اخبار البلد
لم تكن حكومة فايز الطراونة - المؤقتة - والمكلفة, أساسا, بإنجاز قوانين وهيئات الإصلاح السياسي, هي الملائمة, في رأيي, لمعالجة الأزمة الأردنية التي لن تحلها الانتخابات العامة, ولا البرلمان المقبل, بل الإرادة السياسية للتعامل الحاسم والجدي مع 4 ملفات هي ملف المواطنة والهوية, ملف الفساد, ملف الأزمة الاقتصادية والمالية, وملف التنمية المستندة إلى الإدارة الذاتية في المحافظات.
واقتراحي بهذا الصدد معروف. وهو يتمثل في حكومة ائتلاف وطني تحسم تلك الملفات, وتقرر, بعدها وليس قبلها, على قانون انتخابات توافقي يؤدي إلى برلمان توافقي وحكومة برلمانية. وبذلك نكون قد تخطينا المرحلة الانتقالية بأقل قدر من الخسائر في ظل ظروف إقليمية ودولية معقدة.
لكن من الواضح أن الإرادة السياسية للتصدي الشامل والمنهجي لملفات الأزمة الأردنية, لم تتبلور بعد, وهناك, بالمقابل, استعجال لتجريب حلول جزئية مثل الانتخابات المبكرة التي ستشغلنا بالمنافسة بدلا من المطالب, والركون إلى الحل التقليدي السهل لحل مشكلة المالية العامة من خلال رفع الدعم عن السلع والخدمات المدعومة.
أفهم أن الرئيس المكلف المقيد بنظرة تقليدية لممارسة السياسة, يريد تعويض الأشهر التي ضيّعها رئيس الحكومة السابق اللاهث وراء حل إقليمي للأزمة, من خلال مقاربة معاكسة محلية الطابع. ولكن مشكلة الخصاونة والطراونة أنهما يفتقران إلى المنظور الاجتماعي, كما إلى تقدير الأهمية الاستثنائية للعامل الجديد في السياسة الأردنية, أعني صعود الحركة الوطنية
لا يوجد حل جدي ومستقر للأزمة الاقتصادية والمالية إلا الحل الاجتماعي. وقد فصّلنا بعض جوانبه, أمس, في3 شروط هي تصفية قضايا الفساد والخصخصة,والراتب ¯ الأجر ¯ الاجتماعي, والضريبة الشاملة التصاعدية على الدخل والمبيعات. ولا أحسب أن حكومة الطراونة تملك القوة السياسية اللازمة للقيام بهذه المهمات.
أما التعامل مع الحراك الشعبي كعامل سياسي لم يعد ممكنا تجاوزه, فأظن أن الطراونة يتبع الخصاونة في الركون إلى إنكار الواقع الجديد. لكن بينما كانت الحكومة السابقة تتجاهل الحراك لحساب الإسلاميين, أظنّ الحكومة الحالية تتجاهل الطرفين, إنطلاقا من نظرة سياسية تعود إلى ما قبل .2010
مع ذلك, فلا بد أن نخاطب الرئيس المكلف قائلين: هدّي يا طراونة .. لا تستعجل حلولا جزئية لأزمة المالية العامة, ستضر أكثر مما تنفع, وستضطر للتراجع عنها تحت وطأة انفجار الغضب الشعبي.
بالمقابل, يمكنك القيام بما يلي:
أولا, نفّذ فورا توصية البرلمان بفسخ عقد خصخصة شركة الفوسفات, والتحقيق العلني بملفات الفساد فيها لما بعد الخصخصة. سيكون تنفيذ هذه المهمة التي اغفلتها الحكومة السابقة, فاتحة ثقة بين الحكومة والحراك,
ثانيا, قم بزيارة النائب العام, واعلن قرار الحكومة بإحالة جميع ملفات الفساد إلى القضاء, على أساس التزامن والشمول والحسم في وقت محدد,
ثالثا, شكّل مجلسا من رئيسي اللجنة المالية في الأعيان والنواب وخبراء من ممثلي النقابات والتيارات السياسية والحراك للبحث في رزمة متكاملة لمعالجة مسألة الدعم بما يوازن بين الاجتماعي والمالي, وفق منظور شامل.
رابعا, شكّل لجانا في المحافظات, ومن بين أبنائها خصوصا قادة الحراك, لتحديد احتياجاتها التنموية, لتبحثها, من ثم, لجنة وطنية مركزية وتخرج منها بخطة تنموية متناسقة يتضمنها ملحق للموازنة العامة.
خامسا, سارع بإقرار مشروع معدل لقانون الجنسية الأردنية يلحظ تعليمات فك الارتباط, ويحسم جدل الهوية والتجنيس الخ .