اخبار البلد
جاء كتاب التكليف السامي لحكومة دولة الدكتور فايز الطراونة مؤطراً لأهداف ومضامين واضحة المعالم مطلوب انجازها خلال فترة انتقالية ربّما تمتد لأقل من ثلاثة شهور، وتمهّد لإجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية هذا العام كما أشار جلالة الملك مراراً وتكراراً. ولقد رتّب كتاب التكليف السامي الأولويات والملفات الوطنية المطلوب انجازها وعلى رأسها استكمال انجاز حزمة التشريعات الناظمة للحياة السياسية والاصلاح السياسي على سبيل الوصول للهدف الأسمى ألا وهو الاستحقاق الدستوري للإنتخابات البرلمانية بشفافية وعدالة ونزاهة لغايات توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وخلق مناخ من التعددية والحرية المسؤولة واحترام حرية الكلمة والتعبير عن الرأي.
ولقد تضمّن كتاب التكليف السامي نقاطاً محددة يتطلّب انجازها ضمن فترة زمنية قصيرة لتكون الحكومة مسؤولة عنها، وتشمل هذه النقاط والتي هي بمثابة خطوط عريضة لها لتمشي عليها كالإسراع في تشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات وإدارتها، وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات تحقيقاً للدستور وبحيث لا تتغول أي سلطة على الأخرى، وانجاز قانون الانتخابات بالتعاون مع السلطة التشريعية وبحيث يضمن القانون التمثيل العادل للأردنيين كافة على اختلاف توجهاتهم السياسية أو الفكرية، وتحديد موعد الانتخابات البلدية واجراءها، واجراء حوارات معمّقة مع كافة ألوان الطيف السياسي والحزبي والمجتمعي لغايات ضمان أدنى حد من التوافق الوطني على القضايا المصيرية وتحديد أولويات العمل الوطني،وتبني استراتيجية إعلامية وطنية أساسها احترام رسالة الإعلام وحريته والارتقاء بمستواه المهني وبالمقابل ضمان درء اغتيال الشخصيات واثارة الفتن والنعرات، وضمان تلازم الاصلاح السياسي والاقتصادي وبلورة سياسة اقتصادية واضحة للمساهمة في القضاء على الفقر والبطالة وتوفير فرص العمل ومراجعة سياسات العمل والتشغيل، وتمكين المواطنين اقتصادياً، وتعزيز صندوق تنمية المحافظات، والقضاء على الفساد وتجفيف منابعة، والتركيز على ايجاد مصادر جديدة للطاقة للحد من ارتفاع وتفاقم فاتورة الطاقة العالية جداً والتي تشكّل عبئاً ليس بالسهل على الموازنة العامة للدولة، وضمان التعامل الحضاري مع الحراك السلمي والشعبي وفق الدستور، ودعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، والدفاع عن قضايا الأمة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتعميق التضامن العربي.
والمفاصل الرئيسة آنفة الذكر تشكّل تحديات كبيرة للحكومة في زمن قياسي، وعلى الحكومة أن تسابق الزمن للإنجاز لأنها لا تمتلك ترف الوقت ولا زمن للتباطؤ أو التلكؤ لأن البوصلة واضحة المعالم والأهداف وما عليها الا المباشرة في وضع استراتيجياتها وسياساتها لغايات وضع البرامج الزمنية القابلة للقياس للوصول لبر الأمان وتحقيق النتائج المرجوة صوب الأهداف.
فالسواد الأعظم من المواطنين يعوّلون على الحكومة لحل مشاكلهم الاقتصادية والمساهمة في تحسين حياتهم اليومية أكثر من القضايا السياسية والتي لا تهم سوى النخب السياسية، فحل مشاكل التضخم والحد منها والمساهمة في ضبط الأسعار وتخفيضها للسلع كافة وقانون حماية المستهلك وتعزيز صندوق تنمية المحافظات ودعمه أهم بكثير أو على الأقل لا يقل أهمية عن اجراء الانتخابات النيابية النزيهة والشفافة.
نتطلع الى الحكومة بعين المتأمّل لتعزز فرص الاستثمار وجلبها وجذبها للوطن بل وتعظيمها لأن في ذلك يتحقق توفير فرص العمل للأردنيين وفيه مساهمة للقضاء على مشكلتي الفقر والبطالة، ولهذا فعلى الحكومة أن تبقي أذرعها ممدودة للشراكة مع القطاع الخاص لضمان العيش الكريم للمواطن الأردني، لتعويض خسائر اقتصادنا الوطني وهجرة الأموال التي تزامنت وهبّات الربيع العربي.
فكتاب التكليف السامي جاء شاملاً ومؤطراً لمفاصل سياسية واقتصادية عديدة ويمثّل خريطة طريق للحكومة للسير عليها للمضي قدماً بمسيرة الدولة الأردنية صوب الاصلاحات المنشودة ومحاكاة لغة العصر، وما على رئيس الحكومة المكلّف الا أن يُضمّن تشكيلة حكومته بأصحاب الكفاءة والمشهود لهم بالعمل العام ومن ألوان الطيف المؤمنة بالإصلاح والعمل الدؤوب والقادرة على الانجاز في الزمن المحدد بعيداً عن سياسات الاسترضاء والمحسوبية، وأن تقوم الحكومة بتفصيل برامجها العملية والواقعية المُعلنة لضمان استعادة ثقة المواطنين بها ولتكون عند حُسن ظن جلالة الملك المعظّم بها.