ويسألونك عن أموال الشعب؟

سواء كتبت أو نثرت نظرياتك – ككاتب سياسي – عبر المايكروفونات أو المحطات الفضائية حول أي من الشؤون الوطنية فسيتصدى لك مواطن بسيط ليسألك أين ذهبت أموال الشعب وكيف تراكمت المديونية علينا لتتجاوز أربعة عشر مليار دينار ؟؟ ويقف آخر متحديا متى تستعيد الحكومة أموال الشعب ( المنهوبة ) .

واذا دعوت الناس الى الصبر ومراعاة عجز الميزانية فسيتهكمون عليك بقولهم ( روحوا حصلوا العجز من الفاسدين ) .

واذا وصل مواطن أخطار رسوم من امانة عمان أو مخالفة سير فسيستشيط غضبا ويصرخ في وجه الموظف المختص ( روحوا تشاطروا على الفاسدين أولا!! ) .

هذا ما نواجهه ونسمعه ككتاب سياسيين أينما ذهبنا , هذا ما يجعل المواطن الحليم حيرانا , والكاتب المحترف أكثر حيرة وأندهاشا , ففي حقيقة الامر فانني عاجز عن أقناع أي مواطن بأي حجج ومبررات لارتفاع الدين العام وعجز الموازنة , ومهما قلنا للناس أن الامر تراكميا وأن الجزء الاكبر من المديونية ذهب الى البنية التحتية , فيقولون لك وأين أموال التخاصية ؟؟

لم نعد قادرين على الحوار مع المواطن بعد أن قرر المجلس النيابي أن البلد خال من الفساد وأن ما يتحدث به الناس وهم وخيال أو اجتهادات في المال العام للمخطىء فيها أجر وللمصيب أجران .

ويوم أمس تناقلت وسائل الاعلام المحلية أحدث بيانات وزارة المالية ومنها أن معدل الاقتراض اليومي للحكومة خلال الاثني عشر شهرا الماضية بلغ ثمانية ملايين ونصف مليون دينار لترتفع المديونية العامة بمقدار ثلاثة مليارات دينار خلال عام واحد فقط! والسؤال الذي يطرح نفسه؟ كيف سيكون الوضع المالي للدولة في نهاية العام الجاري؟ .

وعلى رأي السادة النواب الفساد غير موجود والاخطاء لم يعثر عليها أحد والحكومات كلها رشيدة وتحظى بثقة مجلس الشعب فكيف وأين ذهبت المليارات الاربعة      عشر ؟

من يستطيع أن يقدم للناس كشفا تفصيليا بالمصروفات والقروض منذ العام 1988 حتى الان ؟؟ من الذي يستطيع أن يقدم جردة حساب مالية قانونية تقنعنا جميعا أننا فقط أنفقنا وتوسعنا في الاستثمار في الارض والانسان أكثر من وارداتنا وهاهي الارقام متطابقة حسب الميزان المحاسبي ؟؟ وانتهينا !!

وبصراحة أكثر فنحن بين ثلاثة احتمالات فاما هناك فساد وإما هناك خطأ في إدارة شؤون الدولة أو أهمال متعمد , فاذا تجاوزنا أي احتمال فان الامر يستدعي المحاسبة والمعاقبة على الاحتمالين الاخرين . وباستثاء الفساد ليس بالضرورة أن تكون المحاسبة والعقاب أمام النيابة العامة وانما يكفي فيها الاعتراف بما جرى والاشارة بوضوح الى مرتكبيها وإخراجهم نهائيا من العمل العام .

بدون أن يحصل المواطن على الجواب الشافي فيما سبق فان أي تغيير نحو المستقبل لن يكون أيجابيا .