الخزاعي : قطار الفساد يختزل الوطن .. والحكومات تبهرنا بأساطير الحلول .. وشمس الواقع مريرة مع شعب كاظم للغيظ

اخبار البلد : بقلم الكاتب يزيد الراشـد الخزاعي - حروف تتقاطر مع قطار فساد يختزل الوطن الأردني، ترحل حكومات وتأتي حكومات تبهرنا بأساطير الحلول السحرية وللأسف تأتي شمس الواقع بمرارة ترحيل الأزمات وتسويفها لأجل غير مسمى ضاربة عرض الحائط بوعي شعب كاظم للغيظ إلى أجل مسمى! 

لا يمكن بأي حال من الأحوال وضع حل جذري للأزمة الإقتصادية الخانقة التي يمر بها وطننا المأزوم والتي نتجت عن نهب مقدرات البلاد وإستنزافها شبرا شبرا من مسؤولي الدولة الأردنية عبر عقود لكن بلا شك نقول لرئيس الوزراء السابق عون الخصاونة بأن معادلة الوطن تستدعي الإصلاح التنفيذي الفعلي والنزول للشعب والسماع لهمومه ولحقوقه المنقوصة، ونقول له يكفي ما كان من تعمد أسلوب المحاصصة السياسية للمناصب الحكومية واقتصارها على الإقليم والمنطقة والفزعة والجهوية ومحاربة كفاءات وأسماء بعينها والتي أصبحت للأسف سُنّة حكومية واضحة وعلى رؤوس الأشهاد ويكفي منح الرواتب والإمتيازات الفلكية لحفنة من مسؤولين لا يملكون أي موروث حضاري إلا همهم الشاغل بحرق كفاءات الوطن وتغييبهم بشتى الوسائل، هذا بالإضافة لعملية الإخفاء المنهجي المتعمد عن الوجود لكل ما يتعلق حتى برموز التاريخ الأردني وزعاماته المُؤسسة منذ إنشائه في نظرة مناطقية جهوية مقيتة وفي ظل مديونية مالية تبشر بإعصار يهدد الدولة الأردنية بمجملها، رحـيل بلا أثـر ووجود كان دائـما بلا ملامح يا عون.
لا مجاملة على حقوق الشعب والوطن أبقى من المسؤول والأردني صاحب حق أقوى من أي سلطة، أين مشاريع الإصلاح وأين التنمية وأين المتابعة فيما يحدث بملف الملكية الأردنية ومايحدث فيها من عجز مُحزن؟ وأين التدقيق فيما يتعلق ببيع ميناء العقبة؟ وأين العدالة في إثراء أعضاء مجلس النواب ومنحهم إمتيازات حُرم منها أبناء الأردن الذين أوصلوهم لقبة كان الأمل منها أن تسمى قبة التشريع والعدالة؟

أين وأين وأين؟

سؤال للملك عبد الله الثاني هل سيبقى الأردن رهنا بمزاجية الحكومات؟ هل المحاصصة وتوزيع كعكة المناصب للمعارف والأصدقاء وسياسة الإسترضاء هل ستبقى عُرفاً أردنيا رسميا بإمتياز؟ هل حل أزمة البطالة يأتي من تعيين مسؤولين برواتب تتعدى عشرات الألوف من الدنانير شهريا؟ إلا متى سيُؤتى بشخصيات كرتونية ضعيفة بلا شخصية، بلا خطاب أو طابع، بلا حنكة وحكمة قيادية، والأهم بلا حتى مسؤولية وطنية لتسلم زمام الأمور وإدارة دفة البلاد والعباد بمهارة إفتعال الأزمات إلى متى؟ ألا يتطلب الوفاق الوطني تشكيل حكومة مؤسسية ببرامج شفافة لا تزول بزوال الرئيس وتغيير حكومته؟ ألا ينبغي وضع المسؤول المناسب في المكان المناسب حقا؟ ألا ينبغي تضافر الجهود لبناء شبكة صلبة تعزز الإقتصاد الأردني بدلا من توجيه كل الجهد على مسألة تنظيم قانون الإنتخاب وتشكيل هيئة مستقلة للإشراف على الإنتخابات؟ نعم تنظيم العملية الإنتخابية شيء أساسي لتنظيم قواعد اللعبة السياسية بطريقة تخلو من التزوير والفساد نعم هذا شيء مهم لكن الإلتفات إلى الهم الإقتصادي المحزن الناتج عن السياسات الحكومية المتعاقبة شيء له أولوية في هذا الوقت الدقيق والمصيري للأردن، نوهنا في تحليلات سابقة ببعض الرؤى لرفد الإقتصاد الأردني المتهالك بشيء من الأفكار لكن ليس بغريب في الأردن مسح الإبداع ووضع المشاريع الإنتاجية والخطط التطويرية في الجوارير المغلقة والخزائن المحصّنة فهل أسمعت صوتاً يا سيد القرار!

تجاهلت معظم الحكومات إطلاق خطط تشغيلية وإتفاقيات تجارة حرة(Operating Master Plans- Free Trade Agreements) مع دول العالم كافة وذلك لتفعيل تبادل الخبرات الأردنية وخاصة في المجال القانوني المحترف والمجالات الإقتصادية والزراعية والصناعية وفي جميع المجالات وليس مع الدول العربية فقط بل مع الدول الأوروبية ككل فلا يُعقل كما أسلفنا في دراسات سابقة لدولة مثل تونس مثلاً وأغلب الدول المغاربية أن تكون لديها إتفاقيات حكومية متقدمة مع معظم الدول الأوروبية لتبادل وتنشيط إستيعاب الخبرات التونسية والمغاربية في كل المجالات وفي المقابل نرى في الأردن للأسف برغم التفوق في الخبرات لايحرك أحد ساكناً في الجهاز الحكومي لإحداث ثورة إستقطاب مُمنهج لعقد مثل هذه الإتفاقيات لا عربياً ولا دولياً وماهي إلا خطوات حكومية خجولة وعلى إستحياء والسبب طبعاً واضح وهو الإستمرار في سياسة وضع المسؤول غير المناسب في المكان غير المناسب أصلاً، كما نتسآءل مرة أخرى أين تفعيل مدن التجارة الحرة (Free Trade Zones) وأين النُخب الشابة الخبيرة برسم الخطط الإستراتيجية التشغيلية لكافة المشاريع العملاقة داخل هذه المدن بدءاً من تأسيسها مروراً بعقودها التشغيلية وحماية الجوانب البيئية وإنتهاءاً بتصميم نظم العمالة فيها كما هو معمول به في دولة الإمارات والخليج العربي مثلاً وليس كتجربة المناطق التنموية الخجولة والتي للأسف لم تُفعّل كما رُسم لها فضلا عن أن التوظيف بها أضحى لطبقة معينة تخضع لإعتبارات رئاسية!

أين مفاهيم الحلقات الخلاّقة أو الفرق الخلاّقة في الجهاز الحكومي الأردني (Creative Cycles - Creative Teams) أي بث وحفز كل الطاقات المميزة في الجهاز الحكومي ومنحها حرية الإبداع والإبتكار في التطوير وفي كل المجالات ضمن نظم تحمي إبتكارهم وإيصال أفكارهم الخلاقة للرئيس مباشرة ودون عصا المسؤول المسكون بوهم السلطة والتدرج الوظيفي المستغل حُكما بقتل الطاقات والإبداع؟ لازال في الجعبة أسئلة كثيرة لكن نزف الحلول المفقودة إستدعى منا وقفة صمت أردنية!

الأزمة الإقتصادية اضحت واقعا مريرا ينذر بما لا يحمد عقباه والمخاوف على الدينار الأردني ليست بخافية على أحد، وكل ما يحدث على رصيف الدولة الأردنية يستدعي حلا جذريا عاجلا وبعيدا عن مبداء تكميم الأفواه والسياسات الأمنية وأساليب المكاتب المغلقة والإستعلاء عن سماع كلمة الشعب.

أبناء الوطن اضحوا غرباء الوطن يا سادة والبطانة السيئة نهبت وأهلكت الحرث والنسل، وما يحدث في الأردن علامة فارقة على مستوى الوطن العربي والقطار سائر والمُستغرب أن الكل هائمون!

نضُب القلم من حرقة الوطن وأتت الآن حكومة فايز الطراونة فهل هناك فعلا ضوء في نهاية النفق، وهل سنكون بعيدين عن المحاصصة والشللية الجغرافية، وهل سيأتي يوم على الأردن يكون فيه الإنجاز شمس حقيقة تنقذ الشعب من مسلسل الأجندات الخاصة اللامتناهية؟!

أُردنيون غُرباء في أبجدية وطن يستدعي فزعة إصلاح حقيقي وليس هزلي فالإصلاح ليس كلمة تُروى أو رواية للتسلية ومضيعة الوقت، كما أن الإصلاح ليس مسيرة أو حتى إعتصام لكن الإصلاح زلزال نبضه إيمانٌ بوطن لم يبقى منه إلا كلمة حق قبل البركان.


vipyazeed@gmail.com