مقبرة شهداء المقاومة التي أنشئت في عهد الاحتلال البريطاني في القرن العشرين.
كل هؤلاء يناقشون كيف يتخلصون من قبر عمره أكثر من 90 عاما، إلى هذا الحد يؤرقهم ويثير فزعهم، ويذكرهم ببطولاته وبمعركة "أحراش يعبد”، حيث استشهد مع ثلة من رفاقه وجرح وأسر الباقون.
ومن المعروف أن عز الدين القسام ولد في بلدة جبلة في محافظة اللاذقية بسوريا عام 1883. قاد المظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي.
وعندما تمكن الاستعمار الإيطالي من الوصول إلى ليبيا انتقل من قيادة التظاهرات الشعبية إلى قيادة حملات تجنيد الشباب باسم "الجهاد” للدفاع عن "شرف المسلمين ومنع نزول المذلة بهم”، بحسب دعوته آنذاك.
تمكن عز الدين القسام من تجنيد مئات الشباب من الساحل السوري، وتعهدهم بالتدريب العسكري والفكري، وقام أيضا بحملة لجمع الأموال والمؤن الكافية للنفقة على المتطوعين وأسرهم ولمساعدة المجاهدين في ليبيا، ويقال إنه التقى المجاهد الليبي الكبير عمر المختار.
وحين احتل الأسطول الفرنسي اللاذقية والساحل السوري عام 1918، كان القسام أول من رفع راية مقاومة فرنسا في تلك المنطقة، وأول من حمل السلاح في وجهها، وكان من نتاج دعاياته أن اندلعت نيران الثورة .
وقد كان لـ”عصبته الجهادية” أثر شديد الوقع على الفرنسيين، فحاولوا إغراءه واستمالته لوقف حركته، وأخذوا يعدونه بتعيينه قاضيا شرعيا في المنطقة، ولكنه رفض دعوتهم، فلما عجز الفرنسيون عن استمالته وثنيه عن الجهاد، حكم عليه الديوان العرفي فيما كان يسمى "دولة العلويين” بالموت غيابيا، وصدر منشور يضم اسم عز الدين القسام وعددا من المجاهدين.
انتقل القسام إلى دمشق للدفاع عنها من الاحتلال الفرنسي، ثم غادرها بعد استيلاء الفرنسيين عليها عام 1920، فأقام في حيفا على الساحل الفلسطيني.
وفي حيفا عمل مدرسا وتولى الخطابة في "جامع الاستقلال”، وأعلن أن الإنجليز هم رأس البلاء والداء، ويجب توجيه الإمكانات كلها لحربهم وطردهم من فلسطين، قبل أن يتمكنوا من تحقيق وعدهم لليهود (وعد بلفور).
ولما دعته السلطات للتحقيق في كلامه لم ينكره، فأوقفه الإنجليز مما دفع بأهل المدينة لإعلان الإضراب، فاضطرت السلطات البريطانية إلى إخراجه من السجن. ويروى أنه في إحدى خطبه، كان يخبئ سلاحا تحت ثيابه، فرفعه وقال: "من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليقتن مثل هذا”، فأُخذ مباشرة إلى السجن، وتظاهر الناس لإخراجه، وأضربوا إضرابا عاما.
واستطاع القسام في العشر سنوات التي أمضاها في "جامع الاستقلال” أن يحرض الناس على تلبية "نداء الجهاد”، وكان شعار القسام وتلاميذه: "هذا جهاد، نصر أو استشهاد”.
في أواخر عام 1928 خطا الصهاينة خطوة مستفزة حيث تداعوا من كل أنحاء فلسطين، وتدفقوا إلى المسجد الأقصى، فأثار هذا المسلمين، وتداعوا إلى حراسة المسجد الأقصى والدفاع عنه، مما دفع جماعة القسام إلى الانتقال من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الإعداد العسكري المسلح.
وجاءت "ثورة البراق” عام 1929 لتعجل بالتحضير العسكري، والانتقال من المرحلة السرية إلى المرحلة العلنية.
طلب القسام العون ممن حوله، وقام بالاتصال بكل الملوك والأُمراء والزعامات العربية في ذلك الوقت، ولم يلب نداءه بالدعم والعون إلا الأمير راشد بن خزاعي الفريحات، وهو زعيم عربي أردني من عجلون، وقد اشتهر الخزاعي بمناهضته الانتداب البريطاني في بلاد الشام، ودعمه الثورتين الفلسطينية والليبية، ويذكر أن القسام لجأ مرة إلى جبال عجلون مع عدد من الثوار، وكانوا في حماية الخزاعي.
كان يخشى أن يعتقل الإنجليز النخبة الصالحة من إخوانه، وكان يرى الخروج إلى الجبال والطواف بالقرى وحث المواطنين على شراء السلاح والاستعداد للجهاد. وبعد ساعة من إلقائه آخر خطبة له أخذت سلطات الانتداب تفتش عنه للقبض عليه ومحاكمته، ولكنه كان قد ودع أهله وإخوانه، وحمل بندقيته، وذهب وصحبه إلى الجبال عام 1935.
غادر القسام وصحبه حيفا، واتجهوا نحو قضاء جنين، وكان أصحابه في انتظاره برفقة الشيخ فرحان السعدي، وهناك أقاموا في مغارة في أحد جبال القرية، ثم انتقلت الجماعة نحو خربة الشيخ زيد قرب قرية يعبد.
وأصبحت تحركات الجماعة تلاقي صعوبة شديدة، فقد وصل إلى جنين عدد كبير من رجال المخابرات والجواسيس، وانبثوا بين الناس في قرى القضاء، وفي نفس الوقت وصل القسام وصحبه خربة الشيخ زيد، ونزلوا فيها في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1935.
وحين عرف القسام أن أفراد الشرطة يقتربون، أعطى للمجاهدين أمرا بألا يطلقوا النار على أفراد الشرطة العرب، وأن يوجهوا رصاصهم إلى الإنجليز، وقد ثبت المجاهدون وأبوا الفرار، وبدت أمامهم فرصة للنجاة عندما ناداهم الضابط البريطاني: "استسلموا تنجو”، فأجاب القسام: "لن نستسلم، هذا جهاد في سبيل الله”، ثم هتف بأصحابه: "موتوا شهداء”، فردد الجميع: "الله أكبر الله أكبر”.
وأوقع فيها أكثر من 15 قتيلا، ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين لمدة ست ساعات، ارتقى الشيخ عز الدين القسام وبعض رفاقه شهداء في معركة "أحراش يعبد”، وجرح وأسر الباقون.
ونقلت جثامين الشهداء من ساحة المعركة إلى جنين، ثم أرسلت إلى حيفا لتسلم إلى ذويها، وصدرت الصحافة المحلية تحمل نبأ وفاة القسام في صفحاتها الأولى، وعندما وصل النبأ إلى الناس أقفلت حيفا محالها، وتدفقت إلى بيت القسام، وجاءت الوفود من جميع أنحاء فلسطين لتشارك في تشييع الجنازة، وأخذت المآذن تزف الخبر في جميع أنحاء البلاد، وحمل الناس نعوش الشهداء، واتجهوا إلى جامع الجرينة (النصر).
كان لمقتل القسام الأثر الأكبر في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، وكانت نقطة تحول كبيرة في مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية بعد ذلك، إذ من المؤكد أن أتباع القسام لم يلقوا السلاح بعد مقتله، بل قاموا بتنظيم أنفسهم، وأصبح القائد الخليفة هو الشيخ فرحان السعدي، وبقيادة السعدي بدأت الثورة الكبرى (1936-1939).
اختارت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اسمه لتطلقه على جناحها العسكري الذي أعلن رسميا عام 1991 تحت اسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام”، ولم تجد "حماس” اسما آخر يتوافق مع برنامجها في تحرير فلسطين، وهدفها الوطني والقومي الذي أعلنته وقت تأسيسها سوى اسم المجاهد السوري العربي عز الدين القسام، بوصفه رمزا للشهادة والبطولة، ورمزا لوحدة الأمة العربية على هدف واحد وهو محاربة الاستعمار الأجنبي وتحرير فلسطين.