اخبار البلد
سألني اكثر من مراسل فضائية وموقع الكتروني وصحيفة عن مفهوم الولاية العامة لرئيس الحكومة ... وراحت كثير من الاسئلة تستطرد حول هذه القضية مع انني ادرك ان لا علاقة لرئيس الحكومة بمثل هذه الاسئلة التي يتبناها صحفيون وحزبيون وقوى سياسية ...
يستطيع رئيس الوزراء ضمن نصوص الدستور والقانون وضمن تقاسم السلطة مع السلطات الثلاث الرئيسة ومن خلال الفصل بينها والذي يضمنه الدستور وتحميه المؤسسية ان يمارس ولايته .. ولكل ولاية مهما اتسعت سقف وعتبة, وعدم ممارسة الولاية المحددة بنص الدستور من اي مسؤول او السكوت على العقبات التي تعترض قدرته على الممارسة سواء كانت هذه العقبات من اعاقات ذاتية في حكومته او قدراته او تردد قناعاته او قلة خبرته او من اعاقات موضوعية تفرضها عوامل خارجية ضاغطة تؤثر على المصالح الوطنية .. فإن رئيس الوزراء يتحمل المسؤولية في ذلك ..
الولاية العامة ليست قميص عثمان وليست مشجبا.. هي مساحة من الحكم يقررها الدستور وهناك من رؤساء الوزارات من يخفض سقف ولايته العامة او يترك جزءا كبيرا منها لاعتبارات ذاتية او تقليدية او خوف من الصدام مع قوى اخرى وهناك من يوسع اطار الولاية ويستنفدها بالتمام وهذا ما يقيس الخلاف بين رئيس الوزراء وآخر او يجعل الجمهور يرى ان هذا المكلف بالولاية يمارسها وهذا لا يمارسها.. فممارسة الولاية ليست امتيازا لشخص وانما اطار من السلطة يجري منحه من الدستور والقانون لشخصية عامة(رئيس وزراء) او وزير ..او ..الخ.
وحتى يمارس رئيس الوزراء ولايته لا بد ان تكون هناك مؤسسات مبنية وفاعلة وقوية قادرة على ان تحدد حدود الولاية وقادرة ان تتعاطاها بالتوافق عليها بين السلطات .. فكيف لرئيس وزراء لا يستطيع ان يتعامل مع البرلمان او يكسب ثقته او يجيب على اسئلته ان يمارس الولاية .. وكيف لرئيس وزراء لا يحترم الولاية نفسها ومحدداتها ان يسمح له بممارستها لتكون توظيفا باتجاه اجندة او باتجاه مكاسب او مغارم لا تصب في المصلحة الوطنية ..
سنظل نشكو من عدم ممارسة ليس رئيس الوزراء لولايته فقط وانما كل السلطات لولايتها الى ان تستكمل بناء المؤسسات عن طريق عملية الاصلاح التي عليها ان تنجز قوانين عديدة اهمها قانون انتخاب يفرز برلمانا يعكس المشاركة الاوسع وقدرة كبيرة يستوجبها دوره في الرقابة والتشريع وأحزابا تعكس تعددية المجتمع الاردني السياسية والاجتماعية والثقافية وتشكل أذرعة للمشاركة في بناء السلطات وتقديم الافضل من الاداء..
أيضاً البرلمان بامكانه ان يقول ان ولايته منقوصة حين لا يقوى على انفاذ دوره الذي ينص عليه الدستور ..وكذلك السلطة القضائية حين تقول أو يقال انها لا تمارس سلطتها ودورها بفعل التدخل أو التغول..وحتى مفهوم التغول ليس بالضرورة ان يكون باتجاه واحد فالكثيرون كانوا يعتقدون ان السلطة التنفيذية تتغول على التشريعية في حين يمكن أن تتغول السلطة التشريعية (البرلمان) على الحكومة بأساليب كثيرة دون ان يدرك الناقدون ان ذلك سببه غياب فصل السلطات وغياب احترام ولاية كل سلطة وليس ولاية رئيس الوزراء فقط..
لا أتفق مع الذين يقولون ان رئيس الوزراء لا يمارس ولايته فإن كان هذا الكلام صحيحاً فهو الذي يتحمل المسؤولية وليس غيره وبامكانه أن يشير الى ذلك لا ان يصدح باسمه آخرون تحت ذرائع وحجج معينة..
اذن المطلوب تحديد ما هي الولاية؟ وما حدودها؟ واين تبدأ الشراكة فيها مع السلطات الاخرى واين تنتهي؟..وهل الذي يطالب بالولاية ايا كان موقعه جدير بها حتى وان اعطاه الدستور ذلك؟ وكيف يمكن قياس ممارسة الولاية ان لم يكن بالممارسة وتحمل التبعات.. فالديموقراطية لا توصف ولكن تمارس ان كانت حقيقية وخصوبة الارض لا ينفع فيها التوصيف ان لم تزرع لنرى مدى خصوبتها واثمارها..اذن ممارسة الولاية تعتمد على شخص الرئيس وفريقه وعلى مناخ البناء المؤسسي وانسجامه..فالزرع الضعيف ياكله الهالوك!!