إضحك مع مسرحية الديمقراطية الأردنية.. الإستعباط التقني وفلترة كلام الملك
اخبار البلد_ بسام بدارين _ أعضاء مجلس النواب الأردني غضبوا على الهواء مباشرة لأن نقيب الصحفيين
الزميل طارق المومني تحدث عن ممارسة بعضهم - لاحظوا كلمة بعض - للإبتزاز في
مواجهة الحكومة على خلفية قصة الرواتب التقاعدية التي منحها النواب
لأنفسهم الشهر الماضي في قرار أثار الكثير من السخط.
وما أن ألقى المومني بعبارته على شاشة الفضائية الأردنية وضمن برنامج ستون دقيقة الشهير حتى إشتعلت إتصالات التحريض الهاتفية لرئيس مجلس النواب والمشرع الأبرز في البرلمان عبد الكريم الدغمي.
الدغمي طبعا وتحت ضغط زملائه طلب مداخلة حية على الهواء للرد على نقيب الصحافيين وهو موقف مفهوم من الرجل بحكم منصبه السياسي والتشريعي قبل أن يستمع المواطن لنخبة من قياداته وهم يتبادلون الإتهامات كما يحصل في برامج التوك شو في المجتمعات المتحضرة وعبثا حاولت المذيعة الشابة تهدئة رئيس البرلمان الغاضب غيرة على سمعة مجلسه.
وقبل دقائق من نهاية بث البرنامج جلس أحد النواب في غرفة مدير التلفزيون في محاولة لنقل الإحتجاج ومناقشة نقيب الصحفيين في مفردة (الإبتزاز) ومن يمارسه.. إلى هنا الموقف طبيعي ومكرر ومألوف لكن الطرافة جلست وتربعت في الذريعة التي قالها النائب المحترم معترضا وهي كالتالي: سمعنا كلمة إبتزاز كثيرا ومررناها لكن أن نسمعها على شاشة الحكومة الرسمية ومن نقيب الصحفيين تحديدا المسألة تختلف.. يقصد الرجل بإختصار: ويحكم يا قوم .
صاحبنا تركزت نقطة إعتراضه في أن يعكس نقيب الصحافيين دون غيره مشاعر الشعب الأردني وأن تنقل هذه المشاعر عبر شاشة التلفزيون الرسمي اليتيم في البلاد عمليا.. تلك برأيي حجة أقبح من ذنب فالإبتزاز إبتزاز سواء تحدث عنه نقيب صحفيين أو مواطن عادي أو تعرضت له محطة الجزيرة أم الفضائية الأردنية .
بالنسبة لي شخصيا وكمواطن على علاقة صداقة مع السيد الدغمي تحديدا أعتذر منه مسبقا ومن بقية أصدقائي الكرام في مجلس النواب وهم كثر فأنا بصدد تكرار وتبني كلمة المومني عبر هذا المنبر وهذا المقال: عذرا أيها النواب المحترمون فأنا المواطن بسام عبد المحسن فلاح البدارين أرى في قصة التقاعد إبتزازا صريحا ومباشرا بالنسبة لبعض النواب وتحديدا الذين وجدوا الفرصة لإقتناص (راتب تقاعدي) على حساب الشعب المبتلى بنخبه.
تريدون دليلا؟.. سأمنحكم واحدا عبر قصة قصيرة حصلت مساء الأربعاء قبل الماضي وقبل نحو تسع ساعات فقط من إستقالة رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونه فقد إتصل به أحد المسؤولين الكبار وأبلغه بأن الظروف تسمح هذه الأيام فقط بتمرير ما تريده الحكومة من النواب لأن قرار تخصيص رواتب تقاعدية لم يصادق عليه بعد وبالتالي لا بد من تمديد فترة مجلس النواب حتى يظهر نواب الأمة (إنتخب معظمهم بالتزوير) التعاون المطلوب وتمرر القوانين كما تريد السلطات.
يعني ذلك ببساطة بأن الدولة نفسها تعتقد بأن النواب في قصة الرواتب تحديدا يبتزونها.. ما يفاجئني كمواطن في الدولة هنا أنها تعرف ذلك وتوافق عليه وتسعى لإستثماره تشريعيا أما شبيحة السياسة فيلعبون معا على الشعب بإسم الشعب والدولة والنظام ...ما رأيكم دام فضلكم؟
ولمن لا يصدق هذه الرواية سأزوده بتفاصيل التفاصيل متى حصل الإتصال ومن قبل من وما الذي كان يفعله رئيس الوزراء الأسبق عندما حصل هذا الإتصال الهاتفي العجيب؟... عذرا أستاذنا وصديقنا الدغمي إنه إبتزاز صريح ولا يمكن إطلاق أي إسم آخر عليه ونتفهم موقفك في الدفاع عن المجلس ومؤسسته.
الأطرف وما لم يرد على شاشة (ستون دقيقة) هو ما حصل قبل ذلك وتحديدا عندما إعترض أعيان الأمة (يختارون بالتعيين) على سعي نواب الأمة (تنتخبهم السلطات بإسم الشعب الغائب في غرف العمليات عند الحكام الإداريين) للحصول على رواتب تقاعدية.. انذاك عقد الأعيان إجتماعا لتدارس إصرار النواب على منح أنفسهم رواتب التقاعد مدى الحياة ومجانا فاقتحم الإجتماع أحد النواب المتحمسين للتقاعد الأبدي وصاح بأعيان الأمة مزمجرا ومطلقا التهديد التالي: إذا لم توافقوا على توصيتنا بخصوص الرواتب التقاعدية سنعمل على تعديل دستوري نصر فيه على (إنتخاب) بدلا من تعيين مجلس الأعيان.
.. تخيلوا معي هذه المفارقة التي لا يمكن حصولها إلا في بلاد العرب: نائب يفترض أنه منتخب ديمقراطيا يهدد مشرعين غير منتخبين بتحويل مجلسهم إلى مجلس ديمقراطي منتخب بمعنى معاقبتهم إذا لم يخصصوا له راتبا تقاعديا مدى الحياة في محاولة واضحة لإستثمار لحظة ضعف النظام الذي (زورت) بعض أجنحته الإنتخابات حتى يرتاح وإذا به - أي النظام - يصبح مهددا بتحويله إلى نظام ديمقراطي فعلا وعن جد من قبل أشخاص إصطفاهم النظام نفسه بالتزوير لأغراض الديكور الديمقراطي.
هل يوجد فانتازيا سياسية أكثر من هذه .. أرجوكم دعوني أستغرب وأضحك بكل اللهجات.. يا للهول .. ثكلتك أمك.. واو... شو هالحكي .. مش معقول ... عليكم ال(لحمة) .
أعشاب في السعودية
نكتشف عبر برنامج خاص تبثه محطة إم بي سي الأولى أن مدير الرقابة على الغذاء والدواء في وزارة الصحة السعودية يفرق بين نوعين من الأعشاب التي تغزو أسواق المملكة وتباع باعتبارها مستحضرات طبية فالنوع الأول الذي يباع على شكل معلبات صيدلانية ومسؤولية مراقبتها تقع حصريا على وزارة الصحة أما الأعشاب التي تباع على شكل مساحيق مطحونة وفي البقالات فهي من مسؤولية وزارة البلديات والبيئة .
كمشاهد عربي أستمتع بنظريات (التفريغ) التي تتبعها محطات سعودية أو ممولة من السعودية على شكل جرعات من الصراحة تناقش كل شيء بإستثناء الشؤون السياسية وما أفهمه من إم بي سي أن مراقب وزارة الصحة لا دخل له بالمنتجات العشبية عندما تكون مسحوقة أو مطحونة ففي هذه الحالة الواجب مناط بوزارة البيئة أما إذا كانت الأعشاب السامة تدخل مملكة خادم الحرمين على شكل عبوات أنيقة تعرض في الصيدليات فالمعني بالأمر هو مفتش الغذاء والدواء في وزارة الصحة.
طبعا تلاوم القوم أمام الكاميرا فكلما عرض مقدم البرنامج مادة عشبية تباع بالأسواق صعد مندوب وزارة الصحة يسأل: هل هي مسحوقة أم على شكل بودرة؟.. إذا كانت مغلفة فهي من إختصاصنا وإذا عرضت في بقالة بكيس بلاستيكي فهي من إختصاص جماعة الأخ (يشير بأصبعه لزميلة بتاع وزارة البيئة).
المثير في الموضوع أن الخبراء الذين إستضافهم البرنامج أجمعوا على أن الأسواق ممتلئة بهذه الأعشاب السامة وأن المواطن السعودي يقبل عليها بنهم ونشاط ولا يحترم الطب المعتاد خصوصا عندما تتعلق الوصفات العشبية بتخفيف الوزن أو زيادته أو تتعلق بالنشاط الجنسي لكن ما دامت هذه سموما لماذا لا تؤسس السلطات مكتبا موحدا للمتابعة والتفتيش على أسواق الأعشاب؟... لماذا لا تراقب السوق مثلا لجنة مشتركة فيها شخص من وزارة الصحة وآخر من البيئة؟ .. ما هو الصعب في ذلك بدلا من التلاوم وتحريك كل مسؤول للنار على قرص الآخر وإرهاقي انا كمشاهد عربي فكرت بمتابعة حلقة عن سوق الأعشاب في السعودية.
ذكرني الأمر بحادثة مرعبة عندما فقدت وثائقي في مكة بظروف غامضة تماما فسألت أحد المطاوعة وطلب مني مراجعة (أمن الحرم المكي) .. راجعت فقالوا: أنت ضيف الرحمن لكن هذه القضية ليست من إختصاص مكتب أمن الحرم بل من إختصاص مديرية شرطة منطقة الحرم وعندما ذهبت للمديرية قال لي المسئول بتثاقل: إذهب إلى مديرية شرطة مكة.
.. ذهبت فطلب مني مراجعة أمن المطار وإستمرت متتالية المرمطة البيروقراطية حتى وصلت جدة وعلقت فيها ثلاثة أيام وأنا أبحث عن شرطي سعودي واحد يسجل لي إفادة رسمية أقول فيها بأن وثائقي ضاعت حتى أتمكن من تدبير أمري مع قنصلية بلادي .. تقاذفني الشباب من ضابط لآخر ومن مركز أمني لمديرية ومن مدينة لأخرى والغريب أن كل الذين قابلتهم في الأثناء من باب الإنصاف والعدالة أسمعوني عبارة (أنت ضيف الرحمن) بإعتباري أحد المعتمرين لكن أحدا من هؤلاء لم يسمح لضيف الرحمن المسخمط بالحصول على الورقة المطلوبة والتي تفيد بأني أسجل لدى سلطات المملكة ضياع أوراقي.
وبعد الحصول على الورقة إثر وساطات من عمان عبر وزارة الخارجية صلبني الأخوة ليومين متتاليين في مطار جدة وهم يتحاورون فيما بينهم حول صلاحية الورقة في تمكيني من مغادرة المملكة وفي كل مرة كان أحد ضباط الأمن يبتسم في وجهي لأول وهله لكن يتحول عندما ينظر في شاشة الكومبيوتر بنظره عني وكأن عفريتا قد قرصه للتو ويطالبني بالإنتظار بمجرد قراءة شيء ما على قيودي لدرجة أني غادرت بصعوبة وكادت علاقتي بأم العيال تتفجر لأنها ضغطت بشدة وأجبرتني على زيارة الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة التي إستغفرت ألله مسبقا لأني لا أستطيع تكرارها في ظل الوضع الحالي والقائم في المنطقة والشقيقة الكبرى.
تشويش في بي بي سي
الزميل والصديق رئيس تحرير صحيفة الرأي الأردنية جزاه الله عنا خيرا دلنا من حيث لا يعلم على طريقة عصرية جدا للتخلص من الإجابة على الأسئلة المحرجة التي تمطر رؤوسنا خلال برنامج حواري فضائي ونحن نخطط للتهرب منها.
الزميل مجيد عصفور وفي الحلقة الحوارية التي بثتها بي بي سي العربي عن التغيير الوزاري الأخير في الأردن طرحت عليه أسئلة محرجة إلى حد ما لكن التشويش الحاصل منعه من الإجابة فكان المذيع يسأل والزميل يقول: لا أسمع .. هناك تشويش .. يوجد أصوات تخاطبني.
تذكرت هنا العبارة الشهيرة التي ترد في عدد كبير من أفلام الدراما الأمريكية الغرائبية التي تبثها إم بي سي يوميا حيث يبادر طبيب نفسي وهو يلتقي النجم البطل لإعلان التشخيص قبل الفحص قائلا: تستمع لأصوات في رأسك .. أليس كذلك؟
طبعا أكد الزميل عصفور في إتصال هاتفي مع الكاتب بأنه تعرض فعلا لقرصنة على شكل موجة تشويش لم تسعفه في عرض وجهة نظره وبالنتيجة ظلم قياسا بالضيفين وهما الزميل الأستاذ عبد الباري عطوان والشيخ علي أبو السكر.
بكل الأحوال ثمة وصفة جهنمية يمكن إستثمارها لاحقا تدلنا عليها موجة التشويش التي قرصنت كلام الزميل وهو إختراع مبتكر أنصح كل من يتعرض لأسئلة حرجة أو سمجة بعد الآن بتبنيه فإزاء أي سؤال يإمكاني بعد الأن ممارسة الإستعباط التقني بحيث أقول لأي مذيع يضايقني : شو .. إيش بتقول.. يا أخي لا أسمع ما تقول.
وأستطيع ان أفعل ذلك حتى لو لم يحصل تشويش حقيقي كما حصل مع صاحبنا عصفور فمن الناحية الفنية لا أحد يمكنه التدقيق بالمسألة بعد طرح السؤال والتهرب من الإجابة لأن المذيع لن يمضي الوقت بهذا الهذيان والمشاهد سيشعر بالضجر ويشتم المحطة الفضائية فيما سأفلت انا من مطبات الفضائيات المعتادة.
ديوني على الجزيرة
وعلى ذكر التشويش تمارس محطة الجزيرة نفس الإستعباط المهني وهي تتجنب الكشف فعلا عن تفاصيل التحقيق بقضية التشويش الشهيرة على تغطيتها لمباريات كأس العالم ومونديال 2010 فقد شغلت هذه الإتهامات الإعلام الكوني والجزيرة أبلغتنا بسلسلة بيانات وقتها مماثلة لبيانات السلطة في سوريا أيام الإنقلابات بأنها ستكشف الحلقة الغامضة وستخبر مئات الالاف من المتفرجين الذين إشتروا بملايين الدولارات بطاقات مشفرة خاصة بالجزيرة عن خلفيات (المقلب الذي أكلوه).
أنا شخصيا أجبرني إبني على دفع ثمن بطاقة مشفرة وسمعته يزمجر ويغضب ويشتم عشرات المرات أثناء المونديال، ولأني تورطت ودفعت ووعدتني الجزيرة بالكشف عن ملابسات الجريمة وهوية المجرم من حقي توضيح الحقيقة بأثر رجعي أو مطالبة الزملاء في المحطة القطرية المحترمة وتحديدا في الجزيرة رياضة بإعادة ال 22 دولارا التي دفعتها.
ولأني لا أميز إطلاقا بين الأشقاء في دول الخليج وأعاملهم جميعا بنفس المسطرة أريد دولاراتي من الجزيرة بنفس الحماس الذي طالبت فيه الأمير سعود الفيصل علنا العام الماضي بمبلغ 40 دولارا دفعتها بدل رسوم تأشيرة سفر بناء على دعوة موثقة من وزارة الخارجية السعودية تم إلغاءها لاحقا بحيث أجبرني المحاسب في السفارة السعودية على الدفع قبل الرفع وطلب مني العودة في اليوم التالي وعندما عدت أعيد لي جواز سفري مع عبارة يفهم منها أني من المغضوب عليهم والمحرومين من جنة السعودية .. الغريب أن محاسب سفارة أغنى دولة نفطية في العالم كان بائسا وبخيلا وناشفا لدرجة أنه رفض إعادة الرسوم التي دفعتها مقابل تأشيرة لم أحصل عليها في الواقع .
فلترة الخطاب الملكي
أختم بنكتة إعلامية إقترحها أحد السياسيين الكبار وهو يقول ما يلي: يا أخوان راقبت تلفزيون الحكومة عدة مرات وهو يعيد قراءة نص خطاب التكليف الملكي للحكومة الجديد برئاسة الدكتور فايز الطراونة ولاحظت بان كل كلمة في الخطاب بثت على شريط أسفل الشاشة عشرات المرات باستثناء عبارة واحدة تكرر ذكرها في الخطاب .. هذه العبارة تخص الأمر الملكي للطراونة بأن يستعد لإجراء إنتخابات عامة تمثل (كل الأردنيين) .. هنا نستطيع تجاهل واقعة (فلترة) كلام الملك من قبل جهابذة التلفزيون فالمسألة حصلت في الماضي لكن السؤال بالطريقة البلدية: إشمعنى تحديدا هذه العبارة بدون غيرها لم تظهر على شريط تلفزيون الحكومة رغم أنها تشكل الأمر الرئيسي؟
مدير مكتب 'القدس العربي' في عمان
وما أن ألقى المومني بعبارته على شاشة الفضائية الأردنية وضمن برنامج ستون دقيقة الشهير حتى إشتعلت إتصالات التحريض الهاتفية لرئيس مجلس النواب والمشرع الأبرز في البرلمان عبد الكريم الدغمي.
الدغمي طبعا وتحت ضغط زملائه طلب مداخلة حية على الهواء للرد على نقيب الصحافيين وهو موقف مفهوم من الرجل بحكم منصبه السياسي والتشريعي قبل أن يستمع المواطن لنخبة من قياداته وهم يتبادلون الإتهامات كما يحصل في برامج التوك شو في المجتمعات المتحضرة وعبثا حاولت المذيعة الشابة تهدئة رئيس البرلمان الغاضب غيرة على سمعة مجلسه.
وقبل دقائق من نهاية بث البرنامج جلس أحد النواب في غرفة مدير التلفزيون في محاولة لنقل الإحتجاج ومناقشة نقيب الصحفيين في مفردة (الإبتزاز) ومن يمارسه.. إلى هنا الموقف طبيعي ومكرر ومألوف لكن الطرافة جلست وتربعت في الذريعة التي قالها النائب المحترم معترضا وهي كالتالي: سمعنا كلمة إبتزاز كثيرا ومررناها لكن أن نسمعها على شاشة الحكومة الرسمية ومن نقيب الصحفيين تحديدا المسألة تختلف.. يقصد الرجل بإختصار: ويحكم يا قوم .
صاحبنا تركزت نقطة إعتراضه في أن يعكس نقيب الصحافيين دون غيره مشاعر الشعب الأردني وأن تنقل هذه المشاعر عبر شاشة التلفزيون الرسمي اليتيم في البلاد عمليا.. تلك برأيي حجة أقبح من ذنب فالإبتزاز إبتزاز سواء تحدث عنه نقيب صحفيين أو مواطن عادي أو تعرضت له محطة الجزيرة أم الفضائية الأردنية .
بالنسبة لي شخصيا وكمواطن على علاقة صداقة مع السيد الدغمي تحديدا أعتذر منه مسبقا ومن بقية أصدقائي الكرام في مجلس النواب وهم كثر فأنا بصدد تكرار وتبني كلمة المومني عبر هذا المنبر وهذا المقال: عذرا أيها النواب المحترمون فأنا المواطن بسام عبد المحسن فلاح البدارين أرى في قصة التقاعد إبتزازا صريحا ومباشرا بالنسبة لبعض النواب وتحديدا الذين وجدوا الفرصة لإقتناص (راتب تقاعدي) على حساب الشعب المبتلى بنخبه.
تريدون دليلا؟.. سأمنحكم واحدا عبر قصة قصيرة حصلت مساء الأربعاء قبل الماضي وقبل نحو تسع ساعات فقط من إستقالة رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونه فقد إتصل به أحد المسؤولين الكبار وأبلغه بأن الظروف تسمح هذه الأيام فقط بتمرير ما تريده الحكومة من النواب لأن قرار تخصيص رواتب تقاعدية لم يصادق عليه بعد وبالتالي لا بد من تمديد فترة مجلس النواب حتى يظهر نواب الأمة (إنتخب معظمهم بالتزوير) التعاون المطلوب وتمرر القوانين كما تريد السلطات.
يعني ذلك ببساطة بأن الدولة نفسها تعتقد بأن النواب في قصة الرواتب تحديدا يبتزونها.. ما يفاجئني كمواطن في الدولة هنا أنها تعرف ذلك وتوافق عليه وتسعى لإستثماره تشريعيا أما شبيحة السياسة فيلعبون معا على الشعب بإسم الشعب والدولة والنظام ...ما رأيكم دام فضلكم؟
ولمن لا يصدق هذه الرواية سأزوده بتفاصيل التفاصيل متى حصل الإتصال ومن قبل من وما الذي كان يفعله رئيس الوزراء الأسبق عندما حصل هذا الإتصال الهاتفي العجيب؟... عذرا أستاذنا وصديقنا الدغمي إنه إبتزاز صريح ولا يمكن إطلاق أي إسم آخر عليه ونتفهم موقفك في الدفاع عن المجلس ومؤسسته.
الأطرف وما لم يرد على شاشة (ستون دقيقة) هو ما حصل قبل ذلك وتحديدا عندما إعترض أعيان الأمة (يختارون بالتعيين) على سعي نواب الأمة (تنتخبهم السلطات بإسم الشعب الغائب في غرف العمليات عند الحكام الإداريين) للحصول على رواتب تقاعدية.. انذاك عقد الأعيان إجتماعا لتدارس إصرار النواب على منح أنفسهم رواتب التقاعد مدى الحياة ومجانا فاقتحم الإجتماع أحد النواب المتحمسين للتقاعد الأبدي وصاح بأعيان الأمة مزمجرا ومطلقا التهديد التالي: إذا لم توافقوا على توصيتنا بخصوص الرواتب التقاعدية سنعمل على تعديل دستوري نصر فيه على (إنتخاب) بدلا من تعيين مجلس الأعيان.
.. تخيلوا معي هذه المفارقة التي لا يمكن حصولها إلا في بلاد العرب: نائب يفترض أنه منتخب ديمقراطيا يهدد مشرعين غير منتخبين بتحويل مجلسهم إلى مجلس ديمقراطي منتخب بمعنى معاقبتهم إذا لم يخصصوا له راتبا تقاعديا مدى الحياة في محاولة واضحة لإستثمار لحظة ضعف النظام الذي (زورت) بعض أجنحته الإنتخابات حتى يرتاح وإذا به - أي النظام - يصبح مهددا بتحويله إلى نظام ديمقراطي فعلا وعن جد من قبل أشخاص إصطفاهم النظام نفسه بالتزوير لأغراض الديكور الديمقراطي.
هل يوجد فانتازيا سياسية أكثر من هذه .. أرجوكم دعوني أستغرب وأضحك بكل اللهجات.. يا للهول .. ثكلتك أمك.. واو... شو هالحكي .. مش معقول ... عليكم ال(لحمة) .
أعشاب في السعودية
نكتشف عبر برنامج خاص تبثه محطة إم بي سي الأولى أن مدير الرقابة على الغذاء والدواء في وزارة الصحة السعودية يفرق بين نوعين من الأعشاب التي تغزو أسواق المملكة وتباع باعتبارها مستحضرات طبية فالنوع الأول الذي يباع على شكل معلبات صيدلانية ومسؤولية مراقبتها تقع حصريا على وزارة الصحة أما الأعشاب التي تباع على شكل مساحيق مطحونة وفي البقالات فهي من مسؤولية وزارة البلديات والبيئة .
كمشاهد عربي أستمتع بنظريات (التفريغ) التي تتبعها محطات سعودية أو ممولة من السعودية على شكل جرعات من الصراحة تناقش كل شيء بإستثناء الشؤون السياسية وما أفهمه من إم بي سي أن مراقب وزارة الصحة لا دخل له بالمنتجات العشبية عندما تكون مسحوقة أو مطحونة ففي هذه الحالة الواجب مناط بوزارة البيئة أما إذا كانت الأعشاب السامة تدخل مملكة خادم الحرمين على شكل عبوات أنيقة تعرض في الصيدليات فالمعني بالأمر هو مفتش الغذاء والدواء في وزارة الصحة.
طبعا تلاوم القوم أمام الكاميرا فكلما عرض مقدم البرنامج مادة عشبية تباع بالأسواق صعد مندوب وزارة الصحة يسأل: هل هي مسحوقة أم على شكل بودرة؟.. إذا كانت مغلفة فهي من إختصاصنا وإذا عرضت في بقالة بكيس بلاستيكي فهي من إختصاص جماعة الأخ (يشير بأصبعه لزميلة بتاع وزارة البيئة).
المثير في الموضوع أن الخبراء الذين إستضافهم البرنامج أجمعوا على أن الأسواق ممتلئة بهذه الأعشاب السامة وأن المواطن السعودي يقبل عليها بنهم ونشاط ولا يحترم الطب المعتاد خصوصا عندما تتعلق الوصفات العشبية بتخفيف الوزن أو زيادته أو تتعلق بالنشاط الجنسي لكن ما دامت هذه سموما لماذا لا تؤسس السلطات مكتبا موحدا للمتابعة والتفتيش على أسواق الأعشاب؟... لماذا لا تراقب السوق مثلا لجنة مشتركة فيها شخص من وزارة الصحة وآخر من البيئة؟ .. ما هو الصعب في ذلك بدلا من التلاوم وتحريك كل مسؤول للنار على قرص الآخر وإرهاقي انا كمشاهد عربي فكرت بمتابعة حلقة عن سوق الأعشاب في السعودية.
ذكرني الأمر بحادثة مرعبة عندما فقدت وثائقي في مكة بظروف غامضة تماما فسألت أحد المطاوعة وطلب مني مراجعة (أمن الحرم المكي) .. راجعت فقالوا: أنت ضيف الرحمن لكن هذه القضية ليست من إختصاص مكتب أمن الحرم بل من إختصاص مديرية شرطة منطقة الحرم وعندما ذهبت للمديرية قال لي المسئول بتثاقل: إذهب إلى مديرية شرطة مكة.
.. ذهبت فطلب مني مراجعة أمن المطار وإستمرت متتالية المرمطة البيروقراطية حتى وصلت جدة وعلقت فيها ثلاثة أيام وأنا أبحث عن شرطي سعودي واحد يسجل لي إفادة رسمية أقول فيها بأن وثائقي ضاعت حتى أتمكن من تدبير أمري مع قنصلية بلادي .. تقاذفني الشباب من ضابط لآخر ومن مركز أمني لمديرية ومن مدينة لأخرى والغريب أن كل الذين قابلتهم في الأثناء من باب الإنصاف والعدالة أسمعوني عبارة (أنت ضيف الرحمن) بإعتباري أحد المعتمرين لكن أحدا من هؤلاء لم يسمح لضيف الرحمن المسخمط بالحصول على الورقة المطلوبة والتي تفيد بأني أسجل لدى سلطات المملكة ضياع أوراقي.
وبعد الحصول على الورقة إثر وساطات من عمان عبر وزارة الخارجية صلبني الأخوة ليومين متتاليين في مطار جدة وهم يتحاورون فيما بينهم حول صلاحية الورقة في تمكيني من مغادرة المملكة وفي كل مرة كان أحد ضباط الأمن يبتسم في وجهي لأول وهله لكن يتحول عندما ينظر في شاشة الكومبيوتر بنظره عني وكأن عفريتا قد قرصه للتو ويطالبني بالإنتظار بمجرد قراءة شيء ما على قيودي لدرجة أني غادرت بصعوبة وكادت علاقتي بأم العيال تتفجر لأنها ضغطت بشدة وأجبرتني على زيارة الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة التي إستغفرت ألله مسبقا لأني لا أستطيع تكرارها في ظل الوضع الحالي والقائم في المنطقة والشقيقة الكبرى.
تشويش في بي بي سي
الزميل والصديق رئيس تحرير صحيفة الرأي الأردنية جزاه الله عنا خيرا دلنا من حيث لا يعلم على طريقة عصرية جدا للتخلص من الإجابة على الأسئلة المحرجة التي تمطر رؤوسنا خلال برنامج حواري فضائي ونحن نخطط للتهرب منها.
الزميل مجيد عصفور وفي الحلقة الحوارية التي بثتها بي بي سي العربي عن التغيير الوزاري الأخير في الأردن طرحت عليه أسئلة محرجة إلى حد ما لكن التشويش الحاصل منعه من الإجابة فكان المذيع يسأل والزميل يقول: لا أسمع .. هناك تشويش .. يوجد أصوات تخاطبني.
تذكرت هنا العبارة الشهيرة التي ترد في عدد كبير من أفلام الدراما الأمريكية الغرائبية التي تبثها إم بي سي يوميا حيث يبادر طبيب نفسي وهو يلتقي النجم البطل لإعلان التشخيص قبل الفحص قائلا: تستمع لأصوات في رأسك .. أليس كذلك؟
طبعا أكد الزميل عصفور في إتصال هاتفي مع الكاتب بأنه تعرض فعلا لقرصنة على شكل موجة تشويش لم تسعفه في عرض وجهة نظره وبالنتيجة ظلم قياسا بالضيفين وهما الزميل الأستاذ عبد الباري عطوان والشيخ علي أبو السكر.
بكل الأحوال ثمة وصفة جهنمية يمكن إستثمارها لاحقا تدلنا عليها موجة التشويش التي قرصنت كلام الزميل وهو إختراع مبتكر أنصح كل من يتعرض لأسئلة حرجة أو سمجة بعد الآن بتبنيه فإزاء أي سؤال يإمكاني بعد الأن ممارسة الإستعباط التقني بحيث أقول لأي مذيع يضايقني : شو .. إيش بتقول.. يا أخي لا أسمع ما تقول.
وأستطيع ان أفعل ذلك حتى لو لم يحصل تشويش حقيقي كما حصل مع صاحبنا عصفور فمن الناحية الفنية لا أحد يمكنه التدقيق بالمسألة بعد طرح السؤال والتهرب من الإجابة لأن المذيع لن يمضي الوقت بهذا الهذيان والمشاهد سيشعر بالضجر ويشتم المحطة الفضائية فيما سأفلت انا من مطبات الفضائيات المعتادة.
ديوني على الجزيرة
وعلى ذكر التشويش تمارس محطة الجزيرة نفس الإستعباط المهني وهي تتجنب الكشف فعلا عن تفاصيل التحقيق بقضية التشويش الشهيرة على تغطيتها لمباريات كأس العالم ومونديال 2010 فقد شغلت هذه الإتهامات الإعلام الكوني والجزيرة أبلغتنا بسلسلة بيانات وقتها مماثلة لبيانات السلطة في سوريا أيام الإنقلابات بأنها ستكشف الحلقة الغامضة وستخبر مئات الالاف من المتفرجين الذين إشتروا بملايين الدولارات بطاقات مشفرة خاصة بالجزيرة عن خلفيات (المقلب الذي أكلوه).
أنا شخصيا أجبرني إبني على دفع ثمن بطاقة مشفرة وسمعته يزمجر ويغضب ويشتم عشرات المرات أثناء المونديال، ولأني تورطت ودفعت ووعدتني الجزيرة بالكشف عن ملابسات الجريمة وهوية المجرم من حقي توضيح الحقيقة بأثر رجعي أو مطالبة الزملاء في المحطة القطرية المحترمة وتحديدا في الجزيرة رياضة بإعادة ال 22 دولارا التي دفعتها.
ولأني لا أميز إطلاقا بين الأشقاء في دول الخليج وأعاملهم جميعا بنفس المسطرة أريد دولاراتي من الجزيرة بنفس الحماس الذي طالبت فيه الأمير سعود الفيصل علنا العام الماضي بمبلغ 40 دولارا دفعتها بدل رسوم تأشيرة سفر بناء على دعوة موثقة من وزارة الخارجية السعودية تم إلغاءها لاحقا بحيث أجبرني المحاسب في السفارة السعودية على الدفع قبل الرفع وطلب مني العودة في اليوم التالي وعندما عدت أعيد لي جواز سفري مع عبارة يفهم منها أني من المغضوب عليهم والمحرومين من جنة السعودية .. الغريب أن محاسب سفارة أغنى دولة نفطية في العالم كان بائسا وبخيلا وناشفا لدرجة أنه رفض إعادة الرسوم التي دفعتها مقابل تأشيرة لم أحصل عليها في الواقع .
فلترة الخطاب الملكي
أختم بنكتة إعلامية إقترحها أحد السياسيين الكبار وهو يقول ما يلي: يا أخوان راقبت تلفزيون الحكومة عدة مرات وهو يعيد قراءة نص خطاب التكليف الملكي للحكومة الجديد برئاسة الدكتور فايز الطراونة ولاحظت بان كل كلمة في الخطاب بثت على شريط أسفل الشاشة عشرات المرات باستثناء عبارة واحدة تكرر ذكرها في الخطاب .. هذه العبارة تخص الأمر الملكي للطراونة بأن يستعد لإجراء إنتخابات عامة تمثل (كل الأردنيين) .. هنا نستطيع تجاهل واقعة (فلترة) كلام الملك من قبل جهابذة التلفزيون فالمسألة حصلت في الماضي لكن السؤال بالطريقة البلدية: إشمعنى تحديدا هذه العبارة بدون غيرها لم تظهر على شريط تلفزيون الحكومة رغم أنها تشكل الأمر الرئيسي؟
مدير مكتب 'القدس العربي' في عمان