مقال منع نشره لحلمي الأسمر :استقال ولم يُقل

فرق كبير في أن تقال أو تستقيل، من النادر أوربما النادر جدا أن يستقيل مسؤول في الأردن، فما بالك بالرئيس؟


عون الخصاونة كسر القاعدة واستقال، وقبلت استقالته على الفور، كأنه كان حملا ثقيلا على مؤسسة الحكم، حتى إذا قدم استقالته أراحها من عبء الإقالة..


تجربة عون الخصاونة، الذي أمضى بضعة أشهر فقط في الدوار الرابع، تستحق أن تدرس مليا، ولربما من المفيد أن نأخذ بعض الاستخلاصات هنا، لعلها تنفع في تشخيص الأزمة الخانقة التي يمر بها الأردن اليوم..


أولا/ أثبتت تجربة عون أن قصة الولاية العامة للحكومة مجرد وهم، ولدينا أكثر من تجربة أقل حجما من تجربة عون، تثبت أنه لا يمكن للرئيس أن يكون رئيسا ما دام لم يأت بإرادة شعبية، بل بمجرد تعيين، شأنه شأن أي موظف صغر أم كبر، ناهيك أن الولايات لا تمنح منحا، إذ لا يمكن لصاحب سلطة أن يتنازل طواعية عن سلطته وهو يملك خيارات أخرى!


ثانيا/ ملف الإصلاح في الأردن متعسر، ومختلف عليه حتى الآن من أصحاب القرار الفاعل، حتى الملك تحدث عن قوى الشد العكسي، وباح أكثر من مرة عن العصي التي توضع في عجلات الإصلاح، وما لم يأتي صاحب القرار بخطوة حاسمة، بضربة مفاجئة، فلا نظن أن ثمة فرصة في نجاة هذا الملف من براثن أصحاب المصالح!


ثالثا/ اختيار رؤساء الوزارات فجأة، وعلى حين غرة، ووفق حسابات قديمة، لم يعد يفيد لا صاحب القرار ولا شعبه، فأنت تسمع عشرات التعليقات التي تشي بنقد مرير لمن يكلف بتشكيل الوزارة، خاصة وإنه من الوجوه المجربة، وله سجل معروف، ولا ينتظر منه مفاجآت، ولا نذيع سرا حين نقول أن طرح اسم الرئيس المكلف كان مفاجأة غير متوقعة، ما يؤكد الحاجة الماسة لتغيير طريقة اختيار الرؤساء، فالأردن يستحق الأفضل، وكل الناس –على رأي العامة- خير وبركة، ولكن المسؤولية شيء، والمجاملة شيء آخر!


رابعا/ قصة الإنتخابات البلدية والنيابية أصبحت قصة مملة، حتى أنه بات لدى الناس قناعة أنها لن تجري أبدا، رغم تأكيدات الملك المتكررة أنها ستجري هذا العام، ويبدو أن هناك أطرافا في الدولة لا تريد المضي في هذا الملف، خوفا من سيطرة الإخوان على البرلمان والبلديات، وهو خوف واقعي، لكن لا مفر منه، ولو جاءوا بقوانين من جهنم، ومن الخير لمن يخشى الإسلاميين أن يتصالح معهم ويستوعبهم، بدلا من الاستمرار في استعدائهم وإقصائهم، ليس لأنهم قدر محتوم، بل لأن الناس جربت غيرهم، ولم يحصدوا إلا الخراب، فليجربوهم، ولنر ماذا لديهم ليقدموه، فلعلهم يملكون مفتاح السعادة في الدنيا والآخرة!


خامسا/ واخيرا.. انتظار ما ستستفر عنه الأوضاع في سوريا ليس في مصلحة الأردن، خاصة وأن لدى القوى الإقليمية والدولية سيناريو بدأت تتضح معالمه، وهو الإبقاء على نظام الأسد حتى انتهاء ولايته، وهذا يعني تجميد للحياة في الأردن، كما تم تجميدها في مرحلة ما، انتظارا لما ستسفر عنه الأوضاع في فلسطين، علما بأن أردنا أقوى ومتصالحا مع ذاته هو أكثر قدرة على مواجهة أي طوارىء أو مفاجآت غربا أو شرقا، أو شمالا أو جنوبا