الأردن وغزة… موقف ثابت رغم حملات التحريض والتشويش"
في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، تتصاعد أصوات التحريض والتشكيك التي تستهدف النيل من موقف الاردن التاريخي والثابت تجاه القضية الفلسطينية، لا سيما فيما يتعلق بقطاع غزة الجريح.
هذه الأصوات التي تغذّى على حملات التضليل والمبالغة، تهدف إلى إرباك الداخل الأردني وزعزعة الثقة الشعبية بالمواقف الرسمية، عبر اتهامات باطلة، ومقاطع مجتزأة، وتأويلات تخدم فقط مشروع الفوضى والتخوين.
لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الأردن لم يتخلّ يومًا عن التزامه تجاه الشعب الفلسطيني، سواء على الصعيد السياسي أو الإنساني أو الدبلوماسي.
بل إن المملكة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، كانت وما تزال من أبرز الأصوات العربية والدولية المنادية برفع الظلم عن غزة، ووقف العدوان، وإيصال المساعدات، وتكريس الحق الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة.
ومن يتابع مواقف الأردن يدرك بوضوح أن الدولة تتحرك على مسارين متوازيين، حيث يتمثل المسار الأول في الجهود الإنسانية من خلال تسيير القوافل الطبية والإغاثية، واستمرار عمل المستشفى الميداني الاردني قي غزة رغم القصف والانتهاكات، وبقي شاهدًا حيًا على الالتزام الأردني العميق، أما المسار الثاني فهو السياسي الدبلوماسي، ويتجلى في المواقف العلنية والبيانات الحازمة، والتحركات الدولية التي يقودها جلالة الملك شخصيًا، في مختلف المحافل الكبرى، للدفع نحو وقف العدوان، ورفض التهجير القسري، والدعوة إلى سلام عادل وشامل.
ورغم هذا الجهد، شهدنا اخيرا وقفات تحريضية أمام بعض السفارات الأردنية، رُفعت خلالها شعارات مظللة، ورددت فيها اتهامات لا تعبّر عن الشعب الفلسطيني الحر، بل تمثل أجندات خارجية وفئوية تسعى لتوريط الأردن في صراعات لا تخدم إلا من اعتاد المتاجرة بالقضية.
تلك الوقفات، التي لم تحترم حرمة البعثات الدبلوماسية ولا خصوصية الموقف الأردني الداعم لغزة، تكشف محاولات رخيصة لتشويه صورة الأردن دوليًا، في وقت تبذل فيه الدولة أقصى جهدها سياسيًا وإنسانيًا لحماية الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم.
إن هذه الحملات التي تستهدف الاردن ليست عفوية، ولا تحمل براءة الغضب الذي يعبرون عنه، بل هي محاولات منظمة لبثّ الفتنة وضرب الاستقرار الداخلي مستغلة مشاعر الألم والغضب، ومحركة بأدوات إعلامية وأجندات إقليمية تسعى لخلق فجوة بين الشعوب وحكوماتها لخدمة أهداف لا تصب إلا في مصلحة الاحتلال.
ولكن الرد الأردني لم يكن بالصوت المرتفع، بل بالفعل المؤثر. فالقضية الفلسطينية ليست بالنسبة للأردن شعارًا موسميًا أو أداة سياسية بل قضية وجودية تمس أمنه القومي ووجدانه الوطني.
وفي ظل هذه الظروف، يثبت الشعب الأردني وعيه وعمق بصيرته، رافضًا الانجرار وراء خطاب الفتنة، ومؤمنًا أن دعم غزة لا يكون بالصراخ ولا بالتخوين، بل بالعمل الجاد والمسؤول. والاصطفاف خلف القيادة الهاشمية والدولة الأردنية في مثل هذه الظروف هو واجب وطني وأخلاقي لا يقبل التهاون.
فلتــسقط حملات التحريــض، وليحيــا الأردن ثابتًــا، ولتبقَ غـزة في قلب الأردنييــن كما كانت دومـًا.