لاري كينغ الأردني و'انشقاق' رئيس الوزراء الخصاونه
اخبار البلد_ دقائق
فقط بعد نشر خبر إستقالة رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة حصل الإشتعال
فكل فضائيات المنطقة مهتمة بهذا الحدث بما في ذلك بعض البقاليات الفضائية
المحلية التي تبث ليلا نهارا رقصات الدبكة والأهازيج الوطنية حتى يثبت
أصحابها أنهم يملكون رقما وطنيا أردنيا.
الرجل عندما استقال كان في تركيا وسرعان ما حاولت فضائية العربية وعلى طريقة الإعلام الشمولي نفي الخبر فخرجت بالعاجل على النحو التالي (رئيس الوزراء الأردني ينفي نبأ إستقالته) .. بعد العربية بدقائق دخلت الجزيرة على الخط فتحدثت عن تضارب في الأخبار المعنية بإستقالة رئيس الحكومة الأردنية المعروف بدوره كشخصية دولية بحكم وظيفته العليا في محكمة لاهاي.
يخرج أحد الزملاء على طريقة لاري كينغ مستخدما يديه على شاشة إسمها (الحقيبة الدولية) فيطرح خطابا عرمرميا يتحدث فيه بطريقة (زهق الحق وظهر الباطل) عن إفتراءات 'القدس العربي' معتمدا على رواية صدرت بالضغط الأمني عن موظف صغير في مقر رئاسة الحكومة تنفي الإستقالة وهي رواية صمدت عدة دقائق فقط وشكلت فضيحة مهنية طازجة لأن القصر الملكي بعدها مباشرة أصدر بيانه بقبول الملك لإستقالة الخصاونة.
لاري كينغ الأردني نسي الشيالات الشهيرة على خصره فسحل بنطاله مهنيا خلال عدة دقائق .. لاحقا وبعد ثبوت الإستقالة فيما كان الإعلام الرسمي الأردني نائما كالعادة دخلت الجزيرة على الخط للمرة الثانية فتبادل الرفاق على صفحات فيسبوك خبرا عن تصريح لوزير الخارجية ناصر جوده (يمتدح) فيه .. تخيلوا يمتدح التغيير الوزاري وينتقد فيه الرجل الذي كان رئيسا له قبل ساعات فقط وهو تصريح منقول يؤكده الجميع عن الصديق جوده لكني أشكك به حتى اللحظة وعلى الأقل أفترض ان الجزيرة أحضرت شبيها لجوده وأجبرته على تعداد مساوئ الفقيد الذي استقال للتو.
حتى فضائية التركية الناطقة باللغة العربية أعلنت نبأ إستقالة الخصاونة بخبر عاجل جدا في اللحظة التي كان الرجل ينزل فيها عن الأدراج الموازية لمكتب رئيس الجمهورية التركي عبدلله غول وما فهمناه من الفضائية التركية أن رئيس الوزراء رجب طيب آردوغان استقبل الخصاونة مع لقب (رئيس الوزراء الأردني المستقيل).
سي إن إن إهتمت بالموضوع ومحطة المنار وتلفزيون المستقبل وغالبية المحطات الإقليمية والعربية .. وحده تلفزيون الحكومة الأردنية بقي في سابع حلم ولم يتطرق للموضوع إطلاقا وفيما كانت وكالات الأنباء تلحق ب'القدس العربي' وتؤكد خبرها بعد ثلاث ساعات قدر أحدهم في الذراع الإعلامي لمقر رئاسة الوزراء بأن الإستقالة إشاعة ولم تحصل وعندما إتصل بي الزميل باسم سكجها لإبلاغي بذلك قلت له: إذا أصروا على النفي لثلاثين دقيقة سأنشر الوثائق التي وعدت مصدري بأن أتجنب نشرها حرصا على اللياقات.
الرئيس المنشق عون الخصاونة
في الطريق تلقيت مئات الإتصالات الهاتفية واعتذرت عن المشاركة في حلقة سريعة عن الموضوع في فضائية جوسات المحلية واتصلت بي فضائية رؤيا المحترمة ... جميع الفضائيات دخلت في هوس التعليق على الحدث وهو ما يحصل لأول مرة فقد سبق أن استقال العشرات من رؤساء الحكومات في الأردن حتى ان الشعب لم يعد يحفظ أسماء الوزراء من كثرة ما تقلبت بهم الدهور.
لكن بالنسبة للخصاونة المسألة مختلفة فالرجل أحيط بعرس إعلامي عندما كلف بالحكومة وفيما كان يقابل بإسم الدولة الأردنية غول واردوغان تم إستدعاء أهم وزيرين في فريقه بطريقة تشبه العبارة الشهيرة للأمير حسن بن طلال عندما قال (أحضروني بمذكرة جلب) واضطر الرجلان عمليا - ومهما تم تجميل الصورة - إلى وضع محرج تماما وسمعا كلاما قاسيا دفع الخصاونة للإستقالة ومن الأستانة على حد تعبير أحد الزملاء.
.. ذلك حصل ويحصل في الأردن دائما ووزارة الخصاونة لن تذكر الأسبوع المقبل فهذا ما تعودنا عليه في عمان حيث لا وفاء لأي رمز إلا وهو في السلطة وعندما يغادرها يتوالد المتبجحون وتتكاثر السكاكين ويتحول من تعثرت بهم أقدام رئيس الحكومة على درج منزله وهم يتسولون وظيفة او نفاقا إلى وطنيين أفذاذ يجرحون بالرجل وينتقدونه بأثر رجعي ما دام حجابه قد سقط على حد تعبير الصديق ممدوح العبادي.
وأكثر ما يؤلم في المشهد عموما هو محاولة تصوير الخصاونة كرجل (منشق) تجرأ على إسقاط كل الإعتبارات المالوفة وقدم استقالته وهو خارج البلاد في زيارة رسمية .. بعضهم وضع إسم الخصاونة بجانب إسم محمد داوود الذي خذل الملك حسين عام 1970 وانشق عن الحكم في القاهرة في حادثة شهيرة... مثل هذا التحليل هو البؤس بعينه فالرجل على حد علمي وإطلاعي وضع أمام خيار بطريق واحد فقط هو الإستقالة، وجيش المستشارين والخبراء في كل مؤسسات المملكة فشل في تجنب الصعود الجماعي لإستحقاق الوقت الدستوري في مسألة دورة البرلمان التي أطاحت بالخصاونة وصنعت الصدام والأزمة لكن أحد ما في مكان ما أراد أن يلبس الرئيس المستقيل العمة الإيرانية وفقا لرواية بديلة نزلت إلى السوق من طراز تلك التي وصف فيها الإعلام الرسمي الأردني يوما محاولة إغتيال خالد مشعل بأنها (طوشة في شارع الجاردنز).
أمم تكالبت على الأردن
مجرد ملاحظة أخيرة : لو كنت مكان الخصاونة - لا سمح الله - لاحتفظت بإعجابي بالشعر الفارسي لنفسي ولآل بيتي وأصدقائي فقد حدثني زملاء في فضائيات متعددة من بينها رؤيا وجو سات وكرامة وكانوا شغوفين بإستضافة (خصم عنيد وشرس) لحكومة الخصاونة.
صحافة الهشك بشك وهي كثيرة في بلادنا إقتنصت الشغف الرئاسي ببعض الأدب الفارسي وبنت عليها قصة درامية متكاملة تتحدث عن دور إيران في دفع الخصاونة للإستقالة من منصبه وبالطريقة التي حصلت لهدف واحد ووحيد يبدو أن طهران مهووسة به وهو التآمر على الأردن على إعتبار أن تل أبيب التي أصبح مفاوضها رئيسا للوزراء صديقة وديعة ومأمونة للأردنيين.
أنا شخصيا سمعت الخصاونة يستعين بمقولة إسبانية مأثورة وببيت من الشعر الصيني ومرة تحدث لنا الرجل عن تجربة البناء العمودي فوق المياه في هولندا وعن إدارة الإنتخابات المستقلة في الهند وعندما سئل عن مبدأ (المقعد التعويضي) في الإنتخابات قال بأن التجربة ألمانية .
ذلك يعني إذا أن الخصاونة جاسوس لكل هؤلاء وأن الصين وألمانيا وهولندا وإسبانيا ومعها الهند كلها أمم لا شغل لها إلا التآمر على الأردنيين عبر إختراق صخرة الصمود والتصدي بواسطة رجل مثقف خرج سابقا من مدينة العميان لكنه أخطأ وعاد إليها بقدميه قبل أن يحظى بلقب (رئيس وزراء سابق) ثم تكرسه إحدى الفضائيات البائسة منشقا عن النظام يتصل بآسيا وإفريقيا بنفس التوقيت وعليه أصبح الرجل بالنسبة لتجار الإعلام الأردني وهم كثر حالة متقدمة من العمل لصالح الأجانب فقط لأنه يحفظ مقولة فارسية أو قصيددة إسبانية .. هنا أتذكر سؤال خيري منصور لعدنان أبو عودة بتصرف: أي غفران يرتجى بعد كل هذا البلاء الإعلامي السقيم؟