اخبار البلد_ بسام بدارين _ لا تجد دولة مثل الأردن أكثر من التضامن اللفظي عندما تتواصل مع جارتها
الثرية المملكة العربية السعودية فيما تبرز المزيد من المؤشرات على أن عمان
التي تعاني من أزمة إقتصادية خانقة يقول الخبراء انها ستتحول إلى أزمة
مالية صعبة ومعقدة قريبا لم تتمكن بعد من إقناع السعودية ومنظومة دول
الخليج ليس فقط بتفعيل مشروع الإنضمام للنادي الخليجي ولكن أيضا بتقديم
مساعدة عاجلة تقدر بملياري دولار كانت قد تقررت كتعويض سريع عن فكرة
الإلتحاق رسميا بالنادي الخليجي.
واليوم لا تبدو العلاقات الأردنية
الخليجية في منطقة 'تبادل المنفعة' على الأقل فوراء الكواليس يتواصل شعور
صناع القرار الأردني بأن الذهنية الخليجية تبدلت وتغيرت تحديدا منذ تولى
الأمير نايف بن عبد العزيز مقاليد الأمور في المملكة السعودية رافعا شعار
'السعودية والخليج والأمن أولا وقبل كل شيء'.
هذا الشعار حسب الخبراء
فرض نفسه كإيقاع سياسي على منظومة الخليج فالسعودية التي قطعت شوطا كبيرا
في إطار حلفها الأمني والعسكري مع مملكة البحرين الصغيرة تبدو وقد إستبدلت
إستراتيجتها الخليجية تماما من التحالف إلى الحلف كما يقول مصدر أردني رسمي
مطلع على الحيثيات متوقعا أن يدفع الإقتصاد الأردني قبل غيره ثمن
الإستراتيجة الجديدة التي ستدفع مالا بمقدار الحصول على خدمة فقط مرتبطة
بالحلف الجديد وبتواقيت سعودية بإمتياز.
وفي عمان لا تنجح أطراف مؤثرة
في تحريك آلة الدفع السعودية لإرسال ملياري دولار على الأقل الحاجة لهما
ملحة جدا فقد لاحظ كبير وأقدم وأعرق التجار في الأردن الحاج حمدي الطباع
وفي مجالسه الخاصة مؤخرا بأن شركات تجارية ضخمة جدا إنخفضت فعالياتها
لمستوى 50 بالمئة على الأقل مؤخرا وهي شركات ستغلق في شهر حزيران (يونيو)
المقبل ما لم تحصل إستدراكات.
حتى إحتواء حراك الشارع في الأردن تطلب
تخصيص مبالع مالية طارئة وكلف الخزينة الأردنية مالا كان يمكن إستثماره في
إتجاهات موازية.. كذلك فعل البرلمان عندما قرر الأعضاء راتبا تقاعديا
لأنفسهم بصرف النظر عن وقت خدمتهم في القطاع العام سيكلف الخزينة مبلغا
وقدره.
حتى الإنتخابات البلدية في الأردن أجلت عدة مرات بسبب عدم وجود
مخصصات مالية لإجرائها حيث تبلغ كلفتها نحو 100 مليون دولارا على الأقل.
وفي
كل مجالسات السياسيين في العاصمة الأردنية يمكنك أن تستمع للتذمر من سلسلة
التجاهلات السعودية والخليجية للأزمة الخانقة للإقتصاد الأردني خصوصا
بعدما خفضت الرياض من مستويات كشفها عن المعلومات والأولويات التي تخصها
حصريا، فيما يتعلق بالملف السوري وبعدما أصبحت عواصم المجموعة الخليجية
أكثر ميلا للتحفظ والعمل منفردة وبعدما نجح الأميران سعود الفيصل ونايف بن
عبد العزيز بتطوير وتسويق نظرية تقول بحلف خليجي صلب ومتماسك يعوض فقدان
مصر سياسيا.
وعبرت هذه الإستراتيجات الدبلوماسية السعودية الصلبة عن
نفسها بالأزمة الأخيرة مع القاهرة والتي وصلت لمستوى إغلاق سفارات لكنها لم
تقف عند هذه الحدود بل وصلت إلى مستوى إغلاق قنصليات وهي الخطوة الأكثر
قسوة سعوديا لإنها تعني بدء مسلسل الضغط الإقتصادي والمالي على الشعب
المصري فعبر القنصليات تحديدا يتم رعاية المصالح الفردية واليومية
للمواطنين المصريين.
خطوات الحلف الخليجي الجديد تحاصر مصر إقتصاديا
ودبلوماسيا اليوم وبدأت نواة العمل بالتشكل فعلا عبر البحرين بإعتباره
البلد الخليجي الذي يواجه خطر التمدد الشيعي الأكبر ولاحقا ستنتقل للأطراف.
وعمان
نخبويا لا تخفي خشيتها من أن تدفع كشريك مفترض ثمن الحلف الجديد الذي يطور
تماما صياغات التحالف بإطار أقوى وأكثر صلابة من معادلة مجلس التعاون
الخليجي.
على هذا الأساس ثمة من يرى في الأردن اليوم بأن الإنتكاسه
التي حصلت مؤخرا على صعيد الإصلاح السياسي في المملكة الأردنية بتعيين
حكومة كلاسيكية وبالإجهاض على مساحات التفاهم مع الأخوان المسلمين كقوة
مركزية في الشعب الأردني هي بالأصل إنتكاسه تطلبت تغييرا وزاريا ولها علاقة
مباشرة بالتعاطي مع الإستراتيجية السعودية الجديدة المتصلبة والتي ستحارب
الإنفتاح والإصلاح السياسي وستراقب عدوى الديمقراطية.
وهنا تكشف مصادر
بان السعودية ضغطت بشدة وراء الستارة على القيادة الأردنية حتى تجمد
خطواتها الإصلاحية فأولوية الأمن تعني الحرص على عدم إنتقال عدوى الإصلاح
السياسي وبأي طريقة عبر الحدود داخل مملكة خادم الحرمين.
وقد إبتلع
الأردنيون بكفاءة مؤخرا ما تردد في مجالس ملك البحرين وكبار ساسته مثلا عن
مسؤولية الخبرات الأمنية الأردنية عن عمليات التعذيب التي تثير الجدل في
البحرين بعد أحداث اللؤلؤة الشهيرة وهنا تشر أوساط أردنية بأن المسألة
تتعلق بالتملص من الجانب السيء في إدارة الأزمة بالبحرين بحكم وجود ألاف من
الكوادر الأمنية الأردنية في هذا البلد الخليجي الصغير.
الإعلام
البحريني خصوصا الحديث إتهم كوادر أردنية بالمسؤولية عن تعذيب معارضين في
البحرين وعمان لم تعلق على المسألة رغم علمها بأن الكادر الأردني في الواقع
يأتمر بتعليمات القيادة البحرينية وبأن التعذيب في البحرين كان منهجيا
ومؤسسيا في الماضي وسيبقى كذلك مستقبلا.
والمشاعر الأردنية في هذا
الموضوع كانت سلبية لكنها مكبوتة حرصا على العلاقات الثنائية وسط تقدير
سياسي يعبر عن الخشية من أن تكون هذه المناورة في البحرين مقدمة لتأثيرات
الحلف الفيدرالي الذي تحاول السعودية تشكيله على قاعدة مصلحية ضيقة جدا
وضمن نظام أولويات غير مألوف.